على مدار عامين ونصف، اعتبر إعلاميون وصحفيون وكّتاب أنفسهم «أبناء» ثورة الخامس والعشرين من يناير التي ثارت على الطغيان وحررت كلمتهم ولكن ما إن وقع انقلاب يوليو حتى تسابقت أقلامهم وألسنتهم تسّب ثورة يناير وتلعنها وتعتبرها مؤامرة «إخوانية – صهيونية» لهدم الدولة المصرية وأن ما أسموه ثورة 30 يونيو هي ثورة لتصحيح ما حدث في «نكسة» يناير!!.
بعد انقلاب يوليو بأيام، تحديداً يوم 20 يوليو نشرت جريدة الوطن مقالة للكاتب محمود الكردوسي تحت عنوان «مرتزقة 25 يناير» قال فيها إن 25 يناير لم تكن ثورة بل كانت انتفاضة شبابية لم تخلو من هوى موجّه، مضيفا أن الشباب كسروا الداخلية وأسقطوها وبذلك أصبح المشهد رخواً لا يوجد به إلا جماعة الاخوان المسلمين والمجلس العسكري، مشيرا الى جماعة الاخوان هى التى أطلقت على انتفاضة يناير لقب ثورة .
وفتحت مقالة الكردوسي ملف مراحل تعامل وسائل الاعلام المختلفة مع ثورة يناير، ففي البداية لم تكن هذه الوسائل صريحة في تشويه ثورة يناير على الرغم من سيطرة فلول مبارك على المشهد، إلا أنه وبعد مرور شهرين على الانقلاب أصبح من الطبيعي إطلاق لفظ «نكسة يناير» على الثورة، على حد تعبير مقال للكاتبة إلهام رحيم في بوابة الشباب التابعة لمؤسسة الأهرام تحت عنوان «نهاية عمرو حمزاوي».
وأضافت رحيم في مقالها الذي نشرته الجريدة الحكومية قبل حذفه من الموقع بعد توجيه انتقادات لاذعة له أن «نكسة يناير جلبت علينا مجموعة من المرتزقة السياسيين الذي مصوا دم الشعب بحجة تخليصه من حكم مبارك فتحولوا لأوصياء عليه .. لا صوت يعلوا علي صوتهم ولا رأي ينفذ إلا رأيهم».
وفي الوقت الذي تفرد فيه الجرائد الحكومية التي تكسب قوتها من دماء الشعب مساحات شاسعة لسّب ثورة يناير من كّتاب لم يظهروا على الساحة إلا بعد الانقلاب, يتم منع الدكتور سيف الدين عبد الفتاح أستاذ العلوم السياسية من نشر مقال له في الاهرام في وقت سابق.
هذا الأمر جعل البرلماني السابق الدكتور مصطفى النجار يستنكر وصف مؤسسة الاهرام لثورة يناير بـ «النكسة» إذ قال فى تغريدة له على "تويتر" «حين تصف أكبر مؤسسة صحفية حكومية فى أحد مواقعها ثورة يناير بأنها نكسة، وبأن الثوار مرتزقة يتأكد لنا أن مخطط اغتيال ثورة يناير مستمر وممنهج».
تشويه شباب الثورة
شباب الثورة والنشطاء السياسيين من حركة 6 ابريل وبعض الحركات الثورية الأخرى الذين كانوا ملىء السمع والبصر وضيوف دائمين على برامج التوك شو لمدة عامين ونصف بعد انقلاب يوليو أصبح ظهورهم على القنوات ضعيفاً ويكاد يكون معدوماً وأصبح مكانهم يحتله من قامت عليهم ثورة يناير ينظّرون لما يسمونه «ثورة يونيو» ويحددون مسارات الدولة.
وقال الدكتور عمرو حمزاوى استاذ العلوم السياسية عبر حسابه على «تويتر» بعد غيابه عن برامج التوك شوك إنه ليس ممتنع عن الظهور التليفزيوني، بل المساحة الإعلامية المتاحة لي ولغيره من المدافعين عن الحريات وحقوق الإنسان هي التي ضاقت بشدة، مشيراً إلى أن أصوات الدولة الأمنية في كل مكان، والتشويه الزائف المعتاد لكل مدافع عن الحريات وحقوق الإنسان برطانة الجهل كخائن وعميل وطابور خامس يتصاعد.
كذلك أحمد ماهر مؤسس حركة 6 ابريل لم يسلم من التشويه والتحريض على المساس بسلامته وسلامة أسرته الامر الذى جعله يطلق تصريحات الاحد الماضى يحمل فيها وزير الداخلية والنائب العام مسئولية سلامته وسلامة اسرته بعد التهديد الذى يتعرض له بسبب تحريض الإعلام المصري ضده ونشر أخبار كاذبة عنه مع عدم إتاحة حق الرد.
وكان ماهر قد قال في تصريحات سابقة لوكالة رويترز أن الثورة عادت إلى نقطة الصفر، وقد تحتاج إلى عقود قبل أن تحقق أهدافها، وذلك بعد خروج مبارك من السجن. وقال ماهر: «فيه موجة جنون في المجتمع، الناس بتقولك لازم إبادتهم، بقى فيه روح كراهية في المجتمع».
كل هذا بعد مرور شهرين فقط من عمر انقلاب يوليو أصبحت ثورة يناير نكسة والثوار قاب قوسين أو أدنى من المعتقلات وتهمة التخابر الرائجة كلا على حسب انتمائه، فإذا كان منتمياً للتيار الإسلامى فالتهمة التخابر مع حماس وإذا كنت غير ذلك فالتهمة تخابر مع دول أجنبية، فماذا سيحدث بعد؟