أرسل إلى بعض الأحباب أحدثَ إصدارات الشئون المعنوية ، أغنية يشدو بها "علي الحجار" معلناً عن تقسيم الشعب المصري ، بقرار رسميّ من السلطة الانقلابية الحاكمة .
قرار بتقسيم الشعب فكريا، وأخلاقياً ،وتاريخياً، و حضارياً، ثم كانت المأساة بقرار التقسيم العقديّ !! و هو تقسيم عقديّ جديد لم يُدرّس إلا في أروقة الشئون المعنوية !! فقد أعلنت سلطة الانقلاب عن تكفير من يعارض الانقلاب ، ليس بالفتوى من كهنة المعبد فقط ، و لكن بالأغاني التي تبشر الأمة بالفجر الجديد ، أو إن شئت فاقرأ بضم الفاء .
ومن الواضح أن الشئون المعنوية استغنت عن الكهنة بعد أن قاموا بدورهم ،وألقت بهم في سلة المهملات !! ليقوم بعدهم الراقصون والراقصات، والساقطون والساقطات بمهمة تثقيف الأمة وتفقيهها، على وزن القُبلة حلال ولا حرام كما قالت أم كلثوم !! فقد أصبح لهؤلاء السفلة في المجتمع الأثر الأكبر من الإمام الأكبر!! والتأثير الرائق من المفتي السابق !!
نعم (لينا ) رب و (ليكم ) رب كما زعمتم !!
إن ربكم الذي تتعبدون له بهذه الجرائم يقينا ليس الله العظيم الذي حرّم البغي و الظلم، يقينا ليس ربنا العظيم الذي حرّم الدماء و الأعراض، يقينا ليس ربنا العظيم الذي خلق الإنسان وكرمة، و حفظ دمه وحرّمه، بل حرم الاعتداء عليه ولو بشطر كلمة !!
يقينا ربكم الذي تزعمون ليس ربّنا العظيم الذي جعل حرمة الإنسان أعظم من الكعبة .
يقينا ليس ربنا العظيم الذي لا يحلّ حرق المصابين!! ويحرّم الاعتداء على المساجد والساجدين، ناهيك عن إحراقها!!وتخريبها !وضربها بالأسلحة و الرشاشات !! وتدنيسها بالأحذية والإهانات !! ثم إغلاقها ومنع الصلاة فيها!! و حرق المصحف الشريف[1] .
يقينا الذي تتعبدون له بالطغبان ليس ربنا العظيم الذي جعل تكريم الإنسان بعد موته واجباً شرعياً، فأوجب على المسلمين تنظيفه وتغسيله، وتطيبيه وتكفينه، وتكريمه ودفنة، وحرّم نبينا الكريم النيل منه أو الإساءة إلية بذكر مساوئه أو بالوقوف فوق قبره، أو الجلوس عليه ،أو كسر عظمه، ناهيك عن إلقاء الجثث في الشوارع و تجريفها بالبلدوزر!! و إضرام النار فيها عن قصد و تعمد،بل تخطيط مسبق !!!
يقينا الذي تتعبدون له بهذه الأفعال ليس ربنا العظيم الذي أدبنا بكتابه فعلمنا (وَقَاتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلاَ تَعْتَدُواْ إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبِّ الْمُعْتَدِينَ) 190 سورة البقرة و أرشدنا إلى الإحسان وكتبة علينا في كل شئ، وكما في الحديث "إِنَّ اللهَ كَتَبَ الإِحْسَانَ عَلَى كُلِّ شَيءٍ. فَإِذَا قَتَلْتُمْ فَأَحْسِنُوا القِتْلَةَ، وَإِذَا ذَبَحْتُمْ فَأَحْسِنُوا الذِّبْحَةَ، وَلْيُحِدَّ أَحَدُكُمْ شَفْرَتَهُ، وَلْيُرِحْ ذَبِيْحَتَهُ ط ، وأعطانا النموذج في التعامل ( لَئِنْ بَسَطتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَا بِبَاسِطٍ يَدِي إِلَيْكَ لأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ * إِنِّي أُرِيدُ أَنْ تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ فَتَكُونَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ وَذَلِكَ جَزَاءُ الظَّالِمِينَ) 28 ـ 29.سورة المائدة
يقينا الذي تتعبدون إلية بهذه الجرائم ليس ربنا اللطيف الخبير ، ليس ربنا الرحمن الرحيم، الذي جعل للمرأة مكانا و مقاما، وحصّن مكانتها ورفع مقامها، فربنا الذي نعبده حرّم الاعتداء على النساء و إهانتهنّ، ناهيك عن التحرش بهن !! و تعذيبهن، وخطفهن من المساجد أو الطرقات أو البيوت !
يقينا ليس ربَّنا العظيم الذي تتعبدون له بقتل الساجدين!! و تعذيب الصائمين! وإحراق المصابين، و تفزيع الآمنين !! وحبس العلماء، وأولي الألباب العاملين، ورجال الدعوة المجاهدين الصامدين!! أنتم تعبدون أهواءكم وشياطينكم .
يقينا ليس ربنا العظيم الذي تتعبدون له بموالاة غير المسلمين، و محاربة الصالحين !! يقينا ليس ربنا العظيم الذي تتعبدون له بمعاداة إخواننا المجاهدين في فلسطين بحصارهم، و تجويعهم، و إرهابهم ، وتشويه صورتهم، و تهديدهم ومقاطعتهم، في الوقت الذي تتواصلون فيه مع الصهاينة المحتلّين!! وتتزاورون فيه مع اليهود الملاعين !! و تنسقون فيه مع الأمريكان الحاقدين !!
نعم آلهتكم أهواؤكم التي لا تعرف الصدق، و لا تأمر بالعدل، ولا تحب الخير، و تدعو للفرقة و التناحر، وتبغض الأخوة و التواصل!!.
أهواؤكم التي تعبدون تدعو للرذيلة، و تكره الفضيلة، و تمجّد الساقطين التافهين، والسُّكارى والمخمورين .. في الوقت الذي تعادي أهل العلم والإيمان ، و تبغض أهل الفضيلة و الإحسان !!!
أنا أدلكم على ربكم الذي تعبدون، و إلهكم الذي له تخضعون، وسيدكم الذي له تسمعون، أنتم تعبدون أهواءكم، وللأسف فإنكم تعبدون الهوى عن علم و ليس جهلا، فالكهنة الذي أحلّوا لكم القتل ليسوا جهلاء ، و لكنهم ضلوا و أضلوا عن علم ، واسمع إلى ربنا العظيم يصف تلك الحالة بقوله سبحانه :
(أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَٰهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَىٰ عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَىٰ سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَىٰ بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللَّهِ ۚأَفَلَا تَذَكَّرُونَ) 23 ـ الجاثية .
إن الكهنة الذين سوّغوا لكم القتل و الحرق قال عنهم ربنا العظيم : (وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانْسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ، وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ ذَلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنَا فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ، سَاءَ مَثَلاً الْقَوْمُ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنَا وَأَنْفُسَهُمْ كَانُوا يَظْلِمُونَ) سورة الأعراف: 175-177.
أنتم تركتم منهج ربنا العظيم ،و جعلتكم الهوى صنما تطوفون حوله ليل نهار ، قال تعالى : (وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ ۚإِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ )
و من هنا فإني أقدم تهنئة لأهالي الشهداء الكرام .
– الذين قتلوا أولادكم، و حرقوا جثامينهم لا يعبدون ربكم العظيم الكريم، إنما لهم رب آخر أعلنوا عنة في اخر منشور لهم !!!!
– و بشرى لأهل الصمود و الثبات، بشرى لأهل المقاومة و الجهاد بأن ربكم العظيم ، وعدكم بالنصر و التمكين، أما عباد الهوى فقد أخبر الله عن مسلكهم في وصيتة لداود عليه السلام ( و لا تتبع الهوى فيضلك عن سبيل الله إن الذين يضلون عن سبيل الله لهم عذاب شديد بما نسوا يوم الحساب ) وقال تعالى ومن أضل ممن اتبع هواه بغير هدى من الله إن الله لايهدي القوم الظالمين .
نعم يا حجار ، نعم ياقادة الشئون المعنوية ، نعم ياقادة الانقلاب ، نعم ياكهنة المعبد…..ليكم رب،ولينا رب .
[1]( وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن مَّنَعَ مَسَاجِدَ اللّهِ أَن يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَى فِي خَرَابِهَا أُوْلَـئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَن يَدْخُلُوهَا إِلاَّ خَآئِفِينَ لهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ) البقرة ـ 114