كتبه: (Jürgen Todenhöfer) في رسالة لمتابعيه علي موقع التواصل الإجتماعي "فيس بوك"
نص الرسالة :
يتناقل الناس هذه الأيام كثير من الهراء عن مصر. وقد زرت مصر أكثر من 10 مرات في العامين ونصف الأخيرين ويمكنني أن ألخص وجهة نظري للأحداث الجارية في مصر في النقاط التالية:
1 ـ الإنقلاب العسكري الحادث في مصر الآن هو أمر غير ديموقراطي وغير قانوني فالرئيس مرسي تم إنتخابه ديموقراطياً لمدة 4 سنوات , أما كونه لم يحكم بشكل جيد فهذا أمر يحدث مع كثير من الحكومات في عالمنا المعاصر ولم يكن ذلك يوماً ما مبرراً لإنقلاب عسكري في أي من تلك الدول.
2 ـ فيما يخص الإنقلاب العسكري في مصر فإن الأمر مرتبط من منظور تاريخي ب"ثورة مضادة" تماماً لثورة يناير السلمية العظيمة فالنظام القديم الذي تم إسقاطه من خلال الثورة السلمية وما تلاها من إنتخابات ديموقراطية أراد بقياداته وكوادره أن يستعيد سلطته و مناصبه وإمتيازاته ولايبدو أنه صراع بين "العلمانيين والإسلاميين" بقدر ما هو صراع من أجل المال والسلطة.
3 ـ الإدعاء بأن الإخوان المسلمين متشددون وإرهابيون ويطمحون إلي إقامة دولة دينية يظهر عدم أمانة الإنقلابيين كما يظهر جهل بعض السياسيين الأوربيين. فمن المعروف أنه بين أوساط الحركات الإسلامية في مصر تُعتَبر جماعة الإخوان المسلمين من أكثر الحركات إعتدالاً وأكثرها نبذاً للعنف بالإضافة إلي كونها جماعة إجتماعية.
4 ـ بالنسبة للعنف الحادث في مصر فإن الإنقلابيين يتحملون المسئولية الكاملة عنه بل وحتي بعضاً مما يعرف ب"العنف المضاد" يتحملون وزره أيضاً فالبلطجية يقتلون ويخربون بالإتفاق وتحت سمع وبصر ورعاية الإنقلابيين ثم يتم إلصاق كل هذه الجرائم بجماعة الإخوان المسلمين ونحن نعرف هذا النوع من البلطجية فقد تعرضتُ أنا شخصياً والمصورة الصحفية جوليا لييب لموقف كنا فيه ضحايا لهؤلاء البلطجية التابعين للنظام القديم وكان ذلك في الذكري الأولي للثورة المصرية في ميدان التحرير 2012.
وهذا النهج إنتهجه الإنقلابيون العسكريون في الجزائر في تسعينينات القرن الماضي حيث قام هؤلاء العسكريون بإبادة قري كاملة حتي يبرروا سحق الحركات الإسلامية الفائزة في الإنتخابات وإبادتها بلا رحمة وهي إستراتيجية منحرفة معروفة تاريخياً تسمي "العملاء المحرضون" (agents provocateurs) وهم عملاء تجندهم الشرطة والمخابرات لإحداث جرائم وإلصاقها بالخصم لتبرير قتله ومهاجمته بكل عنف وهي الإستراتيجية التي لا شك في أن العسكريون المصريون يتبعونها الآن.
5 ـ كدعاة للديموقراطية نطالب بالإفراج الفوري عن الرئيس محمد مرسي وجميع المعتقلين السياسيين وأن يقوم الشعب المصري وليس أي أحد آخر بتحديد مستقبله بنفسه وذلك من خلال إنتخابات حرة ونزيهة تظهر من الذي يريده الشعب المصري حاكماً له, هل الرئيس مرسي أم الجنرال السيسي.
6 ـ سأظل مدافعاً عن حقوق الإخوان المسلمين دائماً طالما ظلوا محافظين علي سلميتهم وبعيدين عن العنف بالرغم من أني لو كنت مواطناً مصرياً لما كنت سأعطي صوتي لحزب الحرية والعدالة لكني كمؤمن بالديموقراطية عليّ أن أحترم نتائج الديموقراطية.
7 ـ إن الطريق إلي ديموقراطية مستقرة في مصر لا يزال طويلاً ففرنسا مثلاً إحتاجت إلي 80 عاماً من الدماء و 70 فترة رئاسة قصيرة والعديد من مديري المدن والإدارات والقنصليات وشهدت قيصران وملك حتي تمكنت من إيجاد طريقها الصحيح نحو الديموقراطية. أما عن المعلقين السياسيين الغربيين والذي يهزون بتعليقات مصابة بالخرف حول عجز العالم الإسلامي عن بناء ديموقراطيات فهؤلاء المعلقون كان من الأحري بهم أن يدرسوا تاريخ أوروبا أولاً قبل أن يحقروا من شأن الحضارات الأخري فحتي في ألمانيا كان الطريق إلي الديموقراطية طويلاً ودموياً لذلك علي المؤمنين بالديموقراطية ألا يصابوا بالإحباط.