(1) http://bit.ly/OJCqyt (حوار ساويرس لقناة أمريكية داعما لمبارك ونظامه الفاسد)
(2) http://bit.ly/mzSEwl (حوار ساويرس على قناة المحور باكياً على مبارك)
(3) http://bit.ly/fmwNCc (حوار ساويرس علىBBC متعاطفاً مع مبارك ورافضاً للثورة والثوار)
(4) http://bit.ly/MKIMkK (حوار ساويرس على قناةONTV إبان ثورة يناير رافضا فكرة رحيل مبارك ونظامه بهذه الطريقة الثورية، ويرى أن قطاعاً كبيراً من الشعب يرفض رحيل مبارك ومؤيداً خروج مبارك معززاً مكرماً مرفوع الرأس)
(5) http://www.nytimes.com/2013/07/11/world/middleeast/improvements-in-egypt-suggest-a-campaign-that-undermined-morsi.html?smid=fb-share&_r=2& (تصريحات ساويرس للنيويورك تايمز عن دعمه حملة تمرد)
(6) https://www.youtube.com/watch?feature=player_detailpage&v=rs8Fz_-7OaM(تهديد ساويرس بنزول الشارع واللجوء إلى العنف للقضاء على المتظاهرين المناهضين للانقلاب)
تخطت التصريحات الأخيرة للسيد نجيب ساويرس كل الخطوط الحمراء ويجب ألا نأخذها مأخذ الهزل وينبغي الرد عليها وتفنيدها. والرد عليها هنا سيكون من ناحيتي الشكل والموضوع، وسيكون مؤسساً له بالشواهد والدلائل. أما من ناحية الشكل، فإن تصريحات السيد نجيب ساويرس غير مقبولة لأنه لا يحق له ابتداءً الحديث باسم الثورة وارتداء ثوبها.. لماذا؟ لأن السيد ساويرس لا تهمه الثورة ولم ينتمِ يوماً إليها، وإنما يهمه فقط الحفاظ على إمبراطوريته المالية التي انتعشت وانتشت في عهود فساد مبارك السياسي ولولاها ما كان.
هل نجيب ساويرس ماهر اقتصادياً؟ بالطبع نعم، ولا يستطيع أحد إنكار ذلك، لكن ما لا ينكر أيضاً أنه كان جزءاً من تحالف السلطة والثروة الذي أسسه نظام مبارك، وتمتع بامتيازات ومحسوبيات بفضل قربه من المتحكمين في مفاصل الدولة. تمكن ساويرس بفضل هذه العلاقة اللصيقة بمبارك وأسرته من أن يوسع نفوذه المالي والاقتصادي ويبني إمبراطوريته الاقتصادية بشكل كبير. صحيح أن نجيب ساويرس له قدرات إدارية كرجل أعمال ناجح، إلا أنه لم يكن ليؤسس هذه الإمبراطورية إلا بانتفاعه من الفساد السياسي لنظام مبارك.
وكان ساويرس يدفع ثمن هذا الانتفاع متمثلاً في تقديم الغطاء الدولي لدعم نظام مبارك وكان يمارس هذا الدور في المحافل الدولية كلما سنحت الفرصة.أحد الدلائل البسيطة على خطاب ساويرس الداعم لنظام مبارك في المحافل الدولية، يتجلى في لقاء له مع قناة أمريكية مع المذيع شارلي روز، حيث قال بالحرف: "أدعم مبارك لأنه يفعل دائماً الصواب لمصر وله علاقات جيدة بإسرائيل ودعم الحرب الأمريكية على العراق" (1) إذن نجيب ساويرس يتحدث مع الأمريكان عن مبارك بما يحبوا أن يسمعوه ليرضوا عنه؛ علاقات ممتازة مع إسرائيل ودعم للغزو الأمريكي للعراق.
وحينما انطلقت ثورة يناير أصبح النظام السياسي الفاسد لمبارك مهدداً، وبما أن ساويرس يلتصق التصاقاً شديداً بهذا النظام واستثمر فيه كثيراً محققاً نماء وازدهاراً لامبراطوريته الاقتصادية، لذا وقف ساويرس ضد الثورة بكل جهده وسخّر طاقات مؤسساته الخدمية والإعلامية لمساندة مبارك، وحاول بكل ما يملك إفشال الثورة وعدم تحقيق أهدافها، لأن ضياع مبارك وأبنائه ونظامه يعني ضياع العديد من المميزات المباشرة لأعماله. فلن ينسى كل من شارك في ثورة يناير كيف تواطأ السيد ساويرس على الثورة المصرية حينما قطعت شركة الهاتف المحمول المملوكة له "موبينيل" الاتصالات عن كل عملائها يوم "جمعة الغضب" في ٢٨ يناير، في محاولة لإفشال تظاهرات هذا اليوم المفصلي من أيام الثورة المصرية، وهو إجراء لم يكن ليحدث من دون موافقة مسؤولي الشركة.
لم تقف جهود السيد ساويرس عند هذا الحد، بل سعى لتوجيه الرأي العام المصري من خلال قنواته الفضائية وصحفه وظهوره الشخصي إعلامياً، للقضاء على الثورة في مهدها. فبكي نجيب ساويرس مبارك وحاول إبقاءه وقال مقولتيه الشهيرتين: "الشباب في الميدان لا يعبرون عن الشعب المصري" و"أدعم استكمال مبارك فترته الرئاسية"، بل وصل به الحد إلى أن تظاهر مؤيداً له ولبقائه.وللسيد ساويرس لقاءات مسجلة على فضائيات "المحور وBBC وOnTV" بهذه المعاني والأهداف تحديدا دون مبالغة. (2) (3) (4)
فشل رهان السيد ساويرس للقضاء علي الثورة في مهدها ، و فشلت مساعيه في إجهاض الثورة مبكراً، فما كان منه إلا أن يركبها، عملاً بمبدأ تجاري شهير ( if you are not able to beat him , buy him ) أي "إذا لم تستطع أن تهزمه، فاشترِه". وفجأة أصبح ساويرس من الثوار! ويتحدث في نفس الفضائيات عن ظلم تعرض له في عهد مبارك، وأصبح داعماً للشباب الذين كان يراهم مرتبطين بالخارج لتنفيذ أجندات، وفتح لبعضهم قنواته وأغدق عليهم الأموال. أسس نجيب ساويرس حزباً سياسياً (استثمار مباشر) ودعم العديد من الأحزاب الأخرى ( استثمار غير مباشر). وتأتي الانتخابات الرئاسية فنجد ساويرس يدعم ويستثمر في أحمد شفيق رمز النظام السابق الذي يعرف جيداً كيف يتعامل معه لتنمية امبراطوريته الاقتصادية.
لكن العملية الديموقراطية أتت بما لا تشتهيه سفن امبراطورية ساويرس، ففشل شفيق ونجح الرئيس محمد مرسي، وهنا كانت بداية تغيير الإستراتيجية.. من ركوب الثورة إلى الانقضاض عليها. والحقيقة أن لمخططات نجيب ساويرس وجاهة تبرر هذه الإستراتيجية الجديدة، فهو ببساطة لن يستطيع الاستفادة اقتصادياً من هذا النظام السياسي الجديد بقيادة الدكتور مرسي كما كان يفعل في عهد مبارك. وبالفعل بدا ذلك واضحاً عندما بدأت الملفات التي كانت مغلقة بأمر نظام مبارك، تُفتح بأمر النظام الديموقراطي المنتخب الجديد وطفا على السطح منها أكبر قضية تهرب ضريبي عرفتها الدولة المصرية والتي قامت بها مجموعة ساويرس الاقتصادية من خلال تحايل على القانون لتفادي دفع ١٢ مليار جنيه ضرائب مستحقة للدولة المصرية.
أُجبر نجيب ساويرس على التفاوض مع مصلحة الضرائب المصرية، فبعد أن رفض سداد أي مبلغ، رفعت مصلحة الضرائب دعوى قضائية تتهمه بالتهرب الضريبي وإخفاء أرباح بلغت ٦٨ مليار جنيه في صفقة بيع شركة "أوراسكوم". عرض ساويرس سداد 4.7 مليار جنيه فقط، رفعها بعد ذلك إلى ٦ مليارات، بينما أصرت الضرائب على أن يسدد ١٤ مليارا، فرفع ساويرس عرضه إلى ٧ مليارات وانتهى التفاوض باتفاق على أن يسدد 7.2 مليار جنيه فقط، على أن يدفع منها 2،5 مليار جنيه (كاش) للخزانة العامة للدولة وتعهد بسداد الباقي على عامين بشيكات بداية من يونيو ٢٠١٤.أدرك ساويرس في خلال هذه الفترة أنه إزاء عهد سياسي جديد نزيه، غير سابقه، سيكون فيه مطالباً بسداد حقوق الدولة وتنتهي غيه أسطورة الربح السهل المبالغ فيه والتي عاش فيها ملتصقاً بدولة فساد مبارك. وأصبح ساويرس لأول مرة مديناً بمليارات للدولة بعدما تعود أن يأخذ منها بغير حساب.
كانت هذه لحظات فارقة، أدرك فيها ساويرس أنه لا بأس من الاستثمار في الانقلاب الذي يمكن أن يعيد الدولة الفاسدة بالمفهوم الذي عرفه ساويرس واعتاد التعامل به. إذ لا بأس من استثمار مئات الملايين من الجنيهات للحفاظ على مليارات المستقبل. وهذا ما فعله ساويرس حين موّل ودعم حركة تمرد مالياً بحسب تصريحاته هو شخصياً لصحيفة النيويورك تايمز بتاريخ 10/7/2013. (5)
أضف إلى هذا دعمه وتمويله جبهة الإنقاذ التي قادت مظاهرات طوال العام الاول لحكم الرئيس محمد مرسي، والتي شهدت عنفا ممنهجاً من ميليشيات مقنعة بقناع أسود عرفت بـ "البلاك بلوك"، حملت فيه السلاح والخرطوش والمولوتوف. ولم يُكشف حتى الآن النقاب عن العقل المدبر والممول لهذه الميليشيات، لكن الأيام المقبلة ستكشف هذا.
ومن ناحية الموضوع، فإن تصريحات السيد ساويرس الأخيرة التي هدد فيها المجتمع المصري باستخدام العنف وحرض على السلم الأهلي تعني أنه بات يائساً بائساً، لاسيما بعد فشل الانقلاب أمام هذا الرفض الشعبي الجارف طيلة الأشهر الخمسة الماضية. فقد قال ساويرس في آخر تصريحات له على هذه الحشود والمظاهرات المتواصلة منذ الانقلاب: "الشعب زهق وتعب.. والكلام دة مش هيكمل، مش هانسيب أكل عيش الناس ومصيرهم في إيد 200/300 واحد. وإن كان الناس الموجودة دلوقت مش هتاخد الخطوة الجامدة خلاص OK إحنا ننزل كشعب إحنا قادرين ناخد دة، مش هما 300/400 واحد.. خلاص…أحنا سايبين الجيش والشرطة تعمل الدور ده لوحدها و ده غلط برده " (6)
هذه التصريحات الهوجاء تبين أن استثمارات السيد ساويرس في الانقلاب أصبحت مهددة وآماله بعودة النظام الفاسد الذي يجيد التعامل معه تتلاشي، لا سيما في ظل تزايد حالة الغضب الشعبي تجاه كل من مول وساهم في دعم الانقلاب مثله مما يهدد مصالح شركاته الخدمية والإقبال عليها في حال انكسار الانقلاب نهائيا قريباً بإذن الله. لذا لم يتورع ساويرس عن تهديد كل من يحاول كسر الانقلاب، حتى ولو هدد هو السلم المجتمعي وحرّض على العنف لإنقاذ ما يمكن إنقاذه. وتبقى أسئلة موضوعية ينبغي توجيهها للسيد نجيب ساويرس:
من أنت ومن تمثل حينما تستخدم "اننا" تركنا الجيش والشرطة ولم نرد التدخل؟
وان كان عدد المتظاهرين ٣٠٠ أو ٤٠٠ كما تدعي، فلماذا عجزت القوة العسكرية والقتل والاعتقال في أن تخمد أصواتهم؟ أليست مقولتك هذه "ان المتظاهرين الموجودين في الشارع لا يعبرون عن المصريين" هي نفسها التي قلتها عن الثوار في الأيام الاولى للثورة في يناير وفبراير ٢٠١١؟
وهل هناك علاقة بين ما صرّحت به وبين أول ظهور جديد لـ "البلاك بلوك" يوم الثلاثاء الماضي؟
هل تتصور ما هي العقوبة التي يعاقب عليها القانون -إذا احتُرم- في بلادنا على تلك التصريحات الهوجاء؟
ألا تعلم أنك تسكب الزيت على النار وتحرض على العنف و الإحتراب الأهلي ؟
ويبقى الأهم من الخطاب التحريضي للسيد ساويرس في هذا الوقت الحساس، هو تلك اللهجة الواثقة التي يتحدث بها وكأنه صاحب القرار فوق مقدرات مصر من جيش وشرطة، وأن قراره نافذ بعد أن يتركهما يقومان بدورهما في إخماد صوت المصريين المطالب بالحرية، فإن لم يستطيعا فله هو شأن آخر. هل امتلك السيد ساويرس مصر ليتحدث هكذا؟ ثم ألم يكفك يا سيد ساويرس آلاف الشهداء من المصريين الذين قدّموا أرواحهم رخيصة حتى تتحرر مصر من الاستبداد والفساد من ٢٥ يناير ٢٠١١ إلي الآن.
أنصح السيد ساويرس بأن يكون نجيباً ويبدأ في ترتيب أحواله وتأهيل نفسه على أن الانقلاب زائل وأن الثورة ستنتصر لا محالة، وأقول له: "إن رهانك الثاني على فشل الثورة وعودة نظام مبارك خاسر أيضاً، فاجعل جل تركيزك في تسديد باقي المليارات السبعة المستحقة عليك لخزانة الدولة لأن مصر تحتاج إليها يا نجيب".
وأخيراً يا سيد ساويرس.. مرحباً بك رجل أعمال ناجحاً تسهم في بناء مصر وتستثمر بها وتخلق فرص العمل للمصريين وتسدد حقها عليك في دولة يسودها الديموقراطية والقانون، ولا مرحباً بك وأنت تحرض ضد المصريين وتسعى مجدداً لإخماد ثورتهم على نظام مبارك الفاسد الذي سعيت جاهدا لاستعادته ..لا مرحباً بك وأنت متهرب تنتفع بمليارات الشعب دون وجه حق وتنفق أموالك في محاولة يائسة لتُعيد بلادنا إلى عصور الاستبداد والفساد لتنتفع أنت وأسرتك بمصالح ضيقة.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
نائب رئيس حزب الوسط*
هوامش