في 21 ديسمبر الماضي نشرت وكالات الأنباء أن الرئيس المصري المؤقت "عدلي منصور" أصدر قراراً بتشكيل لجنة مستقلّة لجمع المعلومات والأدلة وتقصّي الحقائق عما وقع من أحداث في 30 يونيو الماضي وتوثيقها وتأريخها، وحسب بيان صدر عن رئاسة الجمهورية في مصر فإن هذه اللجنة يرأسها القاضي الدولي السابق وأستاذ القانون فؤاد عبد المنعم رياض، وتشمل عضوية اللجنة كلا من السفير عبد الرؤوف الريدي سفير مصر السابق لدى الولايات المتحدة الأميركية وحازم عتلم أستاذ القانون الدولي بجامعة عين شمس.
ومحمد بدران أستاذ القانون الدولي العام بجامعة القاهرة، واسكندر غطاس مساعد وزير العدل السابق للتعاون الدولي، والمستشار عمر مروان مساعد وزير العدل ورئيس لجنة تقصي الحقائق في أحداث 25 يناير أمينا عاما للجنة.
حتى الآن الخبر عادي وكل يوم تشكل لجان في مصر منذ ثورة 25 يناير للتحقيق في حادث أو حوادث سرعان ما تذهب تقاريرها أدراج الرياح وأبرزها تقرير لجنة تقصي الحقائق عن أحداث 25 يناير التي كان يرأسها المستشار عمر مروان والتي أعدت تقريرا خطيرا عن الأحداث ومرتكبيها، وقد أجريت معه حلقة مطولة مدتها ساعتين بداية العام 2013 حول تقرير اللجنة وما تضمنه من معلومات تدين أطرافا كثيرة ممن هم في السلطة الآن
،
لكن الغرابة في تشكيل هذه اللجنة الأخيرة هو أن كل أعضائها وعلى رأسهم رئيسها القاضي فؤاد عبد المنعم رياض أعلنوا في تصريحات تليفزيونية وصحفية نشرت في 23 ديسمبر أنهم لم يعلموا شيئا عن أمر هذه اللجنة إلا من خلال وسائل الإعلام، وأن أيا منهم لم يتلق أي اتصال من رئاسة الجمهورية لتكليفه بعضوية اللجنة أو أي دور له فيها، رغم مرور يومين على بث الخبر،
وحينما عدت إلى قرار تشكيل اللجنة وجدته مليئا بالتخبط والضبابية وعدم الوضوح فليس معلوما هل هي لجنة تحقيق في الجرائم التي ارتكبت من قبل الانقلابيين بعد 30 يونيو أم لجنة توثيق أحداث، وليس هناك أي وضوح لصلاحيات اللجنة أو الدور المطلوب منها، وحينما تعمقت في الأمر وجدت أن الأمر لا يعدو كونه محاولة من قبل سلطات الانقلاب للقفز إلى الأمام
وكان ذلك بعد المعلومات التي تم تدوالها على نطاق واسع من تحرك دولي لمحاكمة الانقلابيين أمام محاكم دولية وأن المحكمة الجنائية الدولية قد قبلت بالفعل النظر في بعض الدعاوى المرفوعة من قبل أهالي ضحايا رابعة والنهضة، كما قام بعض أهالي ضحايا آخرين لديهم جنسيات أوروبية برفع قضايا أمام محاكم تلك الدول حيث تسمح قوانينها بقبول مثل تلك الدعاوى وأبرزها إسبانيا وبريطانيا وبلجيكا،
وأن هناك عشرات من قيادات الانقلاب سواء السياسيين أو العسكريين سيتم ملاحقتهم في تلك الدول فور خروجهم من مصر، وبالتالي فإن الإعلان عن تشكيل هذه اللجنة بهذا التخبط في القرار وعدم علم أعضائها بها إلا من خلال وسائل الإعلام ليس سوى تمثيلية لمحاولة تفويت المجال على الملاحقة الدولية والإعلان أن هناك تحقيقا داخليا يجري لمعرفة الجناة
، لكن هذه المحاولة الفاشلة سرعان ما تم فضحها من قبل أعضاء اللجنة الذين يجب عليهم أن يحافظوا على كرامتهم وتاريخهم وألا يكونوا غطاء لجرائم الانقلابيين أو شركاء فيها.