منذ ثورة يناير 2011 وبدأت الأنظار تلتفت من جديد إلي المؤسسة الدينية في مصر خاصة في ظل تصريحاتهم المثيرة للجدل والتي لم تعبر عن آراء ملايين المصريين والتي لم تنحاز لغضب الشارع بقدر انحيازها للنظام القائم وهذا حسب تصريحات لقادة هذه المؤسسات منذ بداية الأحداث حتي نهايتها وهنا نحاول ان نلمس التحول التاريخي في در المؤسسة الدينية في مصر حتي صار دورها معبرا عن السلطة وأقرب إليها من الشارع .
الأزهر 25يناير: التظاهرات حرام شرعا
وقف أحمد الطيب عضو لجنة السياسات بالحزب الوطني المنحل الذي تولى منصب شيخ الأزهر في 19 مارس 2010، ضد ثورة 25 يناير 2011 بكل قوة وعمل على التسفيه من المشاركين فيها، وطالب المتظاهرين بالعودة إلى منازلهم معتبرًا أن ما يقومون به هو "دعوة للفوضى" واعتبر أن تواصل التظاهرات "حرام شرعًا"
ولم يكن موقف الطيب مستغربًا فهو كان لفترة عضوًا في لجنة السياسات بالحزب المنحل تحت رئاسة جمال مبارك، وحين سُئل عن أيهما أهم لمصر الأزهر أم الحزب الوطني اعتبر أن الاثنان مثل الشمس والقمر والليل والنهار يتكاملان، وأن الأزهر هو المستفيد من الحزب الوطني.
وكمثل الكثيرين، تغير موقف الطيب بعد نجاح ثورة 25 يناير في خلع "مبارك" وخرج مؤيدًا ومادحًا لشباب الثورة، وزاعمًا أن موقفه كان خوفًا على دماء الشباب والوطن
الأزهر30 يونيو : الخروج علي ولي الأمر سلميا يجوز
وبالنظر إلى موقف الطيب من ثور 25 يناير، فإن موقفه من الدعوة إلى تظاهرات 30 يونيو الداعية إلى إسقاط الرئيس المنتخب كانت على النقيض تمامًا فقد أصدر الطيب بيانًا في 19 يونيو 2013، يعتبر ضوء أخضر، وبمثابة دعوة وتجميل للنزول ضد الرئيس الشرعي، بالتأكيد على أن الخروج على ولي الأمر الشرعي في "مظاهرات سلمية" جائز شرعًا، وأن الخروج المسلح على الحاكم مجرد "معصية" ولا يكفر فاعله.
بيت العائلة يدعم الانقلاب
وفي 2 يوليو أصدر ما يعرف بـ"بيت العائلة المصرية" الذي يضم الأزهر والكنيسة بيانًا بشأن الأحداث الجارية في البلاد، والغريب أن البيان أكد على "عدم الزج بالدين في الصراع السياسي"، وهو ما يناقض المشهد في اليوم التالي الذي ضم الطيب وتواضروس وهما يعلنان دعمهما للانقلاب العسكري والإطاحة بالرئيس المنتخب.
ومع وقوع مجزرة الحرس الجمهوري في 8 يوليو 2013 خرج الطيب على شاشات التلفزيون المصري بتسجيل صوتي معلنا "استنكاره"، وأنه نوى "الاعتكاف" في بيته حزنا علي الأرواح التي أزهقت، ولكنه لم يوجه في الوقت ذاته أية إدانة لمرتكبي المجزرة، مكتفيًا بالمطالبة بفتح تحقيق، وتشكيل لجنة مصالحة خلال يومين وهو ما لم يحدث بالطبع.
الطيب:علي معتصمي رابعة العودة لمنازلهم
وبعدها بيومين في 10 يوليو2013، طالب الطيب، في كلمة أذاعها التليفزيون المصري بعد إفطار اليوم الأول من رمضان، جميع المعتصمين بأن يعودوا إلى منازلهم ويبدأوا حياة جديدة يعلوها الرضا والاستقرار، على حد قوله.
وما لبث شيخ الأزهرعدة أيام، حتى خرج مرة أخرى على الناس لدعوتهم للنزول يوم 26 يوليو 2013 لمنح وزير الدفاع عبد الفتاح السيسي التفويض الذي طلبه لمحاربة ما اسماه "الإرهاب والعنف المحتمل"، وأنهى بيانه بشأن هذه الدعوة بقوله " أيها المصريون هبّوا الآن لإنقاذ مصر مما يتربص بها وأنتم قادرون على تجاوز هذه الأزمة وهذه المحنة وتوكّلوا على الله تعالى".
وبعد ساعات قليلة من التفويض وقعت مجزرة المنصة وكعادته اكتفى الطيب بإدانة واستنكار سقوط ضحايا، وإن كان هذه المرة قد طالب بتحقيق قضائي عاجل وإنزال العُقوبة الفوريّة بالمجرمين المسئولين عنه أيًّا كانت انتماءاتهم أو مواقعهم، على حد قوله، في استمرار لأسلوب الإدانة المريبة للطرفين.
مستشار الأزهر يحمل الإخوان مسئولية الدماء قبل المجزرة
الغريب والمريب في الأمر أن مستشار شيخ الأزهر د. محمد مهنا قال في تصريحات له على قناة الجزيرة مباشر مصر يوم السبت 10 أغسطس إنه يحمّل جماعة الإخوان المسلمين مسؤولية "الدماء التي ستُراق" إذا رفضوا دعوة شيخ الأزهر للحوار، وهو ما يشير إلى أن الدعوة كانت تهدف إما للتغطية على موعد فض الاعتصامين الذي يوافق يوم الاجتماع، أو لتكون مبررًا للمجزرة بدعوى رفض الإخوان لها.
واكتفى الطيب هذه المرة بالأسف والترحم على "الضحايا" دون إدانة للقتلة أو طلب تحقيق فيما حدث، داعيًا "جميع الأطراف إلى ضبط النفس وتغليب صوت الحكمة والعقل، والحفاظ على الدماء الزكية بكل السبل، والاستجابة إلى الجهود الوطنية للحوار والمصالحة الشاملة"!!.
ولم يكد يمر يومان على المجزرة البشعة التي راح ضحيتها آلاف الشهداء والمصابين، حتى أقدم الطيب يوم الجمعة 16 أغسطس على تقديم الشكر لملك السعودية على مساندته لسلطة الانقلاب فى حربها ضد ما أسماه الإرهاب رغم أن هذه الذريعة "الحرب على الإرهاب"، كانت وراء هذه المجزرة.
دار الإفتاء : 25 يناير فتنة
وكما كان للأزهر ممثلاً في شيخه أحمد الطيب موقفًا رافضًا لثورة 25 يناير ومؤيدًا لانقلاب 3 يوليو، سار على نفس الدرب علي جمعة الذى كان يشغل منصب المفتي وقت الثورة، وبعد خروجه من منصبه كان له دور في تأييد الانقلاب بصفته عضو هيئة كبار العلماء وعضو في مجمع البحوث الإسلامية التابع للأزهر الشريف.
ففي خضم ثورة 25 يناير التي اعتبرها "فتنة"، طالب جمعة المتظاهرين العودة إلى بيوتهم وعدم الخروج على الشرعية، مادحًا الرئيس المخلوع حسني مبارك، زاعمًا أن الأغلبية والشرعية مع مبارك،ووصل الأمر بأن أفتى "علي جمعة" بعدم صلاة الجمعة خلال أيام الثورة بدعوى "خوف الفتنة".
الإفتاء : يجوز عزل مرسي
ولم يكتف جمعه بتأييد الانقلاب بل قال في لقاء تلفزيوني أنه أفتى لصاحب القوة (في إشارة للجيش) بجواز عزل الرئيس الشرعي محمد مرسي بدعوى أن شرعيته سقطت.
كما صدر تسريب لجمعة يثبت تورطه في الإفتاء بجواز قتل المعارضين للانقلاب العسكري بدعوى أنهم "خوارج"، وهو ما تسبب في المجزرة الكبرى التي وقعت أثناء فض اعتصامي رابعة العدوية والنهضة.
ورغم نفي جمعة قبل ظهور التسجيل المسرب أنه أفتى بقتل المعتصمين من رافضي الانقلاب، إلا أنه تسريب التسجيل لم ينكره بل أكد أنه تم تسجيله في "إدارة الشئون المعنوية" التابعة للجيش لكي يتم عرضه على الجنود في وحداتهم، وجدد قوله بأن من يخرج على الجيش والشرطة يجب قتله.
الأوقاف تصف المعارضين بالبغاة
ونفس هذا الموقف اتخذه الدكتور سالم عبد الجليل وكيل وزارة الأوقاف للجنة علوم السنة والسيرة بالمجلس الأعلى للشئون الإسلامية، والذي ظهر في فيديو مسرب من الشئون المعنوية يدعو إلى قتل المعارضين ويصفهم بالبغاة، ويستنكر موقف رافضي الانقلاب الذين وصفهم بأنهم دعاة فتنة، وقد ظهر معه في نفس التسجيل الداعية عمرو خالد"، وبدا واضحًا أن المكان الذي تم التسجيل فيه واحد للثلاثة .