شبكة رصد الإخبارية
follow us in feedly

فى عهد الإنقلاب.. الكنيسة “أزهر مسيحى”

فى عهد الإنقلاب.. الكنيسة “أزهر مسيحى”
في إطار متابعتنا لمواقف المؤسسة الدينية في مصر ومن خلال رصد مواقف الكنيسة المصرية بفروعها الثلاثة فإنها لم تختلف...

في إطار متابعتنا لمواقف المؤسسة الدينية في مصر ومن خلال رصد مواقف الكنيسة المصرية بفروعها الثلاثة فإنها لم تختلف كثيرا عن موقف الأزهر وعلي حد قول باحثين أقباط أن الكنيسة كانت المعرقل الأكبر لنظام الرئيس مرسي فهي تفضل النظام السابق "نظام المخلوع" عن الثورة والديمقراطية إذا تمكنت قوي إسلامية من خلالها بالوصول للحكم.

 

الكنيسة : ملايين الأقباط يؤيدون مبارك

 

لم يختلف كثيرًا موقف الكنائس المسيحية المصرية الثلاث (الأرثوذكسية والكاثوليكية والإنجيلية)  عن موقف الأزهر حذر رأس الكنيسة الأرثوذكسية "الأنبا شنودة الثاني" الأقباط من المشاركة في الثورة الشعبية، بدعوى أنها ستؤدي إلى الخراب وزعزعة الاستقرار، وقال شنودة في تصريحات للتلفزيون الرسمي أن ثمانية مليون قبطي – وفق تقديراته- يؤيدون مبارك.

 

وبعد انتهاء حكم المخلوع قالت الكنيسة الأرثوذكسية في بيان لها إنها تؤيد الثورة الشعبية التي أطاحت بنظام حكم مبارك وحيت الكنيسة في بيانها "شباب مصر النزية الذي قاد ثورة قوية وبيضاء"، كما ترحمت على "شهداء الوطن الذين مجدتهم مصر قيادة وجيشا بل مجدهم الشعب كله"، على حد قول البيان.

 

حبيب : عنف تظاهرات2012 اعتمد علي المسيحيين

 

ويشير المفكر القبطي رفيق حبيب في دراسته "مظاهرات العنف.. انتحار سياسي" إلى أن المظاهرات العنيفة التي بدأت منذ نوفمبر من عام 2012 ، أظهرت حضورا واضحا لأنصار النظام السابق، والكتل المسيحية، والكتل العلمانية؛ وأصبح العنف يدار من أجهزة وتنظيمات النظام السابق أساسا، وأعتمد هذا التحالف أساسا على المسيحيين، لتوسيع دائرة المتظاهرين.

 

ويوضح حبيب أن "الكتل المسيحية، لديها خصومة عميقة مع القوى الإسلامية والمشروع الإسلامي، مثل الكتل العلمانية، مما يجعلها عمليا تفضل النظام السابق على الثورة وعلى الديمقراطية،، مشيرًا إلى أن "أغلب الكتل المسيحية تميل إلى رفض الديمقراطية ورفض الثورة، إن كان نتيجة التحول الديمقراطي هو وصول الإسلاميون للحكم"

 

المتحدث باسم الكنيسة : حشدنا ضد الإعلان الدستوري

 

وقد اعترف الدكتور رفيق جرجس المتحدث الصحفي باسم الكنيسة الكاثوليكية بحشد كنيسته لأتباعها للنزول في التظاهرات ضد الإعلان الدستوري، حيث قال: إن أبناء كنيسته بالكامل في ميدان التحرير، مشددًا على أن جميع الأقباط نزلوا ميادين مصر وميدان التحرير لرفض الإعلان الدستوري، والمطالبة بإسقاطه من كل الطوائف القبطية والكهنة.

 

ويقول حبيب في دراسة أخرى بعنوان "الكنيسة والسياسة.. الغائب رغم الحضور"، إن مواقف الكنيسة تجاه الرئيس مرسي كان متخبطًا فتارة تعامله الكنيسة على أنه رئيس الدولة ، وتتعامل معه في أحيان أخرى، باعتباره ممثلا لجماعة الإخوان المسلمين، مدللا على ذلك برفضها حضور جلسات الحوار الوطني التي دعا إليها الرئيس فيما وافقت على وجود أعضاء تختارهم في مجلس الشورى.

 

وقد كان للكنيسة موقفًا رافضًا لمواد الهوية الإسلامية في دستور 2012، وخاصة المادة 219 المفسرة لمبادئ الشريعة والجزء الخاص برأي الأزهر في المادة الرابعة، وانسحب ممثلو الكنائس من الجمعية التأسيسية في اللحظات الأخيرة في محاولة لعرقلة تمرير الدستور.

 

ومع إقرار الدستور، ودعوة الرئيس محمد مرسي للقوى السياسية بإرسال التعديلات التي يريدون إدخالها  على الدستور وتعهده بتقديمها لمجلس النواب فور انتخابه للنظر في تعديله، قدمت الكنيسة عدة تعديلات كان أهمها إلغاء المادة المفسرة للشريعة.

 

الكنيسة.. دعوات بالظاهر تختلف عن دعوات الداخل

 

مع تصاعد الدعوات لإسقاط الرئيس المنتخب، وبدء حملة تمرد، شارك المسيحيون بقوة فيها، وبدأوا الاستعداد للحشد والنزول في 30 يونيو، واجتمع مجلس الكنائس المصرية في دير الأنبا بيشوي، بوادي النطرون في 11 يونيو 2013، لمناقشة تظاهرات 30 يونيو، ورغم خروج المجتمعين بتصريحات من قبيل إن المشاركة في التظاهرات أمر شخصي وأن الكنائس لا توجه أحد بالنزول فإن الواقع كان يقول بخلاف ذلك، وتسربت من داخل الكنائس العديد من الأخبار التي تؤكد على دعوة الكنائس تابعيها إلى المشاركة في التظاهرات.

 

 وقد لعبت الكنيسة الأرثوذكسية، خاصة، دورًا كبيرًا في التخطيط والحشد لتظاهرات 30 يونيو، وكانت أعداد المسيحيين الذين حشدتهم الكنيسة بمشاركة القساوسة والراهبات ظاهراً للعيان في مظاهرات قصر الاتحادية والتحرير.

 

بالمواقف.. الكنيسة أقوي داعمي الانقلاب

 

وبعد أن انتهت تظاهرات 30 يونيو 2013 وانفض الميدان، وبدأت عمليات الخداع الإعلامية وأسطورة الـ30 مليون مواطن الذين خرجوا إلى الشوارع، أصدر السيسي في 1 يوليو 2013 البيان الذي أمهل فيه الطرفين مهلة يومين لحل الأزمة أو يتدخل هو واضعًا خارطة الطريق المستقبلية، والذي قوبل بفرحة عارمة من جانب الكنائس المصري، وفي تغريدة له عبر موقع التواصل الاجتماعي تويتر، تقدم تواضروس بتحية حارة إلى الجيش والشباب وأنصار جبهة الإنقاذ.

 

وقال تواضروس : "ما أروع الشعب المصري وهو يسترد ثورته المسلوبة بأسلوب حضاري فائق الرقي، بفكرة "تمرد" وشبابها المضحي العظيم.. أنا أصلي من أجل جميع أهل مصر".

 

ومن جانبه، أرسل الأنبا رافائيل – سكرتير المجمع المقدس – تحيته للجيش على إعلانه، فيما قال الأنبا موسى، أسقف الشباب، على حسابه على «تويتر»: «تحية لصمامي الأمن في مصر الأزهر والكنيسة، وعلاقة المحبة بين قداسة البابا تواضروس وفضيلة الدكتور الشيخ الطيب».

 

وقال القس "بيشوى حلمي"، أمين عام مجلس كنائس مصر، إن "بيان القوات المسلحة رائع، ويعكس حبها الشديد للشعب المصري".

 

وفي اليوم التالي كان تواضروس يقف على منصة الانقلاب ليعلن تأييده للانقلاب العسكري، ويصف "خارطة الطريق" التي "جاءت باتفاق كل الحضور"، وفقًا لقوله بأنها "وضُعت من قبل أناس شرفاء دون إقصاء أو استبعاد أحد" وأنهم "وضعوا بهذه الخريطة كل العناصر التي تضمن سلامة الطريق، وراعوا فيها الرؤية المستقبلية علي المديين القريب والبعيد".

 

واعتبر تواضروس في تدوينة له على تويتر أنه "بعد 40 عاما عادت روح أكتوبر المجيدة والتحام الجيش والشعب والشرطة بروح الشباب النابض لتحقيق ما يذهل العالم"، على حد قوله.

 

ووجه تواضروس رسالتي تهنئة باسم المجمع المقدس للكنيسة القبطية الأرثوذكسية والمجلس الملى العام وهيئة الأوقاف القبطية لكل من الرئيس المعين من قبل الانقلابيين المستشار عدلي منصور، والمستشار عبد المجيد محمود، النائب العام بعودته إلى منصبه.

 

وبدوره وجه الدكتور القس صفوت البياضى رئيس الكنيسة الإنجيلية رسالة شكر للجيش على الدور الذي قام به في الانقلاب على الرئيس المنتخب.

 

ولم تتأخر الكنائس عن تلبية دعوة السيسي للنزول وإعطائه "التفويض"، حيث أعلنت الكنائس تأييدها لدعوة الاحتشاد في الشوارع والتظاهر لتفويض السيسي ضد ما أسماه "مواجهة الإرهاب". ونقلت وكالة الأناضول عن القمص سرجيوس سرجيوس وكيل بطريركية الأقباط الأرثوذكس، أن "الكنيسة ترحب بدعوة السيسي لإنهاء الإرهاب بالبلاد وكلمة السيسي جيدة جداً، لتأكيد نية الجيش الصادقة للقضاء علي الإرهاب" على حد تعبيره.

 

في حين قال الدكتور أندريا ذكي نائب رئيس الطائفة الإنجيلية في مصر :"إن الجيش يحتاج "دعما شعبيا" خلال المرحلة الفارقة في تاريخ البلاد، وتفويض الشعب يتضمن القضاء على الإرهاب للحفاظ على أمن المصريين".

 

وبعد تعطيل الدستور وتشكيل ما تسمى "لجنة تعديل الدستور" قدمت الكنائس مذكرة بالتعديلات التي ترغب في إدخالها على الدستور طالبت فيها بحذف المادة 219 الخاصة بتفسير مبادئ الشريعة وتعديل المادة الرابعة بما يلغي أخذ رأي الأزهر الشريف وهيئة كبار العلماء المتعلق بالشريعة الإسلامية والإصرار على إلغاء دور المجتمع في حماية الأخلاق والقيم، والدعوة كذلك إلى إلغاء الفقرة الثانية من المادة 81 التي تنص على أن ممارسة الحقوق والحريات تتم في إطار مقومات الدولة، والدعوة إلى إلغاء الأحزاب الإسلامية؛ وذلك من خلال مطالبتها بالنص على دعم جواز تأسيس الأحزاب على أساس ديني.

 

وقد جاءت التعديلات التي أدخلتها اللجنة وأعلنت عنها مؤخرًا لتكون أهم ما حصلت عليه الكنيسة بعد دعمها الانقلاب، خاصة أنه قد تم الأخذ بمعظم ما طالبت به مذكرة الكنائس وخاصة إلغاء المادة 219، وتعديل المادة (4) وحذف المادة 44: التي تنص على أنه (تُحظر الإساءة أو التعريض بالرسل والأنبياء كافة

 

الأزهر"كنيسة إسلامية".. والكنيسة "أزهر مسيحي"

 

قال الكاتب الصحفي كريم محيي الدين في مقاله نوفمبر الماضي بأحد المواقع الإخبارية في حديثه عن الدور الذي تلعبه المؤسسة الدينية أن الأزهر في دولة العسكر "كنيسة إسلامية" تضمن لهم احتكار تمثيل ما يسمونه زورا "الوسطية الإسلامية"، وبطريقة أشبه ما تكون بالدور الذي تلعبه الكنيسة في الحديث باسم المسيحية حصرا، وبما يسهم في سحب بساط الشرعية الدينية عن الحركات الإسلامية التي تمثل المعارضة الأكبر حجما لدولتهم في مصر.

 

والكنيسة في دولة العسكر "أزهر مسيحي" يضمن لهم انخراط "الشعب القبطي" تحت لواء هذه الدولة في معاركها ضد منافسي هيمنة العسكر، وتحت شعار مكافحة "الرجعية الإسلامية" و"الإرهاب" .. إلخ، ليصبح سلوك الكنيسة ومواقفها منذ عهد التأميم الناصري "مؤمم اختياريا" في إطار صفقة متبادلة تجعل من الكنيسة أزهرا آخر لدى معتنقي الديانة المسيحية.

 

ويقول الكاتب من هنا لم يكن مستغربا ذلك المشهد الذي ظهر فيه الأنبا تواضروس والشيخ أحمد الطيب "يد واحدة" باسم الإسلام والمسيحية لتأييد إعلان الانقلاب العسكري على أول رئيس مدني منتخب في تاريخ مصر وإجهاض أول محاولة حقيقية للتحول الديمقراطي فيها.

 

دراسة : الدولة العسكرية أخضعت المؤسسة الدينية

 

 يقول الباحث إبراهيم الهضيبي  في دراسة له بعنوان دراسة "الدين والثورة"، رصد فيها تغير سبل إدارة المجتمع في مصر في القرنين الأخيرين أن الدولة العسكرية أخضعت المؤسسة الدينية لها في مواقفها على نحو ظهر جليا في تغير موقف الأزهر من إسرائيل تبعا لموقف الدولة، ففي عام 1973م أكد شيخ الأزهر الفحام "حتمية الجهاد ضد إسرائيل لإنقاذ الأراضي الإسلامية من سيطرة الأعداء عليها"، ثم أعلن خلفه الشيخ عبد الحليم محمود "تأييده لزيارة السادات إلى القدس"، وأقامت مشيخة الطرق الصوفية حفلا كبيرا في مسجد الإمام الحسين بمناسبة توقيع اتفاقية السلام مع إسرائيل.

 

ثم ينتقل الباحث للحديث عن تحالف  دولة العسكر مع رجال الأعمال وكبار الملاك، واعتمدت اقتصاد السوق الرأسمالي، ومنذ ذلك الحين والمؤسسة الدينية تعبر عن "دين الدولة" ومصالحها المتشابكة مع طبقة الرأسماليين الجدد.

 

ويختم  الهضيبي بحثه بأن صراع ثورة يناير مع الدولة العسكرية لن يحسم بسرعة، وذلك لكونه يطرح سيلا من الأسئلة على مجتمع تعرض لـ"الدولنة" بكثافة ثم سلمته الدولة فريسة سهلة للسوق.

 

ويختم بحثه بالقول أنه  لن يكون من داخل منظومة دين الدولة التي يمثلها الأزهر والكنيسة، ولا من داخل تصورات "إسلامية" قدمتها تيارات مجتمعية وعودة الدين الحقيقي إليه هو الخطوة الأساسية في حسم هكذا صراع.

 

 

 

 

 



تنفيذ و استضافة وتطوير ميكس ميديا لحلول الويب تنفيذ شركة ميكس ميديا للخدمات الإعلامية 2023