في ظل الأزمات المتصاعدة في الدولة، وخاصة أزمة الكهرباء، ومخافة استقبال الصيف، في الوقت الذي تزداد الكهرباء سوءًا، يُطرح سؤالاً هو: أين ذهبت أموال الخليج في دعمها للانقلاب، وهل جفت المنابع الآن أم لازالت تدفق عليهم الأموال، وفي حالة استمرار التدفق، لماذا لم تحل الأزمات التي تمس المواطن بالدرجة الأولى إلى الآن؟
"في كرشهم طبعًا".. هكذا قالت إسراء محمد "ربة منزل" في إشارة إلى قادة الانقلاب، مضيفةً: "هذه الأموال قادمة لهم وليس للشعب.. هذه هي أجرتهم لتنفيذ مخطط الخليج في مصر".
وفي السياق قال الكاتب محمود عيد حسان "24 مليار دولار منح تم الإعلان عنها من الإمارات والسعودية والكويت وخلافه، فأين المال ولماذا لم يتم التحويل حتى الآن؟ هل هناك حظر دولي في تحويل الأموال لمصر؟"
مضيفًا "عنوان البنك المركزي موجود على الإنترنت.. والبيانات الخاصة بالتحويل سهلة المنال!.. مع الأسف: مصر العظيمة يتم إذلالها في سوق نخاسة سماسرة دبي والسعودية وهم كما هم".
وعلى صعيد متصل، كشف ناصر الصانع العضو السابق بالبرلمان الكويتي ورئيس لجنة الإدارة بالمنظمة العالمية للبرلمانيين ضد الفساد، عن وجود توجه لدى دول الخليج العربي التي دعمت الانقلاب العسكري، الذي أطاح بالرئيس المصري المنتخب محمد مرسي في الثالث من يوليو/تموز الماضي، للتراجع عن الاستمرار في تقديم الدعم المالي.
وقال الصانع إن حوارًا كبيرًا يدور في الإمارات والسعودية والكويت بشأن جدوى تمويل انقلاب وزير الدفاع المصري عبد الفتاح السيسي الذي شارك بعضها في التخطيط له.
وأضاف في تصريحات صحفية خلال مشاركته في مؤتمر منظمة الشفافية الدولية في العاصمة الألمانية برلين، أن التردي الذي أوصل إليه الانقلاب مصر في المجالات كافة، وضع هذه الدول الخليجية في موقف محرج، مما دفع بعضها للإعلان عن التوقف عن دعم السلطة الانقلابية، وتصريح أخرى بأنها لن تستطيع مساعدة الانقلاب إلى ما لا نهاية ومطالبتها للانقلابيين بالبحث عن مصادر تمويل جديدة لعلاج التردي الحالي في الأوضاع الاقتصادية.
أضلاع الانقلاب
واعتبر الصانع أن "الدعم المالي الخليجي للإطاحة بالشرعية في مصر يمثل الضلع الثالث في انقلاب السيسي الذي تم بتخطيط غربي، ومساعدة مالية من ثلاث دول خليجية، وبتنفيذ وزير الدفاع المعيّن من قبل رئيسه المنتخب محمد مرسي".
وذكر أن تعلل دول خليجية داعمة للانقلاب بأن أموال مساعداتها تذهب للشعب المصري وليس للحكومة يقابله تساؤل مطروح عن الضمانات على صدق هذا الزعم في ظل غياب المؤسسات الديمقراطية وآليات الرقابة والشفافية، والصراع على النفوذ الموجود في مصر بعد الانقلاب.
ولفت البرلماني الكويتي الخبير بقضايا الشفافية ومكافحة الفساد إلى أن "مبلغ 12 مليار دولار المعلن كمساعدات من الإمارات والسعودية والكويت لحكومة الانقلاب في مصر، لا يمثل شيئا أمام الاحتياجات الهائلة والمتنامية لهذا البلد العربي ذي الأكثر من 90 مليون نسمة".
واعتبر أن حديث مؤسسات اقتصادية عالمية عن عدم وجود أي مؤشر على قدرة الحكومة المصرية المعينة من قبل الانقلاب على سداد الرواتب في الربع الأول من 2014، يُظهر أن أي مساعدات لن تكون مجدية وأنه لا بديل لمصر عن عودة الشرعية والاستقرار حتى تستعيد ثقة المستثمرين.
وأكد الصانع أنه "لا يوجد مستثمر عاقل من الخليج أو من غيره يقبل بالتعامل مع حكومة انقلاب لا رقابة عليها من برلمان منتخب أو من أي جهة أخرى، ويمكن أن تلغي بلحظة أي اتفاق لها مع المستثمرين".
الانقلاب والفساد
وقال رئيس لجنة الإدارة بالمنظمة العالمية للبرلمانيين ضد الفساد إن إلغاء الانقلاب العسكري لمنظومة شرعية ديمقراطية تأسست على ستة اقتراعات للمصريين، وتسببه في تسارع وتيرة التردي الاقتصادي وشيوع عدم الاستقرار السياسي، يمثل أكبر داعم لمؤسسة الفساد التي تكرست خلال 30 عاما من نظام الرئيس المخلوع حسني مبارك.
واعتبر أن الفساد الحالي بمصر فاق مثيله في عصر مبارك "بسبب عدم وجود برلمان أو رقابة على الصرف، والجهل بمصير المساعدات المالية المقدمة للانقلاب وعدم تسجيل بعضها ضمن إيرادات الدولة".
وحذر الصانع من أن الانقلاب خلق إشكالية اقتصادية أخرى لمصر تتمثل في توقف الدول التي وضع فيها مبارك وأسرته وكبار مسؤوليه أموالا طائلة عن مواصلة إجراءاتها لإعادة هذه الأموال لمصر، نتيجة قناعتها بانعدام الشفافية وعدم وجود حكومة منتخبة ديمقراطيا.
وفي سياقٍ آخر، كشفت صحيفة أمريكية عن قيام وزير الدفاع المصري عبد الفتاح السيسي وأعوانه يدفع مئات الملايين من الدولارات لشركة لوبي سياسي أمريكي لتحسين صورة الانقلاب في واشنطن وفي الإعلام الأمريكي.
وقالت صحيفة The Hillإنها حصلت على وثائق تقدمت بها شركة Glover Park Groupللترويج السياسي والإعلامي لوزارة العدل الأمريكية للحصول على إذن بعمل حملة بروباجندا إعلامية وسياسية للسيسي وحكومته و"خريطة الطريق".
وتعتبر شركة Glover Park Groupمن أغلى شركات اللوبي والترويج السياسي في أمريكا وتكاليفها قد تصل لمئات الملايين من الدولارات.