شبكة رصد الإخبارية
follow us in feedly

مصر بين الاستبداد الديني والاستبداد السياسي – جمال عبد الستار

مصر بين الاستبداد الديني والاستبداد السياسي – جمال عبد الستار
  لم ينفك الاستبداد السياسي يوما عن الاستبداد الديني، فهما في المنهجية سواء، وفي نزعة السوء...

 

لم ينفك الاستبداد السياسي يوما عن الاستبداد الديني، فهما في المنهجية سواء، وفي نزعة السوء أشقاء، وفي مقاومة الحرية حلفاء!

بل إن أحدهما بدون الآخر يتيم، لا يطمع في نصر، ولا يحلم يوما بالتمكين.

 

وما قام استبداد سياسي إلا وله سند ودعم من الاستبداد الديني، ولا تدري أيهما أكثر استبدادا، كلاهما يستخدم الآخر ليتمكن من التحكم في البلاد واستذلال العباد، ودوام الفساد، والمحافظة على المكتسبات!

 

لذا فإن مصر قد وقعت بهذا الانقلاب اللعين بين أنياب المستبدين، وأضحت فريسة لكل الطغاة المجرمين، باسم العسكر أحيانا وفي أكثرها بعد ذلك باسم الدين!.

 

فهؤلاء عسكر جسموا على أنفاس البلاد منذ ثورة الخمسينيات، فتحكموا في كل مفاصلها، وعبثوا استبداداً بكل أركانها، ونهشوا طغياناً وبغياً كل خيراتها، فما كان لهم أن يسمحوا لأحدٍ من أهلها بالسعي لاستخلاصها من بين أيديهم، واستنقاذها من بين أنيابهم، حتى ولو أدى ذلك إلى قتل كل أهلها، ولم لا وقد ورثوها عن أكابر مجرميهم تركة خالصة لهم من دون الناس!.

 

ومعهم على نفس الشاكلة والمنهجية منظومة دينية، ألفت كذلك الاستبداد فيحكمها، والتعالي في قولها وفعلها.

 

فهؤلاء مجموعة أحبار الأزهر، الذين عاشوا وهم يرون أنهم أصحاب الرأي الأوحد، والمذهب الأصوب، والمكانة الأعلم، والمظهر الأفخم، ومخالفهم ضال، فهو إما جاهل ظلوم، أو فاسق غشوم، أو خارجي كفور!

فلا مقام لأحد عندهم إلا لمن جلس تحت نعالهم أدباً، وعطر فمه بلثم أياديهم تفضلاً منهم وكرماً!

 

فإذا ناداهم فئام من المخلصين إلى صناعة الحياة الإسلامية، أونشر العدالة الاجتماعية، أو تطبيق الشريعة الربانية، أوطالبهم بالقيام بواجبهم في نشر الدعوة، وحماية هوية الأمة، والتضحية في سبيل ذلك، ثارت في نفوسهم الأحقاد، وخافوا على ما حازوه من تسلط واستبداد، وقاموا ثائرين متآمرين يستصرخون أشقاءهم من مجرمي الشرطة والعسكرهلموا إلى هؤلاء الذين يطالبون بالحرية.. اقتلوهم في كل ميدان فرائحتهم نتنة، وقتلهم لله قربه، اقتلوهم فلا حرمة لهم ولو كانوا في صلاة الفجر لله ساجدين! ولو كانوا في رمضان لله صائمين! لاحرمة لأطفالهم، ولا لنسائهم، ولا لأموالهم!

فإذا قتلتموهم فسيمنح الأزهر قيادتكم النبوة والرسالة، وسيوجب على كل مسلم صباحاً ومساءً لعقا لبيادة!

 

وهذه مجموعة انتسبت للسلف زوراً وغروراً، وادعت الاقتداء بالهدي الكريم كذباً وفجوراً، وما تربوا إلا على الرأي الأوحد المستبد، والمذهب الأوحد المستفز، والحكم الأوحد المستقر، والمخالف لمنهجهم مبتدع أثيمأ وفاسق لئيم!

 

فمن ينادي بالوسطية الراقية، أو شمولية الإسلام الزاهية فيا ويله ثم يا ويله فقد جاء ينازعنا على الناس سيادتنا، وللأمة قيادتنا، وينال في العالم من عظيم مكانتنا، فلنستعن عليه حتى ولو بكلاب الأرض، أو بلطجية الفكر، أو بقايا الكائنات البشرية من الشرطة والعسكر والقيادات الأزهرية، أو أشقاء الاستبداد من القيادات الكنسية!

 

واجتمع في مشهد الانقلاب على حرية وكرامة البلاد، تحالف الاستبداد المصري متمثلا في: "الطغيان العسكري، والإجرام الأزهري، والغدر السلفي، والتآمر الكنسي".. فلكِ الله يامصر!



تنفيذ و استضافة وتطوير ميكس ميديا لحلول الويب تنفيذ شركة ميكس ميديا للخدمات الإعلامية 2023