"إن كنت تستطيع سجني، فلن تكسر إرادتي"، "إن كان جسدي في زنزانة، فحريتي خارجها"، كان هذا لسان حال المعتقلين الذين قرروا المشاركة في انتفاضة السجون في مصر. فلم يمنعهم قيد السجن من التعبير والاحتجاج عما يتعرضون لها داخل المعتقلات وأماكن الاحتجاز.
وليس خافيا على المتابعين للمشهد المصري حجم الانتهاكات التي يتعرض لها المعتقلون؛ حيث عادت شهرة معتقلات مصر سيئة السمعة إلى الصدارة، للدرجة التي عاد معها الشعار المأثور "الداخل مفقود والخارج مولود" للظهور بعد الانقلاب العسكري الذي تم في 3 يوليو.
23 ألف معتقل!
فقد بدأت صباح الأربعاء فعاليات "انتفاضة السجون"، حيث أعلن نزلاء نحو تسعين سجنًا ومقر احتجاز من رافضي الانقلاب بمصر المشاركة في فعاليات ثورية ضد جرائم الانقلاب بحق 23 ألف معتقل في ظروف غير إنسانية.
يأتي هذا وسط تحذيرات حقوقية من استمرار الأوضاع الأمنية والقضائية في مصر على هذا النحو من الممارسات الهزلية والقمعية المتشددة.
وقد أصدر عدد من المنظمات الحقوقية بيانا أمس الثلاثاء أعلنت فيه تضامنها الكامل مع انتفاضة السجون المقررة اليوم 30 أبريل احتجاجا على الأوضاع داخل السجون المصرية والتي بلغت مرحلة الخطر.
وانتقد البيان أشكال انتهاكات حقوق الإنسان التي تمارسها الانقلاب العسكري من قبض عشوائي، وتعذيب ممنهج يتم داخل السجون وأماكن الاحتجاز، ونظام التقاضي الذي يفتقر إلى العدالة ويصدر أحكاما جائرة بحق الآلاف من رافضي الانقلاب.
يشار إلى أن منظمات حقوقية غالبيتها إقليمية ودولية انتقدت بشدة أوضاع حقوق الإنسان في مصر التي قالت إنه تم انتهاكها بشدة عقب انقلاب قيادة الجيش على الرئيس المنتخب محمد مرسي في يوليو الماضي.
انتهاكات شديدة
ويعاني المعتقلون – بحسب المنظمات الحقوقية – وغالبيتهم سجناء احتياطيين وعدد منهم لم توجه له اتهامات من انتهاكات شديدة للحقوق المنصوص عليها محليا ودوليا لهم.
ويقول «إبراهيم»، نجل الدكتور عصام العريان، نائب رئيس حزب الحرية والعدالة، المعتقل في طرة، إن حالة والده الصحية تدهورت داخل السجن، مُوضحًا أنه أصيب بـ "انزلاق غضروفي، وقعيد على كرسي، ولا يستطيع المشي أو التحرك، ولم يتم السماح له من قبل إدارة السجن بإجراء أشعة على إصابته لمعالجته".
وأضاف نجل العريان أن اليوم 30 أبريل هو انتفاضة للسجون، ويقوم المعتقلين بالإضراب عن الطعام، والامتناع عن الوصول إلى النيابة أو جلسات القضاء.
مشاركة للمعتقلين
وقد أعلنت رابطة أسر معتقلي سجون طره بدء إضراب أعضائها التضامني عن الطعام اليوم الأربعاء 30 أبريل دعما لانتفاضة السجون ورفضا لأحكام القتل الجماعي، ورفضا لكل الانتهاكات الممنهجة التي تحدث للمعتقلين والمعتقلات.
وحملت الرابطة النيابة العامة ووزارة الداخلية الانقلابية مسؤولية كافة الانتهاكات التي تحدث وكل من ثبت تحريضه عليها بالقول أو الفعل، داعية رجال القانون والحريات وأصحاب الرأي والفكر والأحزاب السياسية التي لم تتورط في الدماء والعنف، إلى دعم مطالب المعتقلين السياسيين كافة، وتبني مطلب الحرية بشكل جاد وجدي، ذلك انه أحد مطالب ثورة 25 يناير التي تم الانقلاب عليها وعلى مكتسباتها في 3 يوليو 2013.
من جهتها ثمنت عائشة الشاطر منسقة الرابطة الحراك الميداني الداعم لحرية المعتقلين والمعتقلات والمنتشر في كل مكان في مصر، داعية كل المصريين إلي صيام تضامني متتابع مع المعتقلين والدعاء بالحرية، مؤكدة أنه ما ضاع حق وراءه مطالب.
"حانت انتفاضة السجون"
ووجه معتقلو الحرية في سجون مصر بيانا إلى الأحرار في شتى بقاع العالم تحت عنوان "حانت انتفاضة السجون"، داعين فيه لبدء انتفاضة السجون يوم الأربعاء 30 أبريل.
وأعلن البيان أن فعاليات "انتفاضة السجون" ستبدأ بإضراب عام عن الطعام واعتصام داخل الزنازين، وامتناع عن الزيارات، وعن الخروج للمثول أمام قضاة التحقيق في النيابات العامة والمحاكم، وسيشمل الإضراب جميع سجون مصر من الإسكندرية وحتى أسوان يوم الأربعاء 30 إبريل.
وجاء في البيان: "أيها الأحرار في شتى بقاع الأرض، لقد بلغ البطش الأمني في مصر مبلغه، وتغولت ميلشيات الانقلاب العسكري، وأصبح القبض العشوائي وتلفيق التهم الواهية للشرفاء من أبناء الوطن هو الأصل في عمل أجهزة أمن الانقلاب، فلقد عجت السجون بما يزيد عن عشرون ألف معتقل، بينهم ما يزيد عن 1232 طبيبا، و2574 مهندسا، و124 أستاذا جامعيا وعالما، و5342 أزهريا، و3879 طالبا، و704 نساء و689 طفلا، والآلاف من أرباب المهن المختلفة، وتم اتهامهم بالإرهاب وممارسة العنف من حفنة من القتلة من القابضين على السلطة الآن انقلاب دموي أودى بحياة الآلاف".