ظلت وسائل الإعلام الموالية لأحزاب علمانية، ونخب سياسية، طوال سنوات عدة تطالب بفصل الدين عن السياسية، واحتج الكثيرون على شعار الإخوان المسلمين الذي طالما استخدمته سواء قبل ثورة يناير الخامس والعشرين من يناير أو بعدها "الإسلام هو الحل"، معتبرة أن الإخوان والأحزاب ذات المرجعية الإسلامية تروج لبرنامجها الانتخابي على أساس ديني.
وتزامناً مع انتقاد المشير السيسي، الإخوان والتيار الإسلامي لاستخدامهم الدين في انتخابات سابقة، استعان الانقلاب بالشيوخ والقساوسة بخطبهم الدينية لحث الشعب على المشاركة في الانتخابات التي تنظمها سلطات الانقلاب وتواجه حملات شعبية وشبابية لمقاطعتها، وهو ما اعتبره علماء وسياسيون توجيها سياسيا للاعتراف بالوضع الذي أحدثه الانقلاب.
ولم تقتصر الخطب والعظات على التوجيه للمشاركة في الانتخاب فقط؛ إذ تم التلميح تارة والتصريح تارات أخرى لانتخاب شخص بعينه، واستخدمت المساجد والكنائس من مؤسستي الأزهر والكنيسة لتحسين صورة الانقلاب أو الحديث السياسي إذا ما كان دعوة للمشاركة السياسية التي تعمل على حث المصريين للمشاركة في الانتخابات الرئاسية، المقررة يومي غد وبعد غد.
"يسوع يدعو لدعم السيسي"؟!
"الرب يسوع يدعوكم لدعم المشير عبد الفتاح السيسي للقضاء على الإرهاب" بتلك العبارة كانت الملصقات ورسائل المحمول الجماعية التي دعمت بها الكنيسة مرشحها الانتخابي عبد الفتاح السيسي، حيث انتشرت تلك اللافتات في شوارع مصر وعلى جدران الكنائس قبل 24 ساعة من بدء المسرحية الانتخابية، رغم أنه من المفترض أن تلك السويعات هي فترة "صمت انتخابي".
كما ظهرت كذلك رسائل قصيرة على الهواتف المحمولة تدعو لانتخاب السيسي بصيغة دينية تقول: "يسوع بيدعوكم لانتخاب السيسي غدا"، وتقول: "الرب يسوع يدعوك لدعم المشير السيسي من أجل القضاء على الإرهاب".
واجب مقدس
أما عن مؤسسة الأزهر فقدت اعتبر الترشيح هو "واجب مقدس"، حيث قال أحمد الطيب شيخ الأزهر، في بيان له اليوم الأحد، إن "نداء الأزهر إلى كلِّ مصريٍّ ومصريةٍ هو المسارعةُ إلى تلبيةِ نداءِ الوطنِ، بالمشاركة والنزولُ للأدلاءِ بأصواتهم في الانتخاباتِ الرئاسيَّةِ بإرادةٍ حرَّةٍ واعيةٍ قادرةٍ على انتخابِ مَن يرَوْنَ فيه القُدرةَ على قيادةِ الوطنِ بتَفانٍ وإخلاص، ليُثبتوا للعالم كلِّه أنَّ المصريين يملكون إرادتهم وقادرون على إنفاذها رغم كلِّ التحدِّيات".
وأضاف البيان " يُنبِّه الأزهر كلَّ مصريٍّ ومصريةٍ بأنَّ الخروج للمشاركة هو واجبٌ وطنيٌّ مُقدَّسٌ (..) وأنَّ الذي يَتقاعَسُ عن النزولِ للإدلاءِ بصوتِه في هذا الاستحقاقِ الانتخابيِّ يكون عاقًّا لوطنه ومفرطًا في وطنيَّتِه".
ودعا البيان علماء الأزهر أنْ يتصدَّروا صفوفَ التصويتِ في الانتخاباتِ الرئاسيَّةِ صباحَ الغد؛ "ليُعلِنوا للجميعِ في الداخل والخارج أن علماء الأزهر أوَّلُ مَن يُلبِّي نداءَ الوطن، وأنَّ ساحةَ العلم الشرعي بريئةٌ من دعاوي تحريمِ التصويت في الانتخاباتِ الرئاسيَّة والتخلُّف عن أداء واجبِ الوطن".
صور السيسي داخل المسجد
وعلى الصعيد ذاته، قام حزب "النور" السلفي، المؤيد للمرشح الرئاسي العسكري عبد الفتاح السيسي، بتعليق صور دعائية داخل المساجد، تدعو إلى انتخاب السيسي، ما أثار غضب المصلين، الأمر الذي رآه محللون مشاركة سياسية وانحيازا لرأي وفريق عبر الدعوة والحشد، بينما هناك فريق يرى خياره السياسي هو المقاطعة.
وبالرغم من فترة الصمت الانتخابي إلا أن أفراد الحزب قد انتشروا بوسائل دعائية، في الشوارع الرئيسية، مستخدمين الخطاب الديني، من أجل حث الناس على المشاركة في الانتخابات الرئاسية التي تنظمها سلطات الانقلاب.
