لم يصدر قائد الانقلاب العسكري عبد الفتاح السيسي أي تعليق على ضرب غزة منذ بداية العملية، بل تجاهل الأمر في خطابة يوم العاشر من رمضان وقت أن كان طياران الاحتلال الصهيوني يضرب غزة ويسقط ضحايا.
تحركات مشبوهة
وشهدت الفترة السابقة تحركات مشبوهة من السيسي فمع غلق المعابر وحصار قطاع غزة وصل الأمر إلى منع المساعدات الدولية من دخول القطاع ومنع المصابين من العلاج في مصر، وجاء ذلك بالتزامن مع لقاء السيسي لتوني بلير، رئيس وزراء بريطانيا السابق المعروف بدعمة الكبير للكيان الصهيوني.
وبعدها مباشرة أنتقل بلير إلي تل أبيب لتعلن إسرائيل أن الحرب علي قطاع غزة مستمرة لفترة طويلة، وتحرك على الفور الجيش الثاني الميداني لحماية إيلات وحدود إسرائيل وتشديد الحصار علي غزة بهدف القضاء على منظومة صواريخ القسام كما أعلنت وسائل إعلام أجنبية.
السيسي يدعم إسرائيل
وقالت صحيفة "جيروزاليم بوست" الإسرائيلية إن مصر تدين اعتداءات إسرائيل على قطاع غزة، وتعلن رفضها ظاهريا للحرب، إلا أنها في الحقيقة قد تكون راضية عن إلحاق الضرر بالحركة الإسلامية حماس التي تشن هجمات مسلحة على أراضي سيناء، بحسب الصحيفة.
وتضيف الصحيفة: "أعلن عبد الفتاح السيسي التحدث مع الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، والاتفاق على ضرورة وقف العمليات العسكرية في غزة، لكن في الواقع، ربما تشعر القاهرة بارتياح حيال الهجوم الإسرائيلي، وبالتالي لن تضطر مصر للهجوم بنفسها على غزة، نتيجة العداء بين السلطات المصرية وحركة حماس التي تعتبر أحد فروع جماعة الإخوان المسلمين".
واعتبر مسئول عسكري إسرائيلي، رفض ذكر اسمه للصحيفة، أن إغلاق معبر رفح هو قرار سياسي وليس عسكريا، حيث إن الجيش المصري على وعي تام بما يعانيه أهل غزة، إلا أن الجانب المصري أبى إلا أن يدير ظهره لحماس.
وأضاف: "فمنذ تولي السيسي شئون البلاد بعد إطاحته بالرئيس محمد مرسي في يوليو الماضي، شن حملة موسعة ضد الجماعات الإسلامية في البلاد، حيث دمر مئات الأنفاق التي تربط بين مصر وحماس".
وقال تسيفي ميزال، السفير الإسرائيلي السابق لدى مصر، والذي يعمل الآن في مركز القدس للشئون العامة: "مصر ليست في عجلة من أمرها لتشهد نهاية النزاع القائم، ولا أعتقد أن المصريين يذرفون الدموع عندما تهاجم إسرائيل حماس، حتى إن الإدانة المصرية لهجمات الجيش الإسرائيلي جاءت على استحياء مع غياب تام لأي تعليقات للسيسي في وسائل الإعلام المصرية".
ورأى شادي حامد، أحد الباحثين في معهد سابان لسياسة الشرق الأوسط، أن هناك تداخل كبير في المصالح بين نظام السيسي وإسرائيل، مشيرا إلى أن أيا من الطرفين لا يحب أن يقول ذلك صراحة، لكن كليهما يرون الآن في تيار الإسلام السياسي تهديدا له، ويشاركان في هدف دحر التمرد في سيناء، حسب قوله.
مصر تلعب دور شرطي المنطقة
وأكد الكاتب الصحفي "وائل قنديل"، رئيس تحرير صحيفة العربي الجديد، أن قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي يعرض نفسه على الغرب على أنه شرطيّ المنطقة، حيث حرض على ثوار ليبيا ثم حرض على ثوار العراق والآن يحرض على المقاومة الفلسطينية وعلى رأسها حماس في غزة.
وأضاف "قنديل" خلال لقاء تلفزيوني معه علي قناة "الجزيرة الإخبارية"، إنه في مارس الماضي أصدرت محكمة الأمور المستعجلة في مصر حكمًا على حركة حماس بأنها منظمة إرهابية وهذا شيء غير منطقي تمامًا، معتبرًا أن هذه الأحكام تأتي متطابقة تمامًا مع الأجندة الإسرائيلية.
وتابع قائلًا: "لا يوجد أحد في العالم يتهم المقاومة الفلسطينية بأنها منظمة إرهابية سوى قوات الاحتلال الإسرائيلي وأمريكا ومصر".
واعتبر الكاتب الصحفي، أن الحديث عن فتح معبر رفح من قبل سلطات الانقلاب في مصر، مجرد شو إعلامي، حيث أن المعبر لم يفتح إلا لعبور 11 حالة مصابه فقط، بينما عدد المصابين في غزة اقترب من 1000.
وتابع "قنديل": "نظام مبارك عندما كان يتأزم فيتظاهر بتمسكه بالقضية الفلسطينية، أما الآن فنحن أمام رجل لا يشغل باله بأي شيء يخص الأمن القومي المصري حتى ولو بشكل ظاهري".