مع اقتراب الذكرى الرابعة لثورة الخامس والعشرين من يناير، وازدياد الدعوات للحشد الجماهيري، وخروج واسع في ذلك اليوم، وفي الوقت الذي تحاك المؤامرات وتوضع الخطط للحد من ذلك الحراك، بإطلاق الشائعات تارة وتشويه الثوار تارة، وبطمأنة الشعب من ناحية أخرى، إلا أن الثوار قد تعلموا من دورس الماضي من خلال مرور الأربع سنوات، بما يعد دليلاً على أن الثورة هذه المرة قد تؤتي ثمارها، ومن هذه الأمور التي تعلمها الثوار؛
التغيير صعب
لابد أن الثوار تعلموا أن التغيير ليس أمرًا سهلا، وإنما هو أمر طويل المدى، لا ينتهي في أشهر قليلة، أو خلال عدة استحقاقات انتخابية، ولكنه أمر صعب، يتطلب رد فعل ممن لا يريد التغيير، وسيقاوم، أو حتى أراده لكنه يصعب عليه التغيير، ويريد أن يجلس كالمتفرج.
عندما قامت ثورة يناير، كان الثوار يظنون أن الدولة المصرية يمكن إصلاحها، وأن مؤسسات الدولة من الممكن أن تتعاون مع المؤسسات المنتخبة، وأن التوجهات الجديدة ستفرض نفسها بالتدريج، إلا أنه شيئًا فشيئًا اتضح للجميع، أن ذلك لن يتم أبدًا، ولابد من التغيير الجذري؛ لأن تلك المؤسسات تعمل ضد مصالح الأمة علنًا، من أجل الحفاظ على مصالحها.
مقاومة خارجية
اتضح للجميع كذلك أن الأمر لا يكمن في مقاومة مؤسسات وجهات داخلية فقط، وإنما أذرع الفساد في مصر تتصل بأيدي خارجية، تحرك الأمر كما تشاء وحسب ما يحلو لها.
وكشفت التقارير أن مخطط الانقلاب على الرئيس محمد مرسي، تم بأطراف متعددة، فلول في مصر وأموال من الخليج ومباركة وتخطيط من الكيان الإسرائيلي والأمريكي، حيث إنه وبعد خروج الفريق "شفيق" من سباق الترشح للرئاسة خاسرًا، توجه إلى الإمارات، وبدأ تلقي الدعم من هناك لتنفيذ المخطط، وهو ما أشار إليه ضاحي خلفان.
أما وزيرة الخارجية الصهيونية السابقة ،تسيبي ليفني، فقد ذكرت في لقاء تلفزيوني، أن السكوت على محمد مرسي، ينطوي على خطورة كبيرة، وتوعدته ورئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان بدفع الثمن، فيما جاءت زلة لسان من الدكتورعماد جاد أحد القيادات المسيحية لجبهة الإنقاذ كشفت وجود لقاءات مع السفيرة الأمريكية بالقاهرة للتخطيط للمظاهرات المعارضة للرئيس مرسي.
ولذلك فلابد من أن تعمل الثورة على تطهير جميع المؤسسات والأشخاص الفاسدة، والتي تتعامل خارجيًا، لفرض سياية خارجية جديدة تحافظ على استقلال مصر والحفاظ على أمنها القومي
حاكم ثورى
عقب ثورة 25 يناير، جاء عصام شرف لرئاسة الحكومة، إلا أن الإخفاقات توالت بعد ذلك، وبدأ الفلول بالظهور على السطح مرة أخرى، وفي كل مرحلة كان يظهر إحدى الشخصيات التابعة لعهد المخلوع حسني مبارك، ويدعى أنه من أبناء الثورة، وربما كان ذلك أحد العوامل في إخفاق الثورة، وعدم تحقيق جميع مكتسباتها.
ويرى عبد الرحمن يوسف أن الثورة كي تنجح يجب أن يمثل فيها الثوار إلى الحكم بشكل حقيقي، حيث قال- في مقال له- "الموجة الثورية القادمة ستبدأ قريبًا… ولكنها لن تنتهي إلا بعد أن يصل من يمثل الثوار إلى الحكم بشكل حقيقي!، لن نقبل بعصام شرف جديد، ولا حتى بمرسي آخر، بل ستكون الثورة صاحبة القرار، وصاحبة اليد العليا، وستطبق برنامجًا حقيقيًا للعدالة الانتقالية، ولن تسمح لأذناب الثورة المضادة بالعبث بأمن العباد والبلاد".
الديمقراطية
وأضاف "يوسف" "الديمقراطية عملية تراكمية، تحتاج إلى الصبر، وإلى الممارسة لعدة سنوات، حتى تبدأ الكوادر المدربة بالظهور، وحتى تزول آثار الاستبداد تدريجيًا، ومن الطبيعي أن ينحرف المسار بعد عهود استبداد طويلة، ومن الطبيعي أيضًا أن يصبر الناس على الممارسة الديمقراطية؛ لأنها تحتوي في داخلها على علاج هذا الانحراف".
وتابع "الديمقراطية تصحح ذاتها… وعلاج انحراف الديمقراطية هو مزيد من الممارسة الديمقراطية! أما من يتخيل أن الديمقراطية مجرد صناديق يصل بها إلى الحكم، وبعد ذلك يصبح مطلوبًا من الناس أن يتصرفوا مثل الشعوب التي عاشت عمرها كله في الديمقراطية… فهذا خيال مريض"..
القصاص للشهداء
كان أحد الأمور التي يطالب بها معارضو الانقلاب العسكري حتى الآن، والتي تدفعهم إلى الاستمرار في ثورتهم، هو القصاص للشهداء، والانتقام من قاتليهم، حيث إنه وبعد الانقلاب العسكري على مصر، فقدت مصر الكثير من أبنائها شهداء، على يد قوات الانقلاب العسكري من شرطة وجيش، في عدة مذابح قامت، كأن أكبرها فض اعتصامي رابعة العدوية، فضلا عن شهداء ثورة يناير، والمجلس العسكري، الذين فقدوا حقوقهم بعد الإفراج عن معظم قتلتهم، ليظل الوضع للشهداء دون حقوق لهم.
وأكد المستشار وليد شرابي، المتحدث باسم قضاة من أجل مصر وعضو جبهة الضمير والمدير الإقليمي لمنظمة"هيومان رايتس مونيتور"، أن الثوار قادرين على استرداد حقوق الشهداء والمعتقلين، حيث قال عبر "فيس بوك" -"إن حق الشهداء والقصاص ممن قتلهم وتحرير اﻷسرى من سجون الانقلاب لن يتم إلا باﻷبطال الثوار الذين لم يهنأ لهم عيش ولم تهدأ لهم نفس منذ الانقلاب وحتى اليوم".
فشل العسكر
أيضا كان من أحد الأسباب التي تندفع الثوار إلى الاستمرار في معركتهم ضد دولة الفساد والظلم، هو فشل المؤسسة العسكرية، منذ الانقلاب العسكري، وما تلاه من مجازر وانتهاكات، مما يدل على أن زمن العسكر انتهى، وأن الشعب يزداد وعيه يومًا بعد يوم، وأن كل ما نراه اليوم من محاولات عنيفة للأجهزة الأمنية لإثبات أن الدولة العسكرية ستستمر، لن يبقى طويلا.
وأظهرت المؤسسة العسكرية، خلال فترة الانقلاب العسكري، فشلا في جميع الملفات، السياسية والاقتصادية، فضلا عن كم التسريبات التي تخرج من وقت لآخر وتثبت كم الفساد التي تعيشه تلك المؤسسة، مما يعد دليلاً على أنها ستنهار قريبًا.