شبكة رصد الإخبارية
follow us in feedly

وفي الليلة الباردة يفتقد الفقراء وزير تموين

وفي الليلة الباردة يفتقد الفقراء وزير تموين
    لم تكن تهمته إلا أنه وزير...

 

 

لم تكن تهمته إلا أنه وزير ناجح شريف شعر بآلام الفقراء، ورفق بهم، وأراد أن يوفر لهم حياة كريمة، وفّر للمصريين أنبوبة بخمسة جنيهات، وبطاقة للحصول عليها بسهولة، في الوقت الذي وصلت الآن إلى خمسين جنيها في السوق السوداء، وتنشب المشاجرات والاشتباكات من أجل الحصول عليها.. إنه باسم عودة وزير التموين في عهد الرئيس محمد مرسي.

 

وعلى الرغم من أن "عودة" ظلّ عالقا بالأذهان، منذ الانقلاب العسكري، حيث جاء خبر اعتقاله، بعدها الحكم عليه بالإعدام، والذي لاقى ردود فعل واسعة، إلا أن تصدر أزمة أنابيب البوتاجاز والخبز المشهد، جعلت الشعب يستعيد ذكراه، مترحماً على تلك الأيام التي مضت.

 

لم يكن باسم عودة، أنشط وزراء التموين في تاريخ مصر فحسب، بل حاز لقبًا سيظل التاريخ على ما يبدو يذكره به طويلًا، وها هي الأيام تذكرنا، بعد الأزمات الطاحنة التي تضرب مصر، إذ سار على طريق محاربة الغلاء "الشائك".

 

من هو باسم عودة

هو باسم كمال محمد عودة، من أبناء محافظة المنوفية مواليد 16 مارس1970، في أسرة متوسطة حيث كان والده مديرا بإحدى الإدارات التعليمية، وهو متزوج ولديه أربعة أبناء، وانضم لجماعة الإخوان المسلمين أثناء فترة دراسته بجامعة القاهرة في أواخر الثمانينيات من القرن الماضي حينما كان طالبا في كلية الهندسة، وكان من أنشط كوادرها بالجامعة، وتولى عدة ملفات طلابية في ذلك الوقت، بعدها عمل ''باسم'' أستاذا بقسم الهندسة الطبية بكلية الهندسة.

 

تولى وزارة التموين بوزارة هشام قنديل منذ الخميس 10 يناير 2013، ضمن تعديلات وزارية شملت 10 وزراء جدد، وكان من أنشط الوزراء الذين لقيت مجهوداتهم صدى وشعبية واسعين في الشارع المصري.

 

شغل "عودة" مناصب عدة؛ منها أستاذ بقسم الهندسة الحيوية الطبية والمنظومات بكلية الهندسة جامعة القاهرة، واستشاري الهندسة الطبية وتكنولوجيا الرعاية الصحية، ومسئول ملف الطاقة والوقود برئاسة الجمهورية، ومقرر (رئيس) لجنة التنمية المحلية بحزب الحرية والعدالة، وعضو الأمانة المركزية للتخطيط والتنمية بالحرية والعدالة، وأمين لجنة التخطيط لتنمية بقطاع القاهرة الكبرى، ومنسق حملة "وطن نظيف" على مستوى الجمهورية، ورئيس المكتب التنفيذي في ائتلاف اللجان الشعبية بمحافظة الجيزة.

 

إعدام الشعب

وبعد الانقلاب العسكري على أول رئيس منتخب في مصر، كان ما عدا هذه الخطوة مباحا من قتل واعتقال وإعدام، والذي كان مصير باسم عودة، وزير الفقراء، فكيف لا يلقى جزاءه وهو من عرف كيف يواجه ارتفاع الأسعار وضعف جودة السلع، بمخططات مدروسة وطويلة ومتوسطة وقصيرة الأمد، للوصول بتلك السلع إلى أن تكون على درجة مناسبة من الجودة وبأسعار تناسب متوسط دخل المواطنين.

 

وأصدرت محكمة جنايات الجيزة حكما، في 22 يونيو، بإحالة أوراق 14 قياديا بجماعة الإخوان المسلمين إلى المفتي، بينهم باسم عودة ومعه المرشد العام محمد بديع وعصام العريان ومحمد البلتاجي وصفوت حجازي، في قضية أحداث مسجد الاستقامة، والتي راح ضحيتها ما يقرب من 20 من أنصار الرئيس محمد مرسي خلال اشتباكهم مع قوات الأمن والبلطجية بمحيط ميدان الجيزة.

 

وأثار ذلك الخبر، استياء الكثير من المواطنين في الشارع المصري، الذين وإن كانوا معارضين للرئيس محمد مرسي، إلا أنهم رأوا من "عودة" مثالا للوزير المخلص الشريف الناجح المتفاني، الذي يضحي بكل وقته من أجل الفقير، الذي يرد أن يوفر له حياة كريمة، حتى إنه عرض حياته للخطر، حيث تعرض لإطلاق النار من أصحاب إحدى محطات البنزين التي كانت تتعامل مع السوق السوداء، عندما كشف زيفهم.

 

إنجازات "عودة"

نجح "عودة" في وضع منظومة جديدة لإنتاج رغيف الخبز تهدف إلى رفع الدعم عن الدقيق وإضافة الدعم إلى الرغيف مباشرة؛ لضمان جودته وعدم بيع الدقيق، كما عمل على مضاعفة حصة المواطن من رغيف الخبز كمرحلة أولى، وبناء ١٥٠ صومعة لتخزين القمح هذا العام.

 

قام بزيارات تفقدية مفاجئة لعدد من المخابز والمجمعات الاستهلاكية لمراقبة انتظام العمل فيها وجودة المنتج، وأطلق مبادرة "أفضل منتج لأكرم شعب"، والتي تهدف إلى توفير السلع الأساسية المجمعات الاستهلاكية وتحسين جودتها.

 

أنهى أزمة أنابيب البوتاجاز من خلال توفير مزيد من الأسطوانات والرقابة المشددة، ويعدّ موسم الشتاء في عهده هو الأول الذي لم يشهد أزمة أنابيب منذ عدة سنوات.

 

عمل على زيادة حصة محطات البنزين (وطنية) التابعة لجهاز خدمات القوات المسلحة من مليون طن سولار إلى 2.5 مليون طن سولار للمساهمة في حل الأزمة، فضلا عن تشغيل محطات البنزين (وطنية) 24 ساعة بكامل طاقتها وعدم إغلاقها ليلا.

 

كما رفع معدلات السولار اليومية من 32 ألف طن إلى 37 ألف طن يوميا، وقام بحملات مداهمة يومية على محطات الوقود للكشف عن التهريب، كما أنهى تعاقد عدد من الأشخاص للحصول على سولار وبنزين تبين عدم وجودهم على أرض الواقع وإحالة الملف إلى النيابة.

 

قام بزيارات مفاجئة على بعض المحطات البنزين ومستودعات الأنابيب والمخابز والجمعيات الاستهلاكية أسفرت عن إحالة البعض إلى التحقيق وسحب تراخيص وإيقاف مطحنين عن العمل؛ بسبب سوء حالتهما الفنية، مع اتخاذ إجراءات تطوير وتحسين القائم ومزيد من المتابعة والرقابة.

 

وافق على تسجيل مواليد ما بعد عام ٢٠٠٥ على البطاقات التموينية، والاستعداد لإنتاج رغيف خبز من الدقيق الخالص منتصف إبريل القادم، كما رفض ابتزاز بعض أصحاب المخابز الذين رفضوا تطبيق منظومة تطوير رغيف الخبز الجديدة والدفع بسيارات توزيع الخبز في هذه الأماكن وتهديدات بإلغاء تصاريح مخابزهم.

 

تعاون مع وزارة المالية لإلغاء ضريبة المبيعات على السلع الأساسية لتقليل سعرها وإنتاجها، كما قام بتوفير احتياجات الدولة من السكر والقمح والسلع الأساسية حتى نهاية العام لتأمين السوق والمواطن المصري.

 

اتفق مع نقابة الفلاحين على إنهاء أزمة توريد القمح والاتفاق مع بنك التنمية الزراعية على تسلم القمح؛ لتحقيق أكبر عائد ممكن للفلاح ولمنع التلاعب بنوعية القمح عن طريق خلط المستورد بالمحلي والتي كان يقوم بها بعض التجار.

 

مقارنة واجبة

وكان الفرق واضحا بين قرارات "عودة" كوزير تموين في عهد الرئيس محمد مرسي، وبين قرارات حكومة الانقلاب، التي لم تُراعِ الشعب المصري، ولا مدى المعاناة التي يعيشها، حيث أثارت تصريحات إبراهيم محلب، رئيس وزراء الانقلاب، التي قال فيها "أخذت قرار رفع الدعم عن الطاقة وزيادة أسعار البنزين والسولار وأنا قلبي بيتقطع؛ لأنني أعلم أن هناك فقراء سيُضارون من هذا القرار بسبب الجشع المنتشر"، سخط المواطنين، والذين يرون في باسم عودة، أفضل وزير تموين في التاريخ المصري الحديث، إذ نجح في القضاء على أزمات أنابيب البوتاجاز ورغيف الخبز، في فترة لم تزد عن ستة أشهر.

 

ولم تخجل سلطات الانقلاب من الحكم على عودة بالإعدام على الرغم من عرضها توليه نفس المنصب عقب الانقلاب على الرئيس الشرعي للبلاد، خرج "محلب" ليقول: "رفع الدعم في صالح الفقراء ولا يؤثر على حياة المواطن، ويوفر على الدولة ما يقرب من 132 مليار جنيه ستنفق على التعليم والصحة وخدمات أخرى تعود على المواطن البسيط، وهى خطوة كانت لابد أن تنفذ وإن رأى البعض في القرار أنه ضد الفقراء".



تنفيذ و استضافة وتطوير ميكس ميديا لحلول الويب تنفيذ شركة ميكس ميديا للخدمات الإعلامية 2023