يمر العالم خلال الفترة الراهنة بتداعيات سلبية اقتصادية مقلقة على كل الأصعدة، سواء بتأثيرها على الوضع الاقتصادي العالمي والتوقعات بانفجار أزمة اقتصادية جديدة قريبا، أو على مستوى الأسواق المحلية داخل كل دولة والتي تتخذ شكل رد فعل لما يحدث حول العالم.
وشهدت أسعار برميل النفط تراجعا مستمرا خلال الفترة الماضية، وهبوط سعر البرميل الخام دون 50 دولارا، مع توقعات بهبوط آخر، الأمر الذي كان بمثابة ضربات متتالية في العمود الفقري للدول المنتجة للنفط الذي تعتمد عليه موازناتها السنوية بشكل كبير.
ووفقا لأحدث التقارير الصادرة عن إحدى الشركات العاملة بمجال النفط -الهلال الإماراتية- والتي توقعت أن تراجع أسعار النفط إلى مستوى 20 دولارًا، سيكون بمثابة “انتحار اقتصادي” بالنسبة إلى الدول المنتجة، لا سيما مع الحديث عن الحصص السوقية، والحفاظ عليها بمزيد من الإنتاج، ومزيد من المعروض، مشيرة إلى أنه على الصعيد الآخر “إذا تحققت هذه التوقعات ستمثل فرصًا نادرة قد لا تتكرر بالنسبة للدول المستهلكة للنفط”.
وجاء تقرير الشركة بناء على أحدث تقرير صادر عن مصرف “غولدمان ساكس” الاستثماري، أواخر الأسبوع قبل الماضي، والذي توقع من خلاله انخفاض أسعار النفط إلى نحو 20 دولاراً في ظل زيادة المخزونات النفطية.
في نفس السياق، قال المدير الإقليمي لشركة أيوس بترو الأميركية، في مصر والشرق الأوسط واستشاري البترول الدولي، المهندس يسري حسان، لـ”رصد”: “تراجع أسعار البترول بالأسواق العالمية، كانت له تأثيراته السلبية بشكل كبير على الدول المنتجة للنفط، خاصة الدول العربية والتي تعتمد ميزانياتها بشكل كبير على هذا القطاع، ومنهم مصر”.
وأشار إلى أن تراجع سعر برميل البترول له إيجابيات تصب نحو تراجع الأسعار المدفوعة من الدول المستهلكة، ولكن وقع أضراره أكبر، حيث إنها لا تؤثر فقط على كمية الإنتاج وأسعار بيعها، بل تأثيرها ممتد إلى أسواق الأوراق المالية “البورصات” ووضع الاستثمار بها، حيث شوهد هبوط أسواق الأوراق العالمية العربية جميعها منذ أشهر معا، بسبب هبوط سعر برميل “البترول”.
وأضاف تقرير الشركة الإماراتية أن “سياسات الحفاظ على حصص منتجي النفط لدى أسواق الاستهلاك، أسهمت في تدهور أسعار النفط إلى مستويات متدنية، وستؤدي بالفعل إلى أضرار جسيمة في اقتصادات الدول المنتجة بشكل رئيسي على المديين، المتوسط والطويل”.
في الجهة المقابلة، لن يكون هناك تداعيات مماثلة لدى الدول المستهلكة للنفط، بل على العكس من الممكن من أن تؤدي هذه التطورات إلى إزالة عوائق، وتحديات تأمين مصادر الطاقة، بأسعار رخيصة لدى الدول الصناعية بشكل خاص، تجعلها قادرة على المنافسة لدى كل الأسواق، بحسب التقرير.
وطالب التقرير كل المنتجين بإعادة النظر في كمية الإنتاج، بدلاً من انتظار نمو الاستهلاك، وتابع: “في سبيل تجاوز أزمة أسواق النفط، بات من المستحق بذل جهود إضافية، لتقريب جميع وجهات النظر على مستوى الإنتاج والأسعار، ومستقبل الاستثمار في قطاع الطاقة، ذلك أن القرار هو للمنتجين دون سواهم”.
يذكر أنه قد تراجعت أسعار العقود الآجلة لخام النفط القياسي الأوروبي “خام برنت”، بنحو كبير في تداولات الأسبوع الماضي، وذلك بالتزامن مع تزايد مخاوف المستثمرين بعد أن قرر البنك المركزي الأميركي إبقاء أسعار الفائدة دون تغيير، الأمر الذي يشير إلى ضعف الاقتصاد العالمي، وانخفضت عقود مزيج برنت، بنسبة 3.2% أو ما يعادل 1.02 دولار من 48.59 دولارإلى 47.47 دولار للبرميل.