الاصطفاف يعني أن يقف الجميع صفًا واحدًا ولذلك سمي الوقوف في الصلاة صف، وفي صف الصلاة لا فرق بين أبيض وأسود وقصير وطويل وغني وفقير ولا إخوان ولاحتي كان من العاصين.
ولذلك إصطلح في العمل السياسي مصطلح الاصطفاف وتداول عدد من الثوار أو النشطاء هذا المصطلح منذ فترة، ولم يحدد لنا أحد منهم ماذا يقصد، وماهي القيم والمعاير التي يجمتع عليها الثوار، والعجيب أننا نجد في هذه الأيام موجة اصطفافية جديدة تدعو القوي الثورية إلي الاصطفاف ولكن باستثناء الاخوان، والحقيقة هذا مفهوم جديد للاصطفاف أن يكون هناك استثناء لإحدي القوى الفاعلة بل القوة الأولي والمتصدرة للمشهد، وبدا خيال البعض يتفتق عن أفكار وإجراءات وفق خطة محددة لهم ، أوشاركوا فيها، بتجهيز المناخ والرأي الثوري لذلك ،وبدات فعلا عدة إجراءات.
ومن هذه الإجراءات الدفع ببعض الرموز الثورية كما تظن نفسها – لأنه لايوجد أيضا مفهوم للمصطلح ولا معاير اختيار وتحديد من هو الثوري – بالبحث في ما يسمى أخطاء الإخوان فاستغل البعض حديث الدكتور سيف الدين عبد الفتاح في الكلام عن بعض المواقف له مع د.مرسي والكلام عن أن الإخوان لها اخطاء واعتبروها تصب في خطتطهم لسمعة الدكتور وإخلاصه لكي يعطي زخمًا لما يقولون ،وأظن أنه لو أدرك ذلك ما تكلم ولا ساهم في تأزيم الموقف خاصة أنه دائما حامل لواء الاصطفاف ويعمل له دائما وأنه عندما يتحدث عن الترتيب في الصف الطويل في الخلف والقصير في الامام فهذا لايعني أوزان نسبية بل يعني أن الطويل والكبير هو الذي يستوعب الجميع.
والحقيقه أن البحث عن أخطاء الإخوان في هذا الوقت بالذات أمر مستغرب لأسباب كثيرة منها:
أولاً: ماهي معاير الخطأ والثواب؟
ثانيًا: ماهي نوعية الأخطاء التي تحتاج إلى تصويب؟
ثالثًا: من وراء طرح فكرة المراجعة الآن؟
رابعًا: من مِن القوي الثورية لم يخطئ؟
خامسًا: هل المراجعة والتخطيئ للإخوان فقط أم مراجعة لكل القوى الثورية؟
سادسا: هل هناك علاقة بين طرح هذه القضية الآن وبين بعض المشاكل الداخلية الخاصة بالاخوان؟
سابعًا: هل هذا الكلام مرتبط بالحملة الصهيونية لاستكمال الدولة الصهيونية الكبرى وازاحة آخر العقبات المعطلة لذلك وهم الإخوان المسلمين وما يحدث للإخوان في اليمن وسوريا ومصر والامارات بعيد عن المشهد.
ثامنًا: هل هناك بديل جاهز الآن للقضاء على الانقلاب وأن القوى الثورية ستصطف معه وهذه القوى لاتريد الإخوان؟
تاسعا: لماذا يطلب هؤلاء الثوار المحترمين ويشترطوا ان يتراجع الإخوان حتى يستطيعوا أن يصطفوا وهل فعلا الإخوان هي التي تعرقل اصطفافهم؟
عاشراً: ماهي القوى الثورية التي تريد إبعاد الإخوان حتى يصطفوا ؟ من هم؟ هل هم معروفون للجميع أم هي قوى جديدة ستظهر أم قوى قديمة تلبس طاقية الإخفا ( إحدي خرافات السينما المصرية القديمة) وستظهر عندما يختفي الإخوان.
حادي عشر: من يطلبون من الإخوان أن يتراجعوا خطوات أو أن يوقفوا ويتركوا السياسية فترة ويلبسوا جلابيب خضراء وسبح ألفية ويتوزعوا علي المساجد ويعتكفوا فيها – مع العلم انهم ممنوعون من المساجد ومن يرى في مسجد يعتقل – إذاً مع من يصطفون ؟
اثني عشر : لم يحدد الثوار مع من سيصطفون عندما يختفي الإخوان في الكهف.
ثالث عشر: إذا كان هناك من يتم الاصطفاف معه، ما المانع من الاصطفاف دون أن يعرف الإخوان أو إذا كشفونا نقول لهم “” إحنا مش مصطفين ولاحاجة دا إحنا بنشرب شاي”” !
رابع عشر : لم يذكر الثوار مبرر لتراجع الإخوان إلا أنهم يريدون أن يعطوا الثوار فرصة للتواجد والاصطفاف ؟
خامس عشر: لم نري أحد ممن يريدون الاصطفاف بعيد عن الإخوان أو أن يتراجع الإخوان ٣٠ خوة للخلف مرة واحدة في أي من الميداين.
في الحقيقة التساؤلات كثيرة ومستغربة وغير مفهوم ما الدافع وراء ذلك ولكن لي رؤية قد يخالفني فيها البعض ألا وهي أنه بعد عامين من الانقلاب وهذا الصمود الأسطوري للإخوان والذي لم يتوقعه بشر ولم يحدث في الدنيا كلها ولا في أي ثورة كانت كان العالم كله يشهد فيلماً حياً علي شاشات التليفزيونات وبكل اللغات مئات بل آلاف القنوات تبث حرباً علي الهواء ،جيش مسلح بكل أنواع الأسلحة الأمريكية والذخيرة الصهيونية يدك شعبه.
عسكري منقلب على رئيسه المنتخب بإرادة شعبية ولأول مرة رئيس مدني منذ أن دبت الحياة علي أرض مصر أخذ الإذن من الصهاينة والأمريكان وكان يدك بالقنابل والدبابات والطائرات وسالت الدماء، وانتهي يوم فض رابعة والنهضة ،وتخيل العالم كله ان المعركة انتهت واستراح القتله يوم الخميس التالي للفض وأعدو أنفسهم للتجهيز لتنصيب المنقلب والتهنئة من الأسياد بتحقيق الأهداف وأهمها القضاء علي الإخوان.
واستمر الإخوان في دفن شهدائهم يوم الخميس أيضا وإذا بيوم الجمعة الدامي الملايين في الشوارع مرة أخري تتحدى الموت وتتوق للحرية وتكررت المجازر في رمسيس والاسكندرية وغيرها من محافظات مصر، وبدأت ملامح مرحلة جديدة ملاين تخرج بشكل يومي تقاوم الانقلاب، ومازالت الجموع إلى الآن وقد بدأنا العام الثالث يقدمون يوميا الشهداء وما زال آلاف المعتقلين وآلاف المصابين والاف المطاردين والمشردين.
وبعد عامين من الثبات والاستمرار والإبهار الذي فاق استيعاب وقدرات البشر مازال الإخوان ومن معهم من داعمي الشرعية وبعد كل محاولات الإبادة والقتل اليومي في السجون والتصفية الجسدية، كانت المحاولة الجديدة ألا وهي إحداث حالة من الفرقة بين الثوار.
فكانت محاولات الطرف الثالث أو الميدان الثالث وبعد فشل هذا الأمر يعيدونه الآن بشكل جديد وهو دعم عدد من بقايا الثورة المرضي عنهم يرتبون لهم مراكز بحثية للعمل فيها وتقديم الأفكار التي تخدم الموضوع وبعضهم يتم دعمه بالمال لإنشاء مؤسسات إعلامية تتبني الفكرة .
المؤسف في الأمر أن هذا ضمن خطة من الانقلاب والقوى الداعمة له دوليًا لإبعاد الإخوان عن المشهد بل من الوجود إذا أمكن لإفساح المجال للاصطفاف العربي لدعم المشروع الصهيوني وتوسيع دائره السلام والمؤكد ان هذ هو أحد أهم أسباب الانقلاب علي الإخوان في مصر باعتبار الإخوان أكبر قوى عالمية تواجه الكيان الصهيوني.
ولهذا أقول لكل المصطفين الآن حول هذه الفكرة راجعوا أنفسكم ولا تكون في معسكر الانقلاب دون قصد أو دون أن تدروا أما من يعلم ويفهم ما يفعل ويقصد ما يقول فليعلم أنه لن يستمر طويلا وسيفتضح أمره ويكون مع الساقطين في مزبلة التاريخ.
الثورة مستمرة وإن شاء منتصرة طالما الأخلاق والعقيدة تحركها وتزينها فمن أراد أن يلحق بالركب ويصطف مع الثورة والتي عمادها الإخوان وبعض الثوار الحقيقين المعلومين للكافة والذين اصطفوا مع الاخوان بل سبقوهم .
أراد المتشدقون أم كرهوا فليسرع الخطى أما من ابطئه السير فليمكث مع المثبطين المهزومين الخاسرين .
اللهم احفظ ثورتنا ونور بصيرتنا واهدنا الي صالح الأعمال والوطن.