قامت إدارة أوباما في الساعة 10:30 من صباح يوم الأربعاء الماضي وفقا لما نقلته صحيفة وول ستريت جورنال بإبلاغ الكونغرس، بأنها ستفرض عقوبات على حوالي 12 فردا وشركة، في كل من: إيران وهونغ هونغ والإمارات؛ بسبب دورهم في تطوير برنامج الصواريخ البالسيتيّة الإيراني، لاسيما بعد التجارب الصاروخية التي أجرتها إيران في شهر أكتوبر ونوفمبر الماضيين.
لكن وفي الساعة 11:12 دقيقة أرسل البيت الأبيض رسالة أخرى ذكر فيها أنّه قد تم تأجيل إعلان العقوبات بضع ساعات، قبل أن يعود ويرسل رسالة أخرى في المساء، يقول فيها إنّ إعلان العقوبات قد تمّ تأجيله إلى أجل غير مسمى.
لماذا تمّ إلغاء فرض العقوبات أو تأجيلها إلى أجل غير مسمى؟ خلال الأسبوع الماضي وبعد شيوع الأخبار عن قرب فرض إدارة أوباما لهذه العقوبات، شرع الجانب الإيراني في إرسال تهديدات متكررة إلى الجانب الأميركي بلغت ذروتها إعطاء الرئيس الإيراني حسن روحاني أوامر إلى وزارة الدفاع الإيرانية، بتسريع البرنامج الصاروخي للبلاد ردّا على الخطوة الأمريكية.
المعارضون لأوباما اتّهموه بالخضوع للتهديدات الإيرانية، لكن البيت الأبيض فسّر هذا الموقف يوم السبت الماضي بالقول بأنّ هذه العقوبات يلزمها المزيد من العمل والإجراءات حتى تقر، وانّ الرئيس أوباما في عطلة الأن! لكن إذا كان الأمر كذلك، لماذا تمّ الإعلان عنها من الأساس؟
الجدل حول هذا الموضوع عقيم، لكن من الواضح في المقابل انّ هذه الخطوة تعكس مدى تقييد الاتفاق النووي حقيقة للجانب الأمريكي وليس الإيراني. لقد كتب الكثير عن هذا الاتفاق وقيل أكثر عن الكيفية التي سيدفع بها الجانب الإيراني ليصبح أكثر تعاونا، وأقل عدوانية في سلوكه وسياساته الإقليمية والدولية، لكننا وعلى الرغم من مضي حوالي 6 أشهر، لم نر أي شيء من هذا على الإطلاق، وقد كنا محقين دوما في توقّع السلوك الإيراني، المزيد من العدوانية، المزيد من الدعم للعملاء الإقليميين والمزيد من الحروب.
في أكتوبر الماضي، أجرت إيران تجربة لصواريخ متوسطة المدى قادرة على حمل رؤوس نووية، وقد بحثت الأمم المتحدة هذا الأمر واعتبرته خرقا لقرار مجلس الأمن 1929 الذي ينص على وجوب منع إيران من القياس بأي نشاط متعلق بالصواريخ الباليستية، القادرة على حمل رؤوس نووية بما في ذلك الإطلاق واستخدام تكنولوجيا الصواريخ الباليستية. لقد ضغط المشرعون الأمريكيون على الرئيس الأميركي لكي يصدر عقوبات على إيران، ولكنّه امتنع عن ذلك.
البعض حاول أنّ يفسّر موقف إدارة أوباما الملتوي بأنّه محاولة لإعطاء الرئيس الإيراني وما يسمى الإصلاحيين في إيران فرصة، على اعتبار أنّ إقرار عقوبات الآن في هذه المرحلة سيؤدي إلى تقوية الجناح المتطرّف داخل النظام. في الحقيقة لقد مللنا من هذه اللعبة المتكررة إلى حد الملل، فمن يدير إيران ومن يسمح للإصلاحيين بالصعود أو الهبوط، أو الدخول إلى العملية السياسية أو الخروج منها، أو التفاوض على الاتفاق النووي أو خرقه، هو المتطرفون، وعليه فإن تبرير مثل هذه الخطوات بمثل هذه الذريعة هو في حقيقة الأمر؛ إمّا أنّه يعكس فشلا في فهم إيران، أو أنّه يعكس فشلا في مواجهتها.