أكد الكاتب والباحث في شؤون الشرق الأوسط فراس أبو هلال، أنّ الذي تغير بين ثورة يناير 2011 و2016، هو أن الثوار أو المعارضة كانوا في 2011 جبهة واحدة، جمعتهم معارضة النظام وقمعه.
وأضاف أبو هلال، في تصريحات خاصة لـ”رصد”: “الشباب كانت لهم الكلمة وهم أكثر انعتاقًا من الأيديولوجيا، روح الميدان في ذلك الوقت جمعت الجميع، والثوار كان بينهم تاريخ مشترك إلى حد ما من النضال وخطاب سياسي معارض متوافق بشكل عام”.
وأوضح أنه بعد 5 سنوات، أصبحت المعارضة مفرقة، بعض ثوار الأمس هم جزء من أدوات النظام، مضيفًا: “الخلافات الأيديولوجية طفت على القواسم المشتركة السياسية، القوة الكبرى في المعارضة منها عشرات الآلاف في السجون وآلاف في المنفى، جزء من المعارضة رافض للعملية السياسية برمتها بشكل جذري بينما جزء آخر يريد تحسينات “ديكورية”. وهذا طبعا يصب في مصلحة النظام”.
وأشار إلى أنه يوجد فروق كثيرة بين يناير 2011 ويناير 2016 وأهمها:
أولًا: المناخ العام في المنطقة كان مناخا تفاؤلا بعد نجاح الثورة التونسية بإسقاط رأس النظام، والذي اعتبره كثيرون في ذلك الوقت إسقاطا للنظام، فأعطى أملا بالقدرة على التغيير، هذا المناخ أعطى دفعة قوية للثورة المصرية، ولكن المناخ اليوم هو عكس ما كان عليه قبل خمس سنوات، حيث تراجعت نجاحات ثورة تونس، وتعيش دول الربيع خريفًا دمويا في أغلبها “مصر/ليبيا/اليمن/ سوريا”، ما أفقد كثيرًا من الناس الأمل بالتغيير والرغبة بالثورة.
ثانيًا: النظام المصري كان في أضعف حالاته، بسبب وجود خلافات داخل الدولة العميقة على قضية التوريث لجمال مبارك، وبسبب حالة الغياب واللامبالاة التي كان يعيشها مبارك في شرم الشيخ، وبسبب حالة الغليان الناتجة عن القمع وتزوير الانتخابات، إضافة لقدرة الحركات التي تعمل منذ سنوات في ذلك الوقت على خلخلة قوة النظام مثل جمعية التغيير وكفاية و6 إبريل، بينما الآن النظام قوي، وله شعبية في أوساط معينة بسبب الضخ الإعلامي الرهيب منذ الانقلاب، وإلى حد ما ليس هناك منافسون داخل الدولة العميقة للسيسي.
وأرسل أبوهلال عدة نصائح للقوى الثورية والمعارضة أهمها:
على القوى المعارضة للنظام بشكل جذري أن تتوحد من جديد حتى تستطيع القضاء على الفروق التي تعمل لصالح النظام بين عام 2011 و2016، وأعني هنا القوى التي لم تتورط بالتحريض على القتل، والتي لا تقبل بالنظام وتطالب فقط بتحسينات بسيطة شكلية على سياساته، فهؤلاء لا معنى للتقارب معهم أو التحالف معهم.
وأضاف: “في العلوم السياسية نجاح أي ثورة يتطلب عوامل كثيرة، ولكن هناك عامل لو توفرت كل الظروف ولم يتحقق فإن الثورة لن تنتصر، هذا العامل هو انهيار الجيش أو “خيانته” للرئيس، بمعنى التخلي عنه”.
مضيفًا: “انهيار الجيش المصري أمر كارثي ولا أحد يطلبه أو يتمناه أو يسعى إليه لأن ذلك ليس في مصلحة مصر، أما تخليه عن الرئيس فلن يتحقق إلا إذا توصلت قيادة الجيش أن بقاء الرئيس يهدد استقرار البلد، وهذا لن يحدث بدون وجود “كتلة حرجة” في الشارع”.
وأشار إلى أن هذه الكتلة غير موجودة الآن، ولا يمكن أن تكون موجودة إلا إذا حدثت تحالفات بين التيارات المعارضة، مضيفًا: “لا يوجد ثورة سلمية نجحت بدون وجود تحالفات، حتى الثورة الإيرانية كانت تمثل تحالف العمائم مع اليساريين مع البازار، قبل أن يسيطر رجال الدين عليها بعد إسقاط الشاه”.
وأوضح أبوهلال أنه على من يريدون إنجاح الثورة في مصر أن يوصلوها أولًا لوصف ثورة، والثورة لا يمكن أن تكون بدون وجود شبه “إجماع” عليها، وهذا لا يمكن أن يتحقق بدون تحالفات.