يواجه الاقتصاد المصري العديد من الأزمات الداخلية الناتجة عن سوء إدارة الدولة اقتصاديا؛ الأمر الذي أدى إلى فقد العديد من مصادر الدخل بالعمله الأجنبية؛ ما أدى إلى تفاقم عجز الموازنة بشكل مقلق للغاية، وزيادة الأعباء على المواطنين؛ الأمر المنذر بانفجار شعبي مرتقب.
وجاء ذلك بالتزامن مع استمرار أزمات الاقتصاد العالمي وتفشي الركود التجاري؛ حيث تعتبر أزمة تهاوي أسعار النفط من أقوى الأزمات العالمية التي ستؤدي إلى نتائج على المدى القصير والمتوسط والطويل، وسيكون تأثيرها على مستوى العالم.
ومن ضمن نتائج تراجع أسعار النفط السلبية، تراجعت معدلات تحويلات المصريين العاملين بالخارج، والتي تعد مصدرا مهما من مصادر دخول العملات الصعبة لمصر، وبذلك يعتبر شرخا جديدا في موارد الدوله من العملات الأجنبية .
ويعد الخليج العربي أهم مصدر لتحويلات المصريين العاملين في الخارج؛ إذ إن الإحصائيات تشير إلى وجود نحو 8 ملايين مصري يعملون في الخارج، يوجد 70% منهم في دول الخليج، بينهم 50% في السعودية، و20% في باقي الدول الخليجية، مقابل 30% في أوروبا ودول أميركا الشمالية وأستراليا.
وبحسب أحد البيانات الصادرة عن البنك المركزي المصري، فقد تراجعت تحويلات العاملين بواقع 400 مليون دولار خلال الربع الأول من العام المالي 2015/ 2016 فقط، لتسجل 4.3 مليارات دولار، مقابل 4.7 مليارات دولار في نفس الفترة من العام الماضي، ما يزيد من مخاوف استمرار التراجع حتى نهاية العام إلى مستويات قياسية.
وتوقع اقتصاديون ان تتراجع حصيلة تحويلات المصريين بالخارج في حدود 10% خلال العام المالي الحالي، بالإضافة إلى أن حصيلة التحويلات ستتأثر سلبا أيضا بالارتفاع المرتقب في تكلفة المعيشة بدول الخليج بعد قيام أغلبها برفع أسعار بعض الخدمات وتحديداً الوقود للسيطرة على عجز الموازنة.
ووفقًا للمصرفي، أشرف الغمراوى -في تصريحات له- أن تحويلات المصريين من الخارج تعتبر من أهم مصادر إدرار العمله الصعبة لمصر، وتراجعها يعنى تراجع مصدر آخر من مصادر الدخل بعد السياحة وقناه السويس والاستثمارات الأجنبية؛ الأمر الذي سينتج عنه تراجع جديد بمعدلات الاحتياطي الأجنبي المصري خلال الفترة المقبلة.
وأشار “الغمراوي” إلى أن تحويلات المصريين بالخارج شهدت الفترة الماضية نموا ملحوظا وأخذت بالإرتفاع، حتى بدءت أسعار النفط بالتراجع منذ منتصف 2015 الماضي، الأمر الذي أثر سلبا في وضع الدول العربية والخليجية وبالتالي أدى ذلك إلى انتقاص التحويلات من الخارج، بالإضافة إلى الأزمات الاقتصادية التي بدأت بالظهور في هذه الدول وأدت إلى اللجوء لاحتياطاتها النقدية لسداد العجز بموازناتها.
وتوقع أن تنكمش تحويلات العاملين بمجالات البترول والإكتشافات وذلك بسبب تراجع أسعار النفط وزياده الإنتاج مؤخرا، يليهم العاملين بمجالات الإنشاء والبنية التحتية، وذلك لفترة حتى عودة أسعار النفط بشكل متوازن.
ويكمن الخوف الحقيقي من عودة شريحة من العاملين في الخليج إلى مصر مرة أخرى، ما يُمثل ضربة لسوق العمل خاصةً بعد عودة أكثر من 750 ألف مصري من ليبيا نتيجة الاضطرابات الأمنية بحسب تقديرات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء.
وبلغت تحويلات المصريين بالخارج 19.2 مليار دولار بنهاية العام المالي الماضي لتأتي في المرتبة الثانية من مصادر النقد الأجنبي، بعد حصيلة الصادرات التي سجلت 22 مليار دولار. ويليها إيرادات السياحة التي جلبت 7.4 مليارات دولار، ثم الاستثمارات الأجنبية المباشرة بقيمة 6.4 مليارات دولار وأخيرا إيرادات قناة السويس التي سجلت 5.3 مليارات دولار.
يذكر أن هناك سببا آخر في تراجع تحويلات العاملين، يتمثل في انخفاض حصيلة التحويلات التي كانت تذهب لبناء المنازل على الأراضي الزراعية بعد انتشارها على مدار 3 سنوات وتحديدا منذ 2011 حتى 2014، بالإضافة إلى إقامة مستوردين وشركات صرافة مصرية في بعض دول الشرق الأوسط سوقًا سوداء لشراء العملات الأجنبية قبل وصولها لمصر بسبب تشديدات البنك المركزي على توفير النقد الأجنبي للشركات.