“الإخوان المسلمون:كنتم شجرة، وما أَروع ظلالها، وما أٌورع نضالها، رضي الله عن شهيد استنبتها، وغفر الله لمن تعجل ثمرتها”.
تلك كلمات الشيخ الراحل محمد متولي الشعراوي في حواره مع “طارق حبيب” ببرنامج “من الألف إلى الياء”، والكلمات تم استعادتها على نحو واسع ، في بعض مواقع التواصل الاجتماعي، في ذكرى استشهاد الإمام الراحل:”حسن البنا”، رحمه الله وتقبله في الشهداء والصالحين، ولمّا تسمع الكلمات السابقة، وأذكر إن جريدة “المسلمون” الدولية نشرتْ كلمات الشعراوي، رحمه الله، بصفحتها الأخيرة .. بمكان بارز قبيل منتصف التسعينيات من القرن الماضي، لكنك لمّا تسمع الكلمات في البرنامج، وتتدبرفيها، إذ إن الراحل، رحمة الله، تهيّب لما سمع السؤال وعاد إلى الخلف .. وحدق بأعلى .. وتفكر في الكلمات وكأنه يستدعيها من الذاكرة، أو ينمقها على مهل، رحمه الله.. قال كلمة الحق في الإخوان فيما كان نظام مبارك يبالغ في التنكيل بهم ..
لكن جملة:” وغفر الله لمن تعجل ثمرتها” تأخذك حتى بعيد، هل إلى حدود:كم كان هذا الرجل، الشعراوي، مُلهمّاً ينظر بنور الله تعالى، وكم يُعيد الإخوان تكرار نفس “الاستعجال”، وتقود طرق التفكير إلى سؤال واحد:
ماذا لو كان الشيخ الشعراوي حيّاً بيننا اليوم؟ ألم يكن ليعيد نفس الكلمات؟ وكأن التاريخ لم يبرح مكانه ..لا يعيد نفسه فقط، كما هي الجملة الشهيرة المعروفة.. من المُسلمات هنا إن إخلاص جانب كبير من المنضوين تحت راية الجماعة أمر لا يناقش فيه إلا متحامل غير منصف، أما الجانب الآخر فهو يعود بنا إلى أول كلمة نطق بها الشيخ، رحمه الله، كُنتم شجرة، أما لماذا بدأ الشعراوي كلماته القليلة المُعبرة البالغة الدقة عن الإخوان بلفظ “كنتم”..فلدي لذلك تفسير واضح .. وآخر من باب التغاضي وصرف النظر عن الحقائق، أما الواضح فكنتم يساوي إنه يتحدث عن الجماعة في صورتها الأولى النقية، أو فلنقل الأكثر نقاء، حيث إنه ليستحيل أن توجد الصورة المُثلى لأحد البشر وبالتالي الجماعات، وهناك تفسير أبعد إنه يصرف النظر عن دلالة الكلمات في وقت كان مبارك يحكم فيه، وهو رأي لا أميل إليه وإنما ذكرتُه للأمانة ..
“وغفر الله لمن تعجل قطف ثمرتها”: والشعراوي يقصد بوضوح الذي زجّ بها في معركة السلطة في بداية الخمسينيات، وبالتالي اختيار الجماعة للراحل: جمال عبد الناصر، والتأمل فيه، أو انتظار الخير منه، على عكس الشواهد المنطقية، وبالتالي الزج بمسيرة الجماعة في ذلك الوقت في آتون مواجهة لم يكن لها من قبل بها ..
والسؤال هنا: ماذا لو كان الشيخ الشعراوي حياً بيننا اليوم .. وهو يرى الجماعة تقع في نفس الخطأ ثانية، بنفس الأبجديات والأدبيات، وإفناء مقدراتها.. على الطريقة والنحو المعروفين .. والجديد هذه المرة أن الجماعة من داخلها تتنازع حول طريقة الخروج من الأزمة الجديدة الأكثر شدة من سابقتها، وصدق القائل:
ـ أزمات الإخوان السياسية أزمات سذاجة!
السيسي من بعد عبد الناصر، وفي 1954م انفض الإخوان عن قصر عابدين بعد أن كانوا محاصرينه مطالبين بعودة الجيش للثكنات والنظر في أمر الديمقراطية بجدية، وخدع عبد الناصر الشهيد عبد القادر عودة فأمر الأخير مئات الآلوف من شرفة قصر عابدين ففعلوا، وبعد شهور أعدم عبد الناصر الرجل، ونكل بالآلوف من الإخوان في الخديعة السياسية الأشهر التي نالتهم في العصر الحديث، ثم جاءت محاولة ثورة يناير، وشارك الإخوان .. ثم اتخذوا القرار “العجيب” بالترشح للرئاسة في أول أبريل 2012م، وكان ما كان مما يلخصه قول الشعراوي:
ـ وغفر الله لمن تعجل ثمرتها!