عقِب انتصار “تنظيم الدولة” على قوات النظام السوري، في معركة تدمر التي استمرت أسبوعا، أعلن التنظيم مساء يوم 21 مايو 2015، أن عناصره سيطروا بشكل كامل على المدينة، وبذلك استطاع التنظيم السيطرة على المدينة الواقعة في عقدة مواصلات وسط بادية الشام، ومنعت قوات النظام السوري من التقدم شمالًا باتجاه مدينة الرقة، أهم معاقل التنظيم في سوريا، كما أغلق الطريق أمام التقدم إلى دير الزور شمالًا، وإلى الغوطة الشرقية لريف دمشق، وريفي السويداء ودرعا جنوبا.
وأشار محللون إلى وجود أهداف أخرى، تلاقى فيها النظام السوري، مع التنظيم، فنظام الأسد بدوره سهل مرور “تنظيم الدولة” من العامرية في دير الزور إلى مدينة السخنة في ريف حمص عبر ترك أرتالهم العسكرية تسير دون أن يعترضها أي أحد ودون أن تطاردها الطائرات التي ألقت العديد من البراميل على المدنيين، سنجد أيضًا أن التنظيم يخطط لوصل بادية تدمر ببادية الأنبار العراقية، فضلًا عن كونه قد طمع في الحصول على مستودعات تدمر العسكرية لإمداد قواته بالذخيرة والسلاح، حيث تعد مستودعات تدمر ثاني أكبر مستودعات في سوريا.
بدورها، نشرت وسائل إعلام غربية، وثائق مسرّبة، تُشير إلى أن استعادة النظام السوري لمدينة تدمر الأثرية تمّت باتفاق سري بين “تنظيم الدولة” ونظام بشار الأسد، وأوضحت الوثائق أن التنظيم ونظام الأسد قد أبرما اتفاقًا لمقايضة النفط بالأسمدة.
الوثائق التي تمّ تسريبها ونشرتها صحيفة “ديلي ميل” البريطانية وحصلت عليها قناة “سكاي نيوز” البريطانية، الثلاثاء 3 مايو 2016، تشير إلى أن هناك تعاونًا تم بين النظام وتنظيم داعش حول مدينة تدمر التي سيطر عليها التنظيم على مدار نحو عام قبل أن تستعيدها القوات السورية في شهر مارس.
وتنص إحدى الرسائل التي تمت كتابتها قبل استعادة مدينة تدمر القديمة على “سحب كافة المدفعية الثقيلة والمدافع المضادة للطائرات من مدينة تدمر والمناطق المحيطة بها إلى ولاية الرقة”.
وأكد أحد المنشقين عن “تنظيم الدولة” لمراسل “سكاي نيوز”، ستيوارت رامزي، أن التنظيم كان ينسّق تحركات مقاتليه مع قوات الأسد والقوات الجوية الروسية، وتوضح الرسائل أيضًا أن هناك ترتيبات لإجلاء “تنظيم الدولة” من المناطق قبل قيام قوات الأسد بالهجوم عليها.
يُشار إلى أنه في 28 مارس 2016، استعادت قوات النظام مدعومة بالمليشيات والطيران الروسي، السيطرة على مدينة تدمر “شرق حمص” من “تنظيم الدولة”، وذلك بعد حملة عسكرية استمرت أكثر من عشرين يوما وأسفرت عن دمار أحياء في المدينة، وأعلنت القيادة العامة لجيش النظام السيطرة على المدينة وعلى التلال المحيطة بها، مشيرة إلى أن تدمر ستكون قاعدة ارتكاز لتوسيع العمليات العسكرية ضد “تنظيم الدولة” على محاور عدة، أبرزها دير الزور والرقة، واعتبر النظام أن السيطرة على تدمر دليل على أن جيشه “هو القوة الوحيدة الفاعلة والقادرة على مكافحة الإرهاب واجتثاثه”.
ويرى أغلب المحللين أن خروج النظام من المدينة والعودة إليها هو للحصول على انتصارات إعلامية تساعده في الهروب من استحقاقات سياسية ربما تؤدي إلى سقوطه، وللظهور أمام الرأي العام العالمي مدافعا عن التراث الإنساني أمام الإرهاب، ويشير سفير الائتلاف الوطني السوري في روما بسام العمادي إلى أن ما جرى في تدمر محاولة من موسكو لتعزيز موقع نظام بشار الأسد محاربا للإرهاب، ولفرضه على المجتمع الدولي بهذه الصفة، وفق قوله.