شبكة رصد الإخبارية
follow us in feedly

إعلام فاجر

إعلام فاجر
بقلم : مفتاح سحنون ( كاتب جزائري ) لا يمكن وصف الإعلام المصري سوى أنه إعلام فاجر داعر... وزير الدعاية جوزيف غوبلز في عهد الزعيم...

بقلم : مفتاح سحنون ( كاتب جزائري )

لا يمكن وصف الإعلام المصري سوى أنه إعلام فاجر داعر… وزير الدعاية جوزيف غوبلز في عهد الزعيم الألماني هتلر (صاحب نظرية اكذب ثم اكذب ثم اكذب حتى يصدقك الناس ) سيحتار في أداء هذا الإعلام قطعا لو كان موجودا بيننا في هذا الزمان ، وليس بعيدا أن يطلب أخذ دروس تقوية عند أساطين الإعلام المصري وسيستفيد منهم بلا شك …!

كمتابع لما يدور في الساحة الإعلامية المصرية منذ بداية الثورة المصرية عكفت على ملاحظة وتحليل كل ما يصدر من الإعلام المصري : برامج توك شو ، حوارات ، لقاءات ، مقالات ، تغطية أحداث ، أخبار، تحاليل…. وبدا لي الإعلام المصري يعزف على سيمفونية واحدة : تشويه صورة الإسلاميين ودق إسفين بينهم وبين الشعب … !

نهاية الثورة وبداية العهد الجديد كان يعني تشميع أكشاك الفتنة التي ثبت أنها اكبر سند للمخلوع لكن هذا الأمر لم يتم لأسباب مختلفة، وهو أكبر خطا اُرتكب بعد الثورة لأن عدم تنظيف الإعلام يعني زيادة فرص نجاح الثورة المضادة ، انتقلت بقايا فلول الإعلام إلى أسلوب جديد وهو ركوب سفينة الثورة لخرمها من الداخل ….كل من جاهر بعدائه للثورة صار ثوريا ويزايد على الثوار فنشأت نوعا من “الزندقة السياسية الإعلامية ”

تفاصيل ما بعد الثورة على المستوى الإعلامي الجميع يعرفها ، حرب كسر عظام ضد كل ما يرمز للتيار الإسلامي عن طريق فبركة وقائع لم تحدث أصلا كحادثة قطع أذن القبطي ، أو النفخ في تصريحات ربما كانت خاطئة ولكن لم تكن تستحق كل ذلك التهويل( الشيخ حسين يعقوب والعبارة الشهيرة غزوة الصناديق )وكذلك تصريحات عبد المنعم الشحات( الديمقراطية كفر )وظهور ما يعرف بصفحة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر عشية انتخابات مجلس الشعب …

مغالطات كثيرة تم لوكها في الإعلام حتى صارت مسلمات وبخاصة قبل انتخابات مجلس الشعب ، وصار الحديث عن تهديد الإخوان والسلفيين لحرية لبس البكيني وشرب الخمر والسياحة في برامج التوك الشو أكثر من الحديث عن مشاكل مصر المزمنة كالبطالة ومشاكل المرور وغلاء المعيشة والتفلت الأمني ..

الغريب في الأمر أن كتابا كبارا وقعوا في هذا الفخ وكذبوا كذبة وصدقوها ، الكاتب الكبير علاء الأسواني مباشرة بعد أول جلسة للبرلمان بعدما هيمنت عليه غالبية إسلامية اعتبر ما حدث في أول جلسة داخل البرلمان أمرا مبشرا لان الإخوان والسلفيين لم يتحدثوا عن الخمر والبكيني …؟!

من خلال أداء البرلمان المصري الجديد اكتشف المصريون أن ما كان يتم تداوله من مخاوف مجرد “فزاعات ” وأن الحديث عن البكيني والسياحة والخمر والبنوك لم يعد مجديا ، بسرعة فائقة انتقلت ترسانة الفلول الإعلامية إلى تشويه الوليد الديمقراطي الجديد من منطلق آخر …من منطلق ” برلمان بلا فائدة ” و “البرلمان الذي لم يحقق شيئا ” واختلقوا أسطورة جديدة شغلوا بها الرأي العام وهي أسطورة “التكويش” بمعنى استحواذ التيار الإسلامي على أجهزة الدولة ومحاولة السيطرة عليها ولعل الكل لاحظ من خلال التدقيق في فترة ما قبل الرئاسيات أنه تم التركيز على هذه القضية بشكل كبير بعدما فشلت فزاعة البكيني والسياحة قبل انتخابات مجلس الشعب ، مع أن فكرة التكويش لا توجد في القاموس السياسي القائم على المنافسة والحصول على المكاسب الانتخابية ليس عيبا و حكاية التكويش هي بدعة إعلامية مصرية لم يسبق إليها مثيل ( اليسار في فرنسا حصل على الرئاسة وشكل الحكومة واكتسح البرلمان الجديد )

نجح الإعلام في مهمته واستغل خطوة الإخوان بتقديم مرشح لهم للرئاسة بعدما أعلنوا سابقا عن عدم إقدامهم على هذه الخطوة ، ربما هي الخطوة التي سعّرت نيران الأكاذيب والادعاءات وعززت الاقتناع بان الإسلاميين عازمون على غزو الدولة وتأميمها …!

أداء الحكومة في هذا التوقيت كان مخيبا واتضح أن الأمر مبيت لتكّريه الشعب في الإسلاميين (أزمات بوتغاز سولار تفلت امني ووو…) واتضح أن الإسلاميين وقعوا بين طرفي كماشة : برلمان شرعي بلا أداة تنفيذية وأداة تنفيذية (الحكومة) بلا فعالية ، الإعلام المتربص المترصد لم يكن يحلم بأحسن من هكذا سيناريو ليباشر حربا شاملة .

تم استهداف البرلمان مباشرة عن طريق تشويه أعضائه … استغلال أخطاء فردية والتشهير بالتيار ككل أين أخذت هذه الوقائع أكثر من حجمها في حين أنها تعد منطقيا تصرفات لا تلزم إلا أصحابها … كحادثة النائب السلفي البلكيمي و رفع الأذان من طرف النائب ممدوح إسماعيل ووصلت الدرجة إلى اختلاق قضايا لا أساس لها من الصحة كالادعاء بطرح قضية مضاجعة الوداع في جلسة من جلسات البرلمان ( قضية أثارها الشيخ الزمزمي في المغرب ولا علاقة لها بمصر على الإطلاق) أو استغلال حادثة لا يزال التحقيق جاريا فيها إلى الآن كحادثة النائب على ونيس … !
رئيس مجلس الشعب سعد الكتاتني تم استهدافه بكم هائل من الشائعات المغرضة قصة السيارة الفارهة وأجره الذي ُادعي عليه بأنه تم استثنائه من إجراءات التخفيض بموجب قرار تخفيض أجور كبار الموظفين في الدولة اتباعا لسياسة التقشف ..

استغل الإعلام من جانبه الفترة الحساسة التي كانت قبل المرحلة الأولى أو قبل جولة الإعادة من انتخابات الرئاسة وواصل بطريقة منسقة وخبيثة في نفث السموم واستلم العديد من القضايا ونفخ فيها وفي أوقات حرجة : جنسية والدة أبو إسماعيل ، زواج ابن القيادي الاخواني وعضو البرلمان السابق صبحي صالح من امرأة غير محجبة (جعلوها قضية وتم استغلالها سياسيا ) الحديث عن نية الإخوان في بيع قناة السويس وتم الحديث عن إتمام الصفقة رسميا مع دولة قطر، إخراج الملف الطبي للدكتور محمد مرسي بشكل مغرض والادعاء بأنه مريض أمراض مزمنة …

الشيخ يوسف القرضاوي بصفته احد المنظرين الفكريين لجماعة الإخوان واحد رموزها الكبار تم استهدافه بطريقة مقرفة حيث لُفق له تصريح سخيف يزعم فيه إن معارضي الإخوان هم من قوم لوط ..! التصريح تم اجتزائه وإخراجه من سياقه وتم تحريفه بشكل غريب …رغم غباء صاحب هذا التلفيق إلا أن الأمر اخذ أبعادا خطيرة حيث طُلب من الشيخ يوسف القرضاوي الاعتذار وهوجم بسببه كثيرا
الشيخ يوسف القرضاوي في نفس التوقيت كان يدعم أبو الفتوح في انتخابات الرئاسة في الوقت الذي كان لجماعة الإخوان مرشح خاص بها وهو محمد مرسي وهو ما يعني ضمنيا لزوم الكلام الذي قاله الشيخ القرضاوي في حق معارضي الإخوان له هو شخصيا وفي هذا اكبر دليل على أن القرضاوي لم يقل هذا الكلام وبالتالي الاختراع والتأليف ظاهر لا شك فيه و القرضاوي ليس بهذه السذاجة حتى يناقض نفسه ولكن بعض المرضى نسجوا هذه الحكاية لاستهداف احد اكبر الرموز الإسلامية لدوافع انتخابية

بعد نهاية الانتخابات الرئاسية وإعلان مرسي رئيسا للجمهورية انتقل الإعلام إلى إستراتجية أخرى وهي صناعة الهواجس واختلاق سيناريوهات مريبة لوضع العقدة في المنشار وإيقاف عجلة الزمن التي كان يعني تقدمها الختم بالشمع الأحمر على نظام بائد .

الرئيس مرسي أثير حوله كم هائل من الشائعات والأخبار المكذوبة حوله وحول زوجته وأفراد عائلته ولكن القوم اقتنعوا أن إثارة الشائعات حول شخص الرجل وعائلته أمر يتم اكتشاف كذبه بسرعة على غرار تسليم نجل الرئيس مرسي قلادة النيل لراشد الغنوشي في مطار القاهرة والادعاء بان ابنه الأصغر خُصصت له لجنة خاصة في امتحانات الثانوية العامة …. !

إذا كان الإعلام في السابق يستغل بعض القضايا الواقعية ولكنه يطرحها من منظوره الخاص ويتأثر التحليل عادة عند تناولها بالأجندة المشبوهة للواقفين وراء هذا الإعلام …انتقل خبل الإعلام إلى افتعال قضايا غير موجودة أصلا بمساعدة خياله الواسع إلى افتراض وقائع وطرحها على أساس أنها مسلمة الوقوع : صفحة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر انتقلت من كونها مجرد صفحة مجهولة ووهمية في عالم افتراضي إلى حقيقة مسلمة ويكفي أن يستغل نفس الإعلام بعض الحوادث هنا وهناك ليثبت ما يدعيه بطريقة القطع واللصق وفي ظل عدم وصول جهات التحقيق إلى أي رابط منطقي للحوادث المعزولة بأي طرف أو جهة وفي ظل عدم توفر أي دليل مادي ملموس يثبت وجود ما يسمى بهيئة الأمر بالمعروف والمنكر رغم أنها مجهولة المصدر والتأسيس و هوية الواقفين ورائها و في ظل تبرؤ أقطاب التيار الإسلامي( إخوان سلفيين جماعة إسلامية جهاد دعوة تبليغ ..) من الصفحة ومن الهيئة إن كانت موجودة بالفعل… فهل من المنطق أن يتم الحديث عن شيء صنع افتراضيا ولم يُلمس له اثر على الواقع …؟؟ هل من المنطقي أن يتم الحديث عن حريات المرأة المهددة من قبل الأصوليين المتشددين رغم أن الأمر لا يعدو أن تكون وقائع معزولة لا يمكن أن تعمم ولا تثير الرعب والفزع ولا يمكن أن تصنف في أي سياق إلا سياق إجرامي وكانت تحدث في السابق وبأكثر حدة ولكنها لم تثر ضجة… ! ؟

هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر تعكس رغبة الإعلام في اصطناع هواجس تكون بديلة للمخاوف التي كان يثيرها حول الإسلاميين لأنهم خدعوا الشعب فقالوا:أول ما يصل الإسلاميون إلى الحكم سيفعلون بكم كذا وكذا ولكن لما وجدوا أن كل تخاريفهم فُضحت على رؤوس الأشهاد انتقلوا إلى الخطة البديلة وقالوا في قرارة أنفسهم : إذا لم يفعل الرئيس الإسلامي ولا البرلمان الإسلامي ما كنا نخوّف الناس منه سنقنع الناس بأنهم يفعلوه حتى ولو كان وهما وسرابا ..!!



تنفيذ و استضافة وتطوير ميكس ميديا لحلول الويب تنفيذ شركة ميكس ميديا للخدمات الإعلامية 2023