الخبر يقول؛ أن الأمريكان لهم يد بالانقلاب الفاشل في تركيا .
التاريخ يعيد نفسه لكن هذه المرة بصورة جديدة ولاعبين جدد .
ربما اقتنع الغرب بما فيهم الولايات المتحدة الامريكية وروسيا، أن بلدان الشرق الاوسط بدأت تخرج من عباءة التبعية والانتداب التي كانت ترفل فيها طيلة قرن من الزمن، والتي تحولت من تبعية مباشرة الى اخرى غير مباشرة، عن طريق حكام يتبعون تلك الانظمة تم تعيينهم من قبل دوائر صنع القرار الغربية.
فكان الحل العمل على اعادة هذه الشعوب الى بيت الطاعة، مجدداً بعد ان هز اعماقها زلزال يسمى الربيع العربي.
الحل الاسهل والأمثل هو ايجاد شخصيات كتلك التي لفظها الربيع خارجاً , لكن التحولات الكبرى في تلك البلدان جعل من الصعب ايجاد مثل تلك الشخصيات، سوى في مكان واحد لا يزال محافظاً على تلك الحقبة ووفياً لها، ورجاله لا يزالون من ذلك الزمن، هي المؤسسات العسكرية في تلك البلدان .
حيث الرجال الجاهزين لمثل تلك المهام، جنرالات الجيش الذين جعلت منهم الدكتاتوريات عبارة عن ديكور في حفلات العلاقات العامة، التي كانت تقيمها من حين لآخر.
لم يخض أي منهم معركة حقيقية، سوى تلك المعارك الجانبية، من اجل الاطاحة ببعضهم، وتحصيل بعض المكتسبات امام السيد الديكتاتور.
مخاض الثورات الشعبية الذي اصاب الشرق الاوسط، وصعود بعض القوى السياسية على الساحة، كالإخوان في مصر والخوف من نجاحهم في الحكم، في تجربة تشبه التجربة التركية، وكذلك فرض حزب العدالة والتنمية في تركيا نفسه كنموذج حكم ناجح.
كذلك صعود قوى راديكالية، وظهورها القوي على مسرح الأحداث، كتنظيم الدولة وتنظيم القاعدة، وتحول سوريا الى بؤرة استقطاب عالمية، لجميع هذه القوى ودخول المنطقة في بوتقة حرب اقليمية، وربما عودة نذر الحرب الباردة من خلال الصراع على اقتصاد تلك الدول، والمصالح الاقتصادية والجيوسياسية.
هذه الفوضى التي حدثت هي بحاجة لترتيب واعادة اوراق اللعبة الى ما كانت عليه، ربما بوجوه جديدة لكنها لا تختلف كثيرا عما كانت عليه.
هذا التغيير اقتضى البحث عن حلول جاهزة ومقولبة، فكان الخيار الافضل هو عسكرة هذه البلدان مجددا.
فتم دعم الانقلاب في مصر ليصل السيسي الى منصة الحكم في انقلاب واضح على الشرعية، وبصمت عالمي ليتبعه دعم الفرنسيين والأمريكان، للضابط السابق في القوات الليبية خليفة حفتر .
وليس الانقلاب الذي فشل في تركيا بعيدا عن رسم هذه السياسة في الشرق الاوسط، فكرة الانقلابات والتي مارستها الولايات المتحدة في فترة الخمسينات، من اجل ترتيب اوراق الشرق الاوسط بعد الحرب العالمية الثانية، ها هي تعيد ترتيبه مجددا بما يلائم مصالحها، مما يجعلنا نعتقد بوجود مخططات للإطاحة بنظم أخرى، وربما ايصال جنرالات الجيش الى السلطة في بلدان أخرى وتقسيم بلدان أخرى حتى يتم إعادة الترتيب.
ولعل العراق واليمن وليبيا، هي البلدان الجاهزة لهذه الحلول يتبعها سوريا ولبنان، وتبقى الأردن بحكمها الملكي المتفرد مستقرة، فيما يبقى الوضع الإيراني متفردا، وربما السيناريو الاكثر ترجيحا هو تقسيم إيران إلى دويلات صغيرة قومية ومتصارعة مع بعضها البعض.
سيناريو مشابه لما حصل في خمسينيات القرن فهل نرى التاريخ يعيد نفسه.