مضى شهر على قرار محافظ البنك المركزي، طارق عامر، بتعويم الجنيه المصري، وخلال هذه الفترة فقد الجنيه نحو ضعف قيمته، أو ما يعادل 102% أمام الدولار الأميركي، إذ أصبحت قيمة الدولار الواحد تساوي 18 جنيهًا، نزولاً من 8.88 جنيهات.
وفي 3 نوفمبر الماضي، قرر البنك المركزي المصري تحرير سعر الصرف لتنخفض قيمة العملة المحلية من 8.88 جنيهات لكل دولار إلى نحو 18 جنيهاً في عدد من البنوك المحلية اليوم الإثنين.
وقوبلت خطوة تحرير سعر صرف الجنيه، ليخضع لقواعد العرض والطلب، بترحيب من جانب المؤسسات المالية الدولية، ومن بينها صندوق النقد والبنك الدوليين ووكالات التصنيف الائتماني الكبرى في العالم؛ ” فيتش” و”موديز” ” وستاندرد آند بورز”.
وتوقعت بنوك استثمار ومراكز أبحاث منها مؤسسة “كابيتال إيكونومكس” ارتفاع التضخم في مصر بعد تعويم الجنيه.
تنفيذ شروط قرض صندوق النقد
كان تحرير سعر صرف الجنيه، وما تلاه من رفع أسعار الوقود المرتبطة بصرف الدولار، عاملين أساسيين لموافقة المجلس التنفيذي لصندوق النقد الدولي على طلب مصر اقتراض 12 مليار دولار، في 11 نوفمبر الماضي، وصرف الشريحة الأولى من القرض بقيمة 2.75 مليار دولار.
وقال وزير المالية المصري عمرو الجارحي منتصف الأسبوع الماضي، إن بلاده قادرة على جذب تدفقات نقدية كبيرة من استثمارات الاجانب بأذون الخزانة، لتتراوح ما بين 8 – 10 مليارات دولار مثلما كان يحدث في السنوات الماضية، بعد تعويم الجنيه ورفع الفائدة على الإيداع والإقراض لليلة إلى 14.75% و 15.75% على التوالي.
وأوضح الجارحي أن استثمارات الأجانب في أذون الخزانة المصرية بلغت 500 مليون دولار منذ تحرير سعر الصرف في 3 نوفمبر وحتى يوم 20 من الشهر نفسه.
التضخم وارتفاع الأسعار
ومنذ تعويم الجنيه، ظهرت بعض الأزمات المرتبطة بأسعار السلع وتوفرها، أبرزها نفص عدد كبير من الأدوية في الصيدليات بما في ذلك أدوية علاج أمراض السرطان، إضافة إلى أدوية أساسية مثل الأنسولين والتيتانوس وحبوب منع الحمل، بخلاف السلع التموين الاساسية مثل السكر .
وما تزال السوق السوداء تعمل لكن بنطاق أقل من السابق، رغم أن الطلب على الدولار ارتفع من جانب المستوردين، بعد عدم وفاء البنوك بكل احتياجاتها، وخاصة قطاعات الأخشاب والحديد.
وإزاء ذلك، أبلغ البنك المركزي البنوك العاملة في السوق، بإمكانية تمويل استيراد السلع غير الأساسية ولكن بشروط تلزم البنوك الراغبة في ذلك، بضخ ما يوازي قيمة تمويل تلك السلع في معاملات ما بين البنوك (إنتربنك).
ويقصد بـ (الإنتربك)، نظام تقوم بمقتضاه البنوك الأعضاء فيه بإعلان أسعارها لبيع وشراء العملات الأجنبية بينها مباشرة، أو من خلال منصات الوساطة الإلكترونية، بحسب “الأناضول”.
تراجع مؤشر مديري المشتريات الي أدنى مستوى
وتراجع مؤشر “مديري المشتريات” الرئيسي (PMI) لبنك “الإمارات دبي الوطني” الخاص بمصر، إلى 41.8 نقطة في نوفمبر الماضي مقابل 42 نقطة في أكتوبر السابق عليه، وهو أدنى قراءة منذ يوليو 2013.
وقال بنك الإمارات دبي الوطني في بيان، اليوم الإثنين، إن تدهور القطاع الخاص غير المنتج للنفط في مصر استمر في التدهور بشكل متسارع خلال نوفمبر الماضي.
وأضاف البيان، أن معدل تدهور الظروف التجارية شهد تسارعاً في الأشهر الأربعة الماضية، بسبب ضغوط التكلفة الكبيرة الناتجة عن ضعف العملة المحلية أمام الدولار، وكان لها تأثير حاد على العمليات.
ومؤشر مدراء المشتريات الرئيسي (PMI) لبنك الإمارات دبي الوطني، يصدر شهرياً، وهو مؤشر مصمم ليعطي مقياساً لظروف التشغيل لدى شركات القطاع الخاص غير المنتج للبترول ويتم تعديله موسميا.
وتشير قراءة مؤشر مديري المشتريات فوق 50 نقطة، إلى حدوث تحسن في ظروف العمل خلال الشهر السابق، في حين أن القراءة دون هذا الرقم، تشير إلى التدهور في القطاع.
وأوضح البيان أن أسعار المواد الخام في مصر، ارتفعت تزامناً من ارتفاع العجز في العرض، ما ساهم في استمرار التراجعات الحادة في الإنتاج والمشتريات.
وشهدت الطلبات الجديدة أيضاً تراجعاً حاداً، وقام عدد من الشركات بترحيل ارتفاع التكاليف إلى أسعار المنتجات، ونتيجة لذلك، لجأت بعض الشركات إلى تقليل أعداد موظفيها في محاولة لتخفيض التكاليف.
مزأيا وعيوب التعويم
ومن جانبه أكد الدكتور مصطفى شاهين – الخبير الاقتصادي – أن تعويم الجنيه نجح حتى الآن في القضاء على السوق السوداء للدولار، وأرجع الفوائد المالية للبنوك، ولكنه في الوقت نفسه حوّل البنوك إلى سوق سوداء.
وأضاف شاهين في تصريح خاص لـ”رصد”، أنه حينما تم تعويم الجنيه، كان سعر الدولار 13 جنيهًا، واليوم تخطى حاجز الـ18 جنيهًا، وهذا يعني أن قيمة العملة انخفضت بنسبة 100%، وهذا يعني انخفاض في قيمة مدخرات المواطنين بالنسبة نفسها.
وأوضح الصاوي أن النقطة الأخطر أنه حتى الآن لم تسطع البنوك الوفاء بمتطلبات المستوردين، ومازالت هناك قيود على صرف الدولار، وأن البنوك أصبحت هي من تتاجر في الدولار، مؤكدًا أن هذا يشير إلى أن الدولار سيواصل الارتفاع، كما الأسعار أيضًا، إضافة إلى زيادة تكاليف المنتجات، وحتى الآن لم يحدث ثبات في سعر الدولار وهذا يقضي على الاستثمار.