تحصد حوادث الطرق سنويا من أرواح المصريين أعدادا لم يتمكن الإرهاب في أوج انتشاره من الوصول إليها.
15 ألف قتيل سنويا، يسقطون في حوادث الطرق، التي باتت أنباؤها تقلق المصريين في كل صباح. وبحسب هذه الأرقام، تتبوأ مصر المكانة الأعلى بين دول العالم في حوادث الطرق.
ووفقا لأحدث تقارير منظمة الصحة العالمية، بينما يتجاوز عدد الوفيات خمسة عشر ألفًا، تبلغ أعداد المصابين خمسين ألفًا تقريبا جراء حوادث الطرق في مصر؛ ما يجعل معدل القتلى في مصر ضعف المعدل العالمي.
ومنذ فترة من الزمن، ارتفعت المطالبات في مصر بتعديل قوانين المرور ووضع الخطط اللازمة لمواجهة هذا المعدل المتصاعد في حوادث الطرق، وخاصة أن العديد من الخبراء أرجعوا أسباب زيادة الحوادث إلى السرعة الزائدة والقيادة تحت تأثير المخدرات وضعف التوعية المرورية؛ مطالبين بتشديد العقوبات وتفعيل قوانين المرور، إضافة إلى تحسين جودة المواصلات العامة ومترو الأنفاق، الأمر الذي سيقلل كثيرا من الحوادث.
الجهات الحكومية، من جهتها، تحركت على محورين لمواجهة تلك الزيادة المتصاعدة في حوادث الطرق:
المحور الأول:
تمثل في ما ذهبت إليه الحكومة المصرية من وضع خطة كاملة لمراقبة الطرق إلكترونيا، وإعادة هيكلة منظومة الطرق، لكي تواكب العصر، وذلك بإيعاز من عبدالفتاح السيسي، الذي وجه دعوة إلى أعضاء البرلمان المصري بضرورة الإعلان عن خطة زمنية لتنفيذ هذا المشروع.
وقد شرعت لجنة النقل والمواصلات داخل مجلس النواب بعقد العديد من الاجتماعات الدورية مع الأمانة العامة لوزارة الدفاع لبحث تنفيذ هذه التوجيهات، حيث ستتبنى وزارة الدفاع المصرية، بالتنسيق مع الهيئة العامة للطرق والكباري تنفيذ هذه الخطة بعد تشكيل لجنة قومية مستقلة، تضم عددا من الهيئات والوزارات، التي يرتبط عملها بحالة الطرق في مصر، على أن تقوم هذه اللجنة بوضع خطة وبرنامج زمني واضح، يساعد على مواجهة الحوادث، ويضع ترتيبات آمنة، توقفها، لا سيما أن إصلاح منظومة الطرق ليس خاصا بوزارة النقل فقط، بل هناك الكثير من المؤسسات والوزارات المعنية، التي يتداخل عملها في هذا الشأن، كهيئة الإسعاف ووزارة الصحة ووزارة الإسكان والتربية والتعليم، وغيرها من الهيئات والمؤسسات، والتزام الحكومة بتنفيذ هذا المشروع كفيل بالتصدي لحوادث الطرق في مصر، وإعادة هيكلة جميع الطرق.
المحور الثاني :
يتمثل في التعديلات الجديدة لقانون المرور، والتي تم إرسالها إلى مجلس النواب بهدف حل مشكلات الازدحام، وكذلك تزايد معدلات الحوادث في مصر، والتصدي لظاهرة انتشار “التوك توك”، والذي وصفه رئيس لجنة النقل بمجلس النواب اللواء سعد طعيمة بأنه “وباء العصر” لدوره في إفساد التعليم والأخلاق والمرور، وتحول إلى مرض حقيقي، ينتشر في جسد كل الدولة المصرية؛ محملا كل الوزارات المسؤولية عن تقصيرها الشديد وفشلها في حل الأزمة. كما أن مشروع القانون الجديد يفرض العديد من العقوبات على المخالفين، في محاولة جادة للحد من تزايد حوادث الطرق في البلاد.
والمشكلة الكبرى في مصر تتمثل في أن الخسائر الناجمة عن حوادث الطرق لا تتوقف عند حد الخسائر البشرية فقط، بل تمتد إلى خسائر اقتصادية أيضا، قدرها الجهاز المركزي للتعبئة العامة والاحصاء بـ 17 مليار جنيه سنويا، في حين أن المستشار سامي مختار رئيس الجمعية المصرية لرعاية ضحايا حوادث الطرق قدرها بـ 30 مليارا في تصريحاته، فيما ذكرت إحصاءات البنك المركزي المصري أن شركات التأمين قامت بسداد 5.5 مليار جنيه خلال السنوات الثلاث الماضية كتعويضات عن حوادث السيارات في مصر.
ولذلك، تقدم أستاذ الطرق بكلية الهندسة جامعة عين شمس الدكتور أسامة عقيل بمبادرة إلى مجلس الوزراء للحد من حوادث الطرق عبر المجلس القومي للسلامة على الطرق، لكنها لم تلق الاهتمام الكافي، وطالب الرئيس السيسي بالاهتمام بالأمر شخصيا انقاذاً لحياة المصريين؛ مشيراً إلى أنه لا يمكن منع حوادث الطرق نهائيا ولكن يمكن الحد منها.
والغريب في الأمر أن المجلس القومي للسلامة لم يجتمع منذ حوالي 10 سنوات، ومع ذلك يرى أستاذ النقل والطرق بجامعة عين شمس ومدير المعهد القومي للنقل سابقا الدكتور عبدالجواد بهجت: أن لحوادث الطرق في مصر أسبابا عديدة منها: الأخطاء البشرية، وعدم الالتزام بقواعد المرور، إضافة إلى الخلل الموجود في المركبات نفسها. وهذه المشكلات يتم حلها عبر تطبيق القانون على الجميع. أما السبب الآخر للحوادث فهو الطرق، التي لا بد من إخضاعها لعمليات صيانة دورية، وخاصة أن الجميع يعلم أن هناك نقاطاً سوداء على الطرق في مصر تكثر عليها الحوادث، وهذه لا بد من علاجها حتى يمكن الحد من الحوادث.