يرى الكاتب “أورين كيلر”، نائب مدير الأبحاث بمؤسسة “دفنس أوف ديمقراسيس”، في مقال له نشرته مجلة “فورين أفيرز” الأميركية، أن خوف السيسي من مصير بشار الأسد هو أحد الأسباب الرئيسة لدعمه في مواجهة المجموعات المعارضة المسلحة في البلاد.
وقال الكاتب إنه في الأول من فبراير غادرت طائرة نقل جوية القاعدة الجوية في اللاذقية بسورية وهبطت في المجال الجوي المصري بالقرب من الحدود المصرية مع ليبيا ثم عادت إلى سوريا، وعلى مدار شهور كان هناك تقارير غير مؤكدة حول إرسال مصر قوات بهدف مساعدة النظام السوري في الحرب الأهلية الدائرة بالبلاد، ومنذ الوهلة الأولى يبدو أن هذه الرحلة أكدت هذه الشكوك، والحقيقة الواضحة هي أن القاهرة تنسق مع تحالف “موسكو دمشق”، ويؤكد ذلك أحد أسوأ الأسرار: وهو أن القاهرة تدعم نظام بشار الأسد.
وبالعودة إلى شهر نوفمبر، اعترف الرئيس المصري بأمر كذلك في حواره مع التلفزيون البرتغالي؛ حيث قال إن أولوية القاهرة “هي دعم الجيوش الوطنية، على سبيل المثال في ليبيا”، ونفس الأمر ينطبق على “سورية والعراق”، وبسؤال المحاور للسيسي عن أنه ما إذا كان يقصد النظام السوري، رد السيسي بوضوح: “نعم”.
ويضيف الكاتب أن السيسي هو الرئيس العربي الوحيد الذي يدعم بوضوح بشار الأسد، المكروه في معظم أنحاء العربي؛ لمسؤوليته عن هجمات الأرض المحروقة وأزمة اللاجئين. ويعود تعاطف السيسي مع بشار الأسد إلى أسابيع بعد قيادة عبدالفتاح السيسي الإطاحة عسكريًا بحكومة الإخوان المسلمين في 2013، ومنذ ذلك الحين اتبعت مصر نهج “انتظر لترى” لتحدد من المنتصر قبل الإفصاح عمن تؤيده أو تقف ضده؛ على سبيل المثال: عندما بدا الأسد في موقف دفاعي وسط تقدم تنظيم الدولة في صيف 2015 طالب السيسي زائريه من الدبلوماسيين بالاستعداد لسقوط الأسد.
ويشير الكاتب إلى اتجاه نظام السيسي إلى دعم الأسد بعد التدخل الروسي وميل كفة الصراع لصالحه، وخلال أكتوبر 2016 أعلن التلفزيون السوري عن استضافة دمشق اجتماعات مع مسؤولين مصريين رفيعي المستوى، بما في ذلك رئيس المخابرات، وقال المتحدث باسم الجيش السوري إن الحديث عن عمليات عسكرية مشتركة وصل إلى “مرحلة متقدمة”، وأغضبت هذه التحركات السعودية التي ضخت 25 مليار دولار في الاقتصاد المصري المتداعي منذ الإطاحة بمرسي. إذًا؛ لماذ تتملق مصر لسوريا على حساب المخاطرة بإلحاق الضرر بمكانتها الإقليمية وإغضاب داعميها الإقليميين بينما اقتصادها في أزمة عميقة؟!
أولًا تصور القاهرة للتهديد يختلف عن داعميها الإقليميين، وبالرغم من أن السعودية ترى إيران -داعم الأسد- التهديد الأبرز لأمنها ومصالحها، تحجز القاهرة هذه المكانة للإسلاميين السنة مثل الإخوان وتنظيم الدولة، وعلى مدار عقود كان الإخوان المسلمون الخصم الرئيس للجيش المصري.
وعندما ينظر السيسي إلى الصراع السوري يذكره ذلك بمدى هشاشة حكمه. ففي سوريا، وكما هو الحال في مصر، حكم النظام البلاد على مدار أربعة عقود، وعلى الرغم من أن فك الارتباط بين العديد من المجموعات المعارضة في سوريا صعب للغاية؛ فإن واحدة من بينهم على الأقل، المجلس الوطني السوري، الذي يتخذ من أسطنبول مقرًا له، يسيطر عليه الإخوان المسلمون، وبالنسبة إلى تنظيم الدولة فقد ميز التنظيم نفسه بأنه واحد من أكثر القوات المحاربة للأسد شراسة وفاعلية.
السبب الثاني هو سير القاهرة ودمشق على نهج كراهية واحد لحكومة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الذي تعود جذوره إلى الإسلام السياسي، ومنذ انقلاب 2013 كان أردوغان المعارض الرئيس للسيسي، كما أنه مولع برفع إشارة رابعة، وكانت أنقرة المعارض الدولي الكبير، جنبًا إلى جنب مع السعودية، لنظام الأسد.
وفي النهاية، رأى الكاتب أن العلاقات الوثيقة مع الأسد وسيلة لعلاقة دافئة مع روسيا، وأدت العلاقة المتوترة مع إدارة أوباما بعد الانقلاب العسكري إلى تقارب القاهرة مع الكرملين للتعاون من أجل كل شيء؛ من طائرات الهليكوبتر إلى التدريبات العسكرية المشتركة والطاقة النووية.