نشرت صحف أميركية تقارير عن تفكك تنظيم الدولة واضمحلاله، وعن النهوض البطيء -لكنه ثابت- لتنظيم القاعدة في عدد من المناطق في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
وقالت مجلة “فورين أفيرز” إن “معظم المراقبين يعتقدون أن تنظيم الدولة يخضع حاليًا إلى عملية تفتت، في الوقت الذي يتراجع فيه في العراق وسوريا”.
وأوضحت المجلة أن التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة، الذي ظل يحارب تنظيم الدولة ثلاث سنوات حتى اليوم، حقق نجاحات كبيرة العام الماضي؛ بقتله أو اعتقاله عددًا كبيرًا من القادة البارزين بالتنظيم، كما أن مصادر تمويله قد وُجهت إليها ضربة قاصمة، بالإضافة إلى فقدان التنظيم مساحات واسعة من الأراضي التي كان يسيطر عليها في سوريا والعراق.
وأشارت الصحيفة إلى أن أحد المعايير الدالة على انكماش تنظيم الدولة الانحسار الجغرافي الذي تشهده دعايته، قائلة إنه ومن مجموع أربعين مكتبًا للدعاية في 2015 لم يتبق في منتصف يناير الماضي سوى 19، مع اقتصار معظم الدعاية على العراق وسوريا، وعلى البقاء والصمود أكثر من التوسع، بالإضافة إلى المعيار الآخر، وهو التجنيد؛ الذي وصفته بأنه قد توقف تمامًا تقريبًا.
احتمالات مختلفة
وتوقعت المجلة أن يشهد التنظيم مزيدًا من التفكك خلال السنوات القليلة المقبلة مع اتخاذه أحد الاحتمالين: الأول منح مركز التنظيم سلطات أوسع رغم ضعفه، والآخر أن يسير في خطى تنظيم القاعدة في العقد الماضي بأن يتفكك حتى في مركزه بالعراق وسوريا ويعطي دافعًا أكبر لعمليات فروعه في أفغانستان وليبيا وسيناء واليمن.
ولم تستبعد الصحيفة، استنادا إلى آراء بعض المحللين، أن يتفكك تنظيم الدولة إلى مجموعات صغيرة أكثر تطرفًا؛ وبالتالي أكثر تهديدًا وخطورة وإطالة للحرب ضده التي طالت.
وأوردت آراء محللين آخرين يقولون إن هناك احتمالًا لتفكك التنظيم إلى مجموعات متناحرة؛ الأمر الذي يشكل تهديدًا للوحدة الأيديولوجية له.
نهوض القاعدة
وفي المقابل، نشرت صحيفة “واشنطن تايمز” تقريرًا عن نهوض جديد لتنظيم القاعدة في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بزيادة أذرعه ودخول مناطق جديدة، وقالت إن ذلك سيجعل الأولوية التي وضعها ترامب بتدمير تنظيم الدولة أكثر تعقيدًا مما كانت.
ونسبت إلى خبراء قولهم أمام الكونغرس الأميركي مؤخرًا إن القاعدة أصبحت تركز على تجنيد “إرهابيين” بمواصفات عالية بدلًا من التجنيد من أجل زيادة العدد، وتعتمد في هذا التجنيد على الشبكات الاجتماعية والمساجد والممولين لاختيار المجندين الجدد، وأشارت إلى أن القاعدة تستكشف حاليًا تقنيات صناعة القنابل لإسقاط الطائرات وطرق زعزعة حكومات المنطقة.
ونفت الصحيفة ما يُقال عن أن تنظيم القاعدة لا يهتم بالسيطرة على الأراضي، على عكس تنظيم الدولة، مؤكدة أن القاعدة تؤسش في الوقت الراهن “إمارات إسلامية” في دول عديدة؛ بينها اليمن.
وأوردت “واشنطن تايمز” أن تنظيم القاعدة يدير خمسة تنظيمات كبيرة على الأقل، وهي القاعدة في المغرب الإسلامي، و”أنصار الشريعة” شمال إفريقيا، والقاعدة بشبه جزيرة العرب في اليمن، والشباب بالصومال، وتنظيم في طور الازدهار بسوريا، ولا تزال القاعدة مصدر تهديد في أفغانستان.
وأوردت الصحيفة كثيرًا من التفاصيل التي تدل على التقدم الذي تحرزه القاعدة في جميع مناطقها من ناحية عدد الهجمات التي تنفذها والاتساع الجغرافي لمدى سيطرتها.
فرصة للقاعدة
من ناحيته، يرى أستاذ السياسة بالجامعة الأسترالية عمرو عبدالرحمن أن الضربات التي وجهت إلى تنظيم الدولة بالفعل أدت إلى إضعافه ولاحت في الأفق علامات على تفككه أو تحلله، حسب قوله، وفي الوقت ذاته مرت الثلاث سنوات الأخيرة على تنظيم القاعدة فيما يعكس استراحة محارب أعطت للتنظيم فرصة جيدة لجمع أوراقه من جديد والسعي إلى ترتيب بيته المادي ودعم مستوى التمويل، بالإضافة إلى التطوير الفني؛ سواء في صناعة القنابل أو الأسلحة الأرضية.
ويتابع: السؤال الأهم هنا: هل التحالف الدولي لمحاربة تنظيم الدولة بهذه الدرجة من السذاجة حتى يركز على مقاومة تنظيم الدولة دون متابعة القاعدة، الذي لا يختلف كثيرًا عن تنظيم الدولة على مستوى التجنيد أو التسليح أو الأيديولجيا؟ وهل من قبيل الصدفة أن ينهض القاعدة في هذا التوقيت” ويجيب: لا أظن ذلك.
نظرية المؤامرة
وعطفًا على ذلك، يرى المحلل السياسي محمد الشرقاوي أن معظم هذه التنظيمات مخترقة مخابراتيًا.
ويتابع: أؤيد في هذا الإطار نظرية المؤامرة؛ فتوقيت نهوض القاعدة من جديد مستغرب وغير منطقي، وهو التنظيم الذي تلقى ضربات عديدة مؤخرًا ولم تظهر له بصمات في ظل الصعود القوي لتنظيم الدولة؛ وهو أمر يدعو إلى الريبة والدهشة.