قال مراقبون إن غزو أميركا للعراق سبّب أحداثًا مأساوية للعالم؛ أبرزها ظهور داعش، وأزمة اللاجئين، إضافة إلى تدهور الوضع العراقي.
ونشر موقع “روسيا اليوم” تقريرًا تخيّليًا للصحفي والمدون “نيل كلارك” عن وضع العراق في وجود الرئيس العراقي الراحل صدام حسين ومقارنته بالوضع الحالي.
وإلى نص التقرير:
يحتفل اليوم 28 أبريل 2017 الرئيس العراقي صدام حسين، الذي أصبح عضوًا في الجمهورية العربية المتحدة المعاد تشكيلها حديثًا مع مصر وسوريا، بعيد ميلاده الثمانين. وتشهد بغداد اليوم مواكب كبيرة؛ حيث وصل الرئيس الزيمبابوي روبرت موجابي (93 سنة). وقاطع قادة الغرب هذه الاحتفالات؛ حيث هاجمت رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي ووزير الخارجية بوريس جونسون “صدّام”، معتبرين أنه طاغية.
وفي خطابه الموجّه للأمة، تذكّر صدام نقطة التحول عندما تجنب حرب 2003؛ حيث تفادى مخططًا أميركيًا لغزو العراق بسبب الاحتجاجات الشعبية الواسعة، عن طريق مستوى غير مسبوق من العصيان المدني في الدول الغربية، وتهديدات بالتمرد من الجنود الذين رفضوا المشاركة في حرب غير مشروعة.
وقال صدّام إنه إذا شهد العراق غزوًا كنا لنشهد نتائج كارثية، ليس فقط للعراق؛ ولكن لدول أخرى. مضيفًا أن هذه الخطوة كانت ستشجع أميركا على الهجوم على دول مستقلة أخرى مثل ليبيا وسوريا، بالإضافة إلى ظهور جماعات إرهابية في وسط هذه الفوضى.
وأكّد صدام أن هذه الفوضى كانت ستعطي فرصة للإرهابيين بالسعي وذبح المسيحيين وجماعات أخرى في الشرق الأوسط وصولًا إلى الغرب، مضيفًا أن هذا الغزو كان سيخلق أيضًا أزمة لاجئين كبيرة؛ بسبب نزوح عديدين هربًا من ويلات الحرب، وكان سيصبح العالم بأجمعه مكانًا خطرًا؛ ولذا نحمد الله على منع هذه الحرب.
وسخر الغرب من هذه الادعاءات؛ حيث رؤوا أن عدم التدخل العسكري كان خطأ فادحًا. وقال السيناتور جون ماكين إن فرصة عظيمة لجلب السلام والديمقراطية للشرق الأوسط ذهبت هباءً في 2003، مضيفًا أنه إذا أطيح بالديكتاتور صدام حسين كانت هناك فوائد ضخمة ستعمّ على المنطقة والعالم.
وقال وزير الخارجية البريطاني السابق توني بلير لشبكة “بي بي سي” إنه ينظر إلى غزو العراق، الذي لم يتم، بندم كبير؛ مؤكدًا أن الشعب العراقي خسر بسبب فشلهم في الاستمرار في خطتهم.
وفي الوقت نفسه، قالت جماعات حقوقية إنه على الرغم من تحسّن الأوضاع تحت قيادة صدام حسين في السنوات الأخيرة؛ فإنهم يشعرون بالقلق حيال احتجاز نشطاء مناهضين للحكومة من دون محاكمة.
وقال ناشط إنه عارض غزو العراق في 2003؛ لكنه يعتقد أنه كان من الضروري تسليح المقاومة العراقية للتخلص من صدام، مضيفًا أنه يجب التفكير في هذا الخيار.
وصرَّح بعدها صدام حسين أن إعادة الجمهورية العربية المتحدة كانت سببًا رئيسًا في ردع الهجمات الأميركية على الدول المستقلة في المنطقة. ومؤخرًا، وقّعت الجمهورية العربية المتحدة معاهدة عدم اعتداء مع إيران، واتفاقية دفاع مشترك مع روسيا والصين، وأجبرت أميركا في النهاية على رفع العقوبات المفروضة على العراق وسوريا وليبيا.
في الوقت ذاته، قال محللون إن تكوين الجمهورية العربية المتحدة كان سببًا أساسيًا في موافقة “إسرائيل” على إنشاء دولة فلسطينية ذات سيادة؛ ولكن استمر التوتر بين الجمهورية و”إسرائيل”، ويترقب العالم استفتاء أكراد العراق –المزمع إقامته في هذا العام- للحصول على استقلالهم.
وأكّد صدّام أنه على الرغم من وجود صعوبات؛ فإن التاريخ سيؤكد أن أحداث 2003 كانت نقطة تحول، حيث تمكن العالم من تجنب سيناريو كارثي، وتمكنت دول الشرق الأوسط من إحداث تقدم.
هذا ما كان سيحدث؛ ولكن هذا ما حدث:
غَزَتْ أميركا وحلفاؤها العراق في 20 مارس 2003 بادعاء أنه يملك أسلحة دمار شامل، ومنذ ذلك الوقت قُتل حوالي مليون عراقي وأكثر من 4800 جندي من أميركا وحلفائها؛ من بينهم 179 بريطانيًا.
وقالت تقارير في 2007 إن هناك ما بين 12 إلى 20% من المقاتلين العائدين من الحرب يعانون من اضطراب ما بعد الصدمة.
وكما توقع معارضوها، تسببت الحرب في أزمة لاجئين؛ ففي 2007 قالت هيئة الأمم المتحدة إن عدد العراقيين الفارين من وطنهم وصل إلى مليونين، بينما تشرد حوالي 1.7 مليون شخص داخل الدولة. وفي نهاية 2015 قالت هيئة الأمم إن رقم المشردين من العراقيين وصل إلى 4.6 ملايين، ومن بين العراقيين الذين أجبروا على ترك منازلهم مسيحيون عانوا من اضطهاد.
وبعد 14 عامًا من الغزو الأميركي العسكري للعراق، لا زالت القوات الأميركية متواجدة هناك؛ في سعيها إلى تحرير الموصل من داعش، الذين تواجدوا فقط بسبب ادعاء أميركا السابق بتحريرها العراق في 2003. واعترف توني بلير، أحد المخططين للحرب، أن هذا الغزو تسبب في وجود داعش.
وساء وضع النساء في العراق؛ ففي تقرير لمنظمة هيومان رايتس ووتش في 2011 قالت إن النساء إما قُتل أزواجهن أو تعرضن إلى البيع وأجبرن على الزواج المبكر، وتعرضن إلى الضرب والمضايقات الجنسية في حالة تركهن منازلهن، وزاد معدل زواج القُصّر من الفتيات تحت سن 18 منذ 2003 إلى 25%.
وفي مقال له بصحيفة الجارديان في 2009، قال بيتر ميتشل، الذي دعا من قبل إلى تسليح المعارضة العراقية للإطاحة بصدام، إن الغزو العراقي أنهى عهد ديكتاتور؛ ولكنه أيضًا دمّر الدولة المدنية وخلق فوضى في ظل عدم وجود قانون.
وبشأن حرية الإعلام، جاء العراق في المركز 130 في حرية الإعلام لعام 2002، وهو آخر عام من حكم صدام، والآن العراق في المركز 158. وقالت تقارير إن العراق من أخطر الدول للصحفيين؛ حيث يُستهدَفون من مليشيات تابعة للحكومة وأخرى تابعة للمعارضة. ولا تتم معاقبة القتلة؛ وإذا فُتحت تحقيقات لا تصل إلى نتائج مفيدة.
وبالطبع، في النهاية، ظهر أنه لا توجد أسلحة دمار شامل في العراق. لذا؛ ألم يكُ من الأفضل ألّا تتدخل أميركا في العراق؟ ألم يكُ من الأفضل ألّا يتم الغزو الأميركي للعراق في 2003؟