تسببت دعوة نقيب الصحفيين عبد المحسن سلامة لوزير الداخلية مجدي عبد الغفار لزيارة النقابة في عاصفة جديدة بالوسط الصحفي وحالة من الغضب والرفض للدعوة، حيث أعلن نقيب الصحفيين السابق، يحيى قلاش، رفضه للزيارة معتبرا إياها جريمة جديدة، كما رفض. أكثر من عضو بمجلس النقابة الحالي الدعوة، مطالبين بتحريك بلاغات اقتحام التقابة ومعاقبة من قام بذلك، وهو المنحي نفسه الذي اتخذه عددا من أعضاء المجلس السابقين، مؤكدين على ضرورة محاسبة الوزير واعتذاره وليس زيارته للنقابة.
بيان العاصفة
وفي بيان لوزارة الداخلية الذي يمكن ان يطلق عليه بيان العاصفة؛ عقب لقاء مجدى عبدالغفار وزير الداخلية السبت بمكرم محمد أحمد رئيس المجلس الأعلى للإعلام، وعبدالمحسن سلامة نقيب الصحفيين، أشاد وزير الداخلية بالدور الإيجابي والبناء الذى تقوم به الصحافة ووسائل الإعلام إزاء مختلف القضايا الوطنية، مؤكداً حرص الوزارة على التنسيق والتعاون مع كافة المؤسسات الإعلامية والصحفية والعمل بشفافية إدراكاً لأهمية الرسالة الإعلامية في دعم العمل الوطني وإيضاح الحقائق للرأي العام، مشيراً إلى أن العلاقة بين وزارة الداخلية ونقابة الصحفيين والمؤسسات الصحفية والإعلامية هي علاقة تكاملية”.
و لكن الفقرة التي فجرت الموقف والتي أوردها البيان هي الخاصة بكلام نقيب الصحفيين والمتعلقة بدعوة النقيب للوزير لزيارة النقابة والتي جاء بيها: “وقد وجه نقيب الصحفيين الدعوة للسيد وزير الداخلية لزيارة نقابة الصحفيين ورحب سيادته بالدعوة على أن يتم تحديد موعدها فيما بعد، مؤكداً حرصه على توطيد العلاقة بين الوزارة والنقابة في مختلف المجالات بما يعود بالنفع على مصلحة الوطن”.
رفض غاضب
وعقب هذه الدعوة، أعرب العديد من الصحفيين عن رفضهم للزيارة وعلى رأسهم النقيب السابق يحيى قلاش، الذي أكد علي رفضه للزيارة في عدة تصريحات صحفية، قال فيها: “إن الصحفيين لن يسمحوا للوزير بدخول النقابة بهذه الطريقة المهينة بعدما اقتحمت الشرطة مقر النقابة ولم تعتذر”.
وفي لهجة تحدٍ؛ قال قلاش: “وزير الداخلية لن يدخل النقابة إلا على جثث أعضاء الجمعية العمومية، ودعوة نقيب الصحفيين لوزير الداخلية، عار لن نقبله وجريمة لا تقل عن جريمة اقتحام النقابة”.
وتساءل جمال عبد الرحيم، عضو مجلس النقابة: “كيف نسمح لوزير الداخلية بزيارة مقر النقابة بعد اقتحامها أول مايو بالمخالفة للمادة 70 من قانونها التي تحظر دخول قوات الأمن أو تفتيشها إلا في حضور رئيس نيابة عامة ونقيب الصحفيين أو من ينوب عنه؟”
وأضاف: “كيف نوافق على استقبال وزير الداخلية بمقر النقابة بعد محاصرته لها في 4 مايو 2016 أثناء انعقاد الجمعية العمومية وتحريض البلطجية والمسجلين خطر بمنع الزملاء والزميلات من الدخول والاعتداء عليهم”.
تبرير النقيب والسكرتير
على الجانب الآخر رد نقيب الصحفيين، عبد المحسن سلامة، على اعتراضات أعضاء النقابة علي دعوته للوزير، قائلا: “إن من حق كل عضو أن يقول رأيه ومن حق النقيب أن يدعو الوزير لزيارة النقابة لحل الخلافات العالقة بين الطرفين”.
وأضاف “سلامة”، في تصريحات صحفية: “أسعى لإنهاء التوترات بين الصحفيين والدولة، ولهذا التقى ووزير الداخلية، في محاولة للتعاون وتدريب رجال الشرطة على كيفية التعامل مع الصحفيين”
ودافع حاتم زكريا، سكرتير عام نقابة الصحفيين، عن دعوة الوزير لزيارة النقابة، قائلا: “إن الهدف هو أن نسعى إلى بداية مرحلة جديدة مع كافة مؤسسات الدولة”.
وذهب “زكريا” أبعد من ذلك بالقول:
“الدعوة خطوة مهمة لإزالة سوء التفاهم بين الطرفين الذي ساد خلال الفترة الماضية، وبخاصة أن وزير الداخلية أشاد بدور الصحافة الإيجابي والبناء في دعم الدولة لمواجهة التحديات الراهنة وتناولها لكافة القضايا التي تشغل الرأي العام”.
بداية الأزمة
وكانت أزمة قد نشبت بين نقابة الصحفيين ومجلس النقابة برئاسة النقيب السابق يحيى قلاش بعد اقتحام قوات تابعة لوزارة الداخلية في بداية مايو 2016 لمقر نقابة الصحفيين للقبض على صحفيين منتقدين للحكومة، بتهمة التحريض على التظاهر.
وقضت محكمة جنح قصر النيل، بحبس نقيب الصحفيين يحيى قلاش، وسكرتير عام النقابة جمال عبد الرحيم، ووكيلها خالد البلشي، لمدة عامين مع الشغل وكفالة 10 آلاف جنيه، مع وقف التنفيذ، في قضية اتهامهم بإيواء هاربين
جريمة كبرى
وفي تعليقه علي هذه الدعوة، قال الكاتب الصحفي قطب العربي، الأمين العام السابق للمجلس الأعلى للصحافة: “دعوة وزير الداخلية مجدي عبد الغفار لزيارة نقابة الصحفيين هو جريمة كبرى يرتكبها نقيب الصحفيين ومن يؤيده بحق نقابة الصحفيين وتحدٍ سافر لقرارات الجمعية العمومية غير العادية التي انعقدت يوم 4 مايو من العام الماضي عقب اقتحام قوات الشرطة للنقابة، وقررت تلك الجمعية مقاطعة وزير الداخلية ونشر صور نيجاتيف له، والأصل أن نقيب الصحفيين هو الحارس الأمين لقرارات الجمعية العمومية وليس مقبولا منه أو من غيره اختراق تلك القرارات، وإلا فإن من واجب الصحفيين تقديم النقيب نفسه للجنة التأديب النقابية لمحاسبته على خرق تلك القرارات التي عليه السهر على تنفيذها”.
وأضاف “العربي”، في تصريحات خاصة لـ”رصد”: “هذه الدعوة تشبه مكافأة المغتصب بتزويجه لمن اغتصبها، ليس رغبة في ستر الجريمة ولكن إمعانا في إذلال الضحية، وزيارة وزير الداخلية إن تمت ستكون رسالة إخضاع وإهانة جديدة للصحفيين بعد أن جرد قواته لاقتحام نقابتهم مطلع مايو من العام الماضي للقبض على زميلين أحدهما انتخبه الصحفيون ليكون عضوا بمجلس نقابتهم ردا على ذلك”.
وأوضح الأمين العام السابق للمجلس الأعلى للصحافة: “واجب اللحظة على الصحفيين الآن هو التوحد لمنع هذه الجريمة وهذا العار الذي سيلحق بهم وبنقابتهم، وعليهم أن يتذكروا تاريخهم المجيد في مواجهة وزراء داخلية عتاة أيضا في زمن مبارك تطاولوا على الصحفييين وتم إجبارهم على الإعتذار، كما حدث مع زكي بدر الذي اعتقل وعذب صحفيين هما الراحل محمد السيد سعيد ( رئيس تحرير صحيفة البديل) ومدحت الزاهد (الصحفي بالأهالي وقتها ورئيس حزب التحالف الشعبي حاليا) وهو ما دفع مكرم محمد أحمد للتوسط وقتها والضغط على مؤسسة الرئاسة حتى تم الإفراج عنهما، أما الوزير الحالي فبدلا من أن يطالبه نقيب الصحفيين بالاعتذار فإنه يدعوه لزيارة النقابة التي غزاها بشرطته من قبل ليكمل مراسم الإغتصاب.
وأنهى كلامه بالقول: “أحيي جهود الزملاء الذين انتفضوا ضد هذه الزيارة، ومنهم أعضاء بمجلس النقابة الذين سجلوا رفضهم للزيارة، وأثق أن عددا كبيرا من الصحفيين سيقفون حواجز بشرية ضد هذه الجريمة لانتهاك عرض نقابتهم”.