أعلنت اللجنة القضائية المشرفة على انتخابات التجديد النصفي لمجلس نقابة الصحفيين في مصر فوز عبدالمحسن سلامة بمقعد نقيب الصحفيين، مع ستة أعضاء ينتمي اثنان منهم إلى نفس مؤسسة النقيب الصحفية “الأهرام”، بينما ينتمي عضوان آخران إلى مؤسستين صحفيتين حكوميتين هما “روز اليوسف” و “دار التحرير”، ويتبع الاثنان الأخيران صحفًا خاصة.
وجرت اشتباكات بالأيدي قبيل إعلان النتيجة بين الصحفيين فيما بينهم وقاضٍ ومشرفين على عمليات الفرز، بينما عبّر صحفيون عن اعتقادهم بأن الاشتباكات مفتعلة لتمرير أوراق انتخابية تدعم مرشحين بعينهم لصناديق الفرز؛ خاصة مع سهولة تمرير الأوراق وسط الهرج بين الجموع.
حشود متضادة
تباينت تحليلات الصحفيين لنتائج الانتخابات بين من يرجعها إلى نجاح الحشد الضخم للمؤسسات الصحفية الحكومية في مواجهة حشد للتيار الناصري المتحالف مع اليسار، في ظل انعدام أصوات الإسلاميين الذين يقبع عشرات منهم في السجون، وبعضهم هارب على ذمة قضايا نشر وانتماء إلى كيانات محظورة، وآخرون خارج البلاد.
ورغم ذلك، نجح أحد المحسوبين على الإسلاميين، وهو الصحفي محمد خراجة؛ بينما كاد ينجح الصحفي مصطفى عبيدو الذي واجه حملة شرسة من فضائيات مقربة للحكومة لظهوره على منصة اعتصام رابعة عام 2013.
عقاب تصويتي
ورغم دعم الحكومة للنقيب الجديد وقائمته، إلا أنها لم تدعم أيًا من المرشحات لعضوية المجلس؛ حيث سقطت 14 مرشحة.
كما اعتبر البعض أن خسارة النقيب السابق يحيى قلاش كانت بمثابة عقاب تصويتي ضد “نقيب تسبب في تدهور العلاقة مع الدولة”؛ إلا أن فوز عمرو بدر الذي اقتحمت الشرطة النقابة لاقتياده نسف هذا الطرح.
وبينما وجّه النقيب الفائز رسالة شكر لعدد من الكتاب المقربين من السلطة الذين ساندوه، شكر النقيبُ السابق الصحفيين، مؤكدًا أنه سعيد بما قدمه لهم وأنه سيواصل دعمه للنقابة كعضو في الجمعية العمومية.
رسالة من العسكر إلى المدنيين
من جانبه، قال مسؤول سابق بالنقابة -فضل عدم ذكر اسمه- إن نتيجة انتخابات النقابة ما هي إلا رسالة لأي تيار مدني يفكر، مجرد التفكير، في اتخاذ أي مواقف أو ممارسة أي نشاط، سياسيًا كان أو فكريًا أو إصلاحيًا بشكل عام.
وتابع في تصريحات خاصة لـ”رصد”: النقابة الآن في يد النظام قلبًا وقالبًا على مستوى منصب النقيب والستة، وقال إنه يرى أن الانتخابات ما هي إلا معبر طبيعي عن المرحلة التي تمر بها مصر على المستويات كافة، وأكد أن نتيجة انتخابات الصحفيين بمثابة طعنة للعملين الصحفي والنقابي.
وقال الكاتب الصحفي أسامة الهتيمي إن نتائج الانتخابات عكست حالة الحراك الحادثة داخل كتلة الثلاثين من يونيو 2013؛ إذ كانت غالبية المرشحين محسوبة على هذا التكتل، ومع ذلك جرى تبادل الاتهامات بالتبعية للأمن والتحالف مع الإسلاميين.
وتوقع الهتيمي في تصريح صحفي أن “حالة من الهدوء ستسود بين أطراف معادلة الانتخابات؛ خاصة وأن الدولة استشعرت انتصارًا في هذه المعركة، ومن ثم فلا داعي للتصعيد مع الصحفيين؛ ذلك أن بعض الأطراف كالإسلاميين شاركوا على استحياء، وليس مستبعدًا أن تبذل الدولة جهدًا من أجل إزالة الاحتقان داخل النقابة عبر تلبية عدد من الوعود التي قدمها سلامة لإسكات المناوئين وإظهار أن الأمور تسير نحو الأفضل بعد قلاش”.
قيود العسكر
وفي سياق متصل، قال الإعلامي المصري مسعود حامد: في النظام المدني تقوم النقابات المهنية بدور مهني وآخر وطني، كالحفاظ على الوحدة الوطنية ومقاومة التطبيع والحفاظ على الحقوق المشروعة للشعوب العربية؛ لا سيما الشعب الفلسطيني، بما يدعم الدولة ويسهل لها استخدامها للدور النقابي كأدوات ضغط؛ لكن النقابات في النظام العسكري لا تستطيع أن تقوم بأي دور، وتتحول إلى جزيرة مهنية منكفئة على ذاتها؛ بسبب بطش الحاكم العسكري.
وأضاف في تصريح خاص لـ”رصد”: نقابة الصحفيين في مصر مثقلة بالقيود التي يضعها العسكر؛ ولذا يستوي أن يكون النقيب فلوليًا كعبدالمحسن سلامة أو قوميًا كقلاش، لأن المتاح هو تحسين شروط العبودية على صاحبة الجلالة، على حد قوله.
معركة السلّم
من جهته، رأى الصحفي أحمد عبدالعزيز أن “فوز مرشح السلطة بمقعد نقيب الصحفيين يعني العودة مرة أخرى إلى الحشد المؤسساتي، ويعني عودة دولة مبارك من جديد؛ وهو ما يجعل من المهم الحفاظ على النقابة في الفترة القادمة ووقف أي زحف حكومي عليها”.
واعتبر أن “نجاح عمرو بدر سقوط لوزارة الداخلية في نقابة الصحفيين؛ حيث اقتحمت الداخلية النقابة لاقتياده إلى السجن على خلفية اتهامه بنشر أخبار كاذبة، فضلًا عن فوز تيار الاستقلال بأربعة مقاعد من ستة في المجلس الجديد”.
وتابع عبدالعزيز أن “خلاصة انتخابات الصحفيين تقول إن مقعد النقيب للحكومة والمجلس للمعارضة، وأحدهم ـوهو خراجةـ محسوب على تيار معارض بشدة للحكومة ونال قسطًا كبيرًا من الهجوم عليه من قنوات السلطة”.
وفيما يتعلق بمعركة سلالم النقابة، قال إن “السلطة ربحت معركة النقيب لكنها لم تربح معركة السلم ولن تربحها، فلن يمروا إليه سوى على أجساد الصحفيين، وسيبقى صوتًا للمظلومين وسوطًا للظالمين”.
وأكد رئيس لجنة الأداء النقابي، علي القماش، أن “إسرائيل” كانت وراء سقوط عدد من الصحفيين الذين سافروا إليها؛ حيث رفض الصحفيون مبرراتهم، باستثناء عضو واحد جديد التحق بالمجلس.