كان المتبع قبل الثورة وفي عهد النظام البائد تغيير الوزراء بوزراء واستبدال الوجوه القديمة بوجوه جديدة ولكن السياسات الفاسدة ثابتة، كذلك لم يجرؤ أحد الاقتراب أو المساس بالصف الثاني
أو الثالث أو ما يسمى بالبطانة المحيطة بالوزراء وهى البطانة التي تعتبر أس وأساس الفساد والرشاوى والمحسوبية واستغلال النفوذ والتسلط بل والسيطرة والتحكم في الوزراء لأنهم ببساطة
أيديهم جميع خيوط اللعبة وهم من يعملون على تحسين وتجميل صورة الوزراء أمام الرأي العام وتشويه المعارضين وتقديم الرشاوى لهم إذا لزم الأمر لأنهم تربوا في أحضان الفساد ورضعوا
من ثدييه وترعرعوا على موائده في ظل نظام المخلوع الذي امتد طيلة 30 عاما وكان تربة خصبة لهؤلاء المفسدين لكي يجمعوا ثرواتهم الطائلة وخاصة داخل الوزارات الغنية مثل وزارة
الكهرباء والبترول والسياحة والمالية فهناك تسعيرة موضوعة مسبقا منذ أيام كمال الشاذلي أحد رموز النظام السابق لم يريد العمل ولو بعقد داخل تلك الوزارات فعلية أن يدفع أولا مبالغ
ضخمة تجمع وتوزع على المسئولين بتلك الوزارات والجهات التابعة بل وصل الأمر لتوريث المناصب بتلك الوزارات وغيرها للأقارب والمحاسيب، فبعض المرشحين لحقيبة وزارية
صرح أنه لن يغير المسئولين الكبار بالوزارات لأنه وقتها سوف يفتح على نفسه أبواب جهنم وإنما يجب أن يتم الأمر بقرار رئاسي، تماما كما تم بالنسبة للتشكيل الوزاري حتى يتمم قطع
الشك باليقين، ونعطي فرصة لبث دماء جديدة ونضع حدا للفلول الذين يمثلون الصف الثاني والثالث والرابع، ولكي يتمكن كل وزير من انتقاء من يساعدونه للبدء في تنفيذ مشروع النهضة
بقدرة وكفاءة والسؤال الذي نحاول الإجابة عنه في السياق التالي لها فهل في ظل الحكومة الجديدة التي نحن بانتظارها سيظل الوضع كما كان؟ أم سيكون هناك تغيير جذرى في الجهاز
الإداري للدولة اتجاها إلى تنفيذ مشروع الرئيس ونهضة مصر.
لذلك حاولنا رصد بعض آراء المختصين والقوى السياسة حول هذا الأمر.
لا بد من تغيير جذري وليس شكلي
في البداية يؤكد الدكتور جمال زهران أن على الرئيس محمد مرسي والحكومة الجديدة التبكير بالتغيير الجذري لجميع عناصر الجهاز الإداري للدولة الذي كان يمثل الأداة التنفيذية الحقيقية لتنفيذ سياسات الحزب الوطني وحكوماته الفاسدة ويجب أن يشمل التغيير الصف الثاني والثالث في جميع أجهزة الدولة ووزاراتها والقطاع العام والحكومي؛ حيث إن هذه البطانة تكون مستحوذة على كل المعلومات عن جميع المشاكل والفساد الإداري من البداية للنهاية ويبتزون الوزراء بها حتى يسيطرون عليهم ويكونون تحت إمرتهم.
وضرب مثالا بمساعد وزير الثقافة الذي كان يحصل على 45000 ألف جنيه راتبًا شهريا في حين أنه لا يقوم بأي دور سوى تلميع الوزير وتبرير قراراته وأخطائه وبالمقارنة تجد الأستاذ الجامعي وبعد العمل أكثر من خمسة عشر عاما لا يحصل إلا على أقل من 5000 آلاف جنيه شهريا ومطلوب منه أن يخرج للبلد أجيال واعية ومثقفة وقادرة على القيادة في المستقبل.
البطانة هي رأس الفساد
واستطرد زهران أن الفساد زاد بعد الثورة بسبب هذه البطانة وأشار إلى محافظة القليوبية ورغم تغيير المحافظ عدلي حسين الذي قدم ضده حوالي 55 بلاغا إلا إن رجاله الفاسدين الذين كانوا حوله ظهروا بعد الثورة واستولوا على الأراضي وأقاموا الأكشاك وحصلوا على الكثير من الرشاوى لإصدار التراخيص غير الشرعية.
اختيار دم جديد بكفاءة أعلى
يرى الدكتور عمرو دراج الأمين العام للجمعية التأسيسية وعضو حزب الحرية والعدالة أن الوزراء الجدد يحتاجون الى إعادة تقييم جميع عناصر الجهاز الإداري للدولة وأن تكون الكفاءة هي الأساس في البقاء أو اختيار عناصر جديدة.
وأضاف "دراج" قائلا: إن التغيير السريع لن يكون سهلا أو ممكنا بل يجب أن يكون متدرجا؛ حيث كان الفساد توجها عاما بالدولة وليس من السهل القضاء عليه بشكل متسرع أو لمجرد انطباعات وليس حقائق وذلك حتى نصل إلى جهاز إداري على مستوى الثورة المجيدة.
ثورة تطهير ونظم إدارية متطورة
يرى الدكتور مصطفى النجار أحد مؤسسي حزب العدل أنه يجب إصلاح الجهاز الإداري للدولة وليس مجرد تغيير الأشخاص فقط بل تغيير السياسات ويجب أيضا البدء بالصف الثاني والثالث؛ حيث تحتاج هذه البطانة إلى ثورة تطوير حقيقية.
وأضاف النجار أن الشفافية ومكافحة الفساد هما أهم سبل التطهير وإيجاد آليات للتقييم وتدوير العمالة؛ حيث إنه ليس من المنطقي أن يظل الموظف في نفس المكان لعشرات السنين بحيث يستفحل في الفساد وأكد أن النظم الإدارية المتطورة بها من المعايير والإطارات القادرة على محاربة الفساد ويكون الاتجاه إلى اللامركزية متدرجا بحيث لا يحدث مشاكل بيروقراطية تعيق الأعمال والتطوير.
الحكمة والتدرج في تطبيق السياسات
يؤكد الدكتور عبد الرحمن البر عضو مكتب الإرشاد بجماعة الإخوان المسلمين إننا نحتاج إلى تغيير سياسات وأنظمة ومفاهيم وليس بالضرورة أن كل الطقم السابق كان فاسدا ومفسدا ولكن يوجد منهم فنيين لا يمكن الاستغناء عنهم بل يجب دمجهم في إطار مشروع كل وزير لتنفيذ المشروع الرئيسي وهو مشروع النهضة.
وأضاف أن المراقبة والمحاسبة من أهم وسائل محاربة الفساد وجعل جميع الموظفين يعملون على قدم الوثاق لتنفيذ المطلوب دون تراخى أو انتظار لرشوة أو وساطة ولكن يجب أن تكون هناك حكمة في تطبيق السياسات الجديدة حتى لا ينفر منها القائمون على تنفيذها.