مع قرب انتهاء المهلة التي أعلنها رئيس الوزراء العراقي، حيدر العبادي لتسليم كردستان كافة المطارات إلى السلطات العراقية، أعلنت سلطات مطار إربيل، تعليق جميع الرحلات إليها اعتبارا من الغد الجمعة الموافق 29 سبتمبر.
وتأتي تلك الخطوة التصعيدية، عقب إجراء استفتاء الانفصال عن العراق الذي أصر عليه رئيس الإقليم مسعود البارزاني، بالرغم من التحذيرات الدولية، التي أشارت إلى تأثيره على وحدة الأراضي العراقية، ومواجهة تنظيم الدولة، بالإضافة إلى تأثيره السلبي على الأمن القومي لدول الجوار.
غلق المنافذ على الإقليم
كان من أبرز نتائج الجلسة المنعقدة أمس للبرلمان العراقي برئاسة سليم الجبوري، وحضور رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، هي غلق المنافذ الحدودية التي تقع خارج سيطرة الحكومة الاتحادية، واعتبار البضائع التي تدخل منها مهربة، بالإضافة إلى تسليم كافة المطارات إلى السلطات العراقية.
ويتمتع الإقليم بوجود أربعة منافذ حدودية للإقليم، اثنان مع إيران واثنان مع تركيا. وهناك مطاران يعملان في كردستان، أحدهما في أربيل والآخر في السليمانية.
وتزامن القرار مع إعلان عدد من الدول وقف رحلات الطيران من وإلى إقليم إربيل، ما يضيق الخناق عليه، في محاول من السلطات العراقية فرض السيطرة وإجبار السلطات على إلغاء نتيجة الاستفتاء.
وفي المقابل، رفض إقليم كردستان تسليم مطاري أربيل والسليمانية إلى الحكومة الاتحادية في بغداد، معتبرين القرار غير قانوني.
وقال مولود باوه مراد وزير النقل والمواصلات بالوكالة، إن «مطاري أربيل والسليمانية ملك لشعب كردستان، وإنهما مستمران في أعمالهما»، موضحّاً إن «قرار بغداد غير قانوني وغير ملائم».
وأشار الوزير الكردي، خلال مؤتمر صحافي عقده بحضور مدراء مطاري أربيل والسليمانية، إلى إن «هذين المطارين بنيا من ميزانية كردستان» مضيفا أن «مطارا أربيل والسليمانية، لهما علاقة بالحياة اليومية للمواطنين، وبتنقل الطلبة وسفر الدبلوماسيين والتحالف أيضاً، وكونهما يسيّران الأعمال وفقاً للقانون الدولي للطيران»، مؤكداً «لن يتم تسليمهما إلى بغداد بهذه السهولة».
تضييق اقتصادي أم حرب عسكرية
وتمثل غلق المنافذ تضييقا للخناق على الإقليم الذي أعلن عصيانه على الحكومة والبرلمان العراقي، بالإضافة إلى انتشار القوات العراقية في المناطق المتنازع عليها، مما يضفى على الأمر شكلا للمهام العسكرية في الإقليم.
ويستبعد سياسيون أن يصل الصدام بين الحكومة العراقية، وسلطات الإقليم إلى الدخول في صراع عسكري، مشيرين إلى أن الحكمة ستغلب على الأزمة وسيتم معالجتها.
وكان العبادي أبدى استعداده إلى حوار غير مشروط مع الإقليم، شرط أن تلغى نتائج الاستفتاء، وذلك في كلمة ألقاها تحت قبة البرلمان.
من جانبه، رأى الناشط السياسي، محمد الكعبي، أن الاستفتاء الذي أقدم عليه مسعود بارزاني رئيس إقليم كردستان العراق، جاء من أجل منع أي تصادم مع الحكومة العراقية كما حدث قبل ذلك.
يُشار إلى أنه في الفترة ما بين 16 أبريل 1974 و25 مارس 1975، اندلعت الحرب الكردية العراقية الثانية، وبدأت بهجوم بقيادة القوات العراقية ضد قوات الحزب الديمقراطي الكردستاني مصطفى البارزاني».
وأوضح «الكعبي» في تصريحات خاصة لـ«رصد»، أن الاستفتاء أتى كخطوة لمنع التمدد الفارسي في المنطقة العربية، مضيفًا: «الاستفتاء دفعة قوية لأكراد وبلوشستان إيران من أجل حقوقهم في التخلص من الحكم الإيراني».
وأشار إلى أن مسعود بارزاني سيتعامل مع الأمر بحكمه، ولن يصل الأمر للحرب كما حدث في السابق، مشيرًا إلى أن ما يحدث من حصار على الإقليم الآن، ما هو الا خطوات طبيعية وسيتم التراجع عنها.
ومن جهته، اعتبر الباحث السياسي،عدالت عبدالله، أن إعلان رئيس الوزراء العراقي فرض السيطرة على المناطق المتنازع عليها، يعد بمثابة إعلان ضمني لحرب مدمرة طويلة الامد.
حديث العبادي عن إعادة المناطق المتنازع عليها الى الحكومة الاتحادية بمنطق القوة، هو بمثابة أعلان ضمني لحرب مدمرة طويلة الامد!
— Adalat Abdulla (@adalatwala) September 26, 2017
لا سبيل للإنفصال
الإجراءات التي اتخذتها الدول الثلاث الرئيسية، «تركيا والعراق وإيران» الرافضة للاستفتاء، تمثل شوكة في حلق الإقليم، حيث تمثل المنافذ الخاصة بهم شريان الحياة له، وفي حال أغلقت الدول كافة منافذها فلا يسع الإقليم إلا الامتثال إلى رغبات الحكومة العراقية.
ولوحت تركيا إلى وقف تصدير النفط الخاص بالإقليم والذي يُنقل إلى ميناء جيهان التركي قبل تصديره، كورقة ضغط ضده، وتعتبر عائدات النفط المورد الأساسي للإقليم الذي لم يعمل على توسيع نطاق وارداته خلال السنوات الماضية.
وفي هذا السياق قال فولكان أوزدمير، مدير معهد أسواق وسياسة الطاقة، في تصريح للأناضول إن «سلطات الإقليم لن تستطيع الصمود لفترة طويلة إذا أوقفت تركيا تصدير النفط عبر أراضيها، في الوقت الذي وصل فيه سعر برميل النفط 60 دولارا» مؤكدا أنه « لو أوقفت تصدير النفط من الإقليم عبر أراضيها فإن أحلام الانفصال للإقليم ستذهب سدى».
ومن جهته علق الكاتب الصحفي محمد مجيد الأحوازي، على نتائج استفتاء الإنفصال، بالقول إنه على الرغم من بلوغها نسبة الـ 92 كمؤيد، إلا أنها لا تملك مفاتيح الإنفصال.
وقال الأحوازي في تغريدة له، «نتائج استفتاء كردستان العراق:92% أيدوا إنفصال الإقليم عن العراق ز. مفاتيح الإنفصال في واشنطن وليست في بغداد ولا اربيل ولا طهران ولا حتى انقرة».
يذكر أن الولايات المتحدة الأميركية، أعلنت رفضها لإجراء الاستفتاء في وقت سابق، إلا أن الرئيس الأميركي ألمح في تصريح منفصل إن الوققت غير مناسب لإجراء الاستفتاء، ما يشير إلى أن واشنطن لا ترفض الإنفصال قطعيا، ولكن أزمتها في تزامنها مع محاربة تنظيم الدولة في العراق.