طالب «عبدالله بازان»، الباحث في سياسات الشرق الأدنى بجامعة كاليفورنيا، السلطة الفلسطينية ومنظمة التحرير بضرورة العمل على وضع استراتيجية شاملة عالمية للضغط على المجتمع الدولي للالتفات إلى حقوق الشعب الفلسطيني، وإنشاء حكومة منفى تبحث عن هذه الحقوق.
وقال، في مقاله بصحيفة «دايلي صباح» وترجمته «شبكة رصد»، إنّ اتفاقية أوسلوا التي علّقها الفلسطينيون مؤخرًا كانت خطوة متأخرة للغاية، وهي سبب أزمتهم الحالية؛ والتراجع عنها لن يكون مهمة سهلة. كما إنها أصّلت لحقوق «إسرائيل» وأرجأت الحقوق الفلسطينية إلى «المفاوضات المستقبلية».
وبذلك، اعترفت بقوة الاحتلال الإسرائيلي. وفي المقابل، لم تعترف بالدولة الفلسطينية. والاجتماع الأخير لمنظمة التحرير الفلسطينية في رام الله يوم 15 يناير الجاري قرر التصويت على «تعليق الاعتراف بإسرائيل حتى تعترف في المقابل بالدولة الفلسطينية»، كما صوّت على وقف التعاون الأمني معها.
والتصويت مؤشر واضح على أنّ اتفاقية أوسلو وصلت إلى طريق مسدود رسميًا، ومرحلته التالية، المتمثلة في البحث عن حقوق الفلسطينيين وسيادتهم، أمر بعيد المنال اليوم؛ كما كان الحال عندما وقعت الاتفاقية.
واعترف ياسر عرفات بحق «إسرائيل» في وجود آمن ومستقر في سبتمبر 1993، وقبول قراري مجلس الأمن 424 و338، والتزام منظمة التحرير الفلسطينية بـ«السلام»، والسعي نحو إنهاء النزاع سلميًا، وحل جميع المواضيع العالقة عن طريق المفاوضات.
وأكّد إسحق رابين في رده بأنّه في ضوء التزامات منظمة التحرير الفلسطينية قرّرت الحكومة الإسرائيلية الاعتراف بالمنظمة ممثلًا للشعب الفلسطيني، في المفاوضات بشأن «السلام» في الشرق الأوسط.
كما أرسل رابين رسالة أطول إلى وزير الخارجية النرويجي قال فيها: أعتقد أننا بدأنا حقبة جديدة وسنبذل قصارى جهدنا لتحقيق السلام والأمن في «إسرائيل»، وفي الوقت نفسه سنعطي الفلسطينيين الحق في إدارة شؤونهم الخاصة، وما قاله عرفات يمثل فرصة عظيمة لتغيير طبيعة العلاقات بين «البلدين».
لكن، يتضح من اتفاقات أوسلوا ورسائلها أنّ منظمة التحرير الفلسيطينية حققت كل ماطالبت به «إسرائيل»؛ لكنها في الناحية الأخرى لم تعطِ الفلسطينيين حقوقًا مماثلة، وأرجأت باقي القضايا المتعلقة بهذه الحقوق إلى المفاوضات المستثقبلية؛ وتوفيت بإعلان ترامب، كما تشير جميع الدلائل إلى انهيار الإطار الذي نشأت فيه عدة مرات، غير أن القرار الأخير قضى عليها بشكل بات ونهائي.
وأوضح أنّ الاتفاق كان يقتل القضية الفلسطينية في عمق، وأصل للسيطرة الإسرائيلية الكاملة على الأراضي الفلسطينية خطوة بخطوة، وبموجبه اعترفت فلسطين بدولة «إسرائيل»، بينما لم تعترف «إسرائيل» بدولة فلسطين، واعترفت فقط بحق منظمة التحرير في أن تكون ممثلًا عن الشعب الفلسطيني في المفاوضات المستقبلية.
ونصّ إطار أوسلو أيضًا على نقل السلطة والمسؤوليات الأمنية والإدارية المباشرة للفلسطينيين فيما يعرف بالمنطقة «أ»، بينما المنطقتان الأخريان «ب وج» ظلت «إسرائيل» مسيطرة عليهما عسكريًا ومنحت السلطة الفلسطينية حق الإدارة الأمنية فقط.
وكانت الاتفاقية أمنية فقط، ألقت فيها «إسرائيل» بأعباء الإدارة المحلية والمدنية على كاهل السلطة الفلسطينية؛ بينما اضطلعت هي بالمسؤولية الأمنية، كما حوّلت المنظمة إلى وسيلة للقضاء على كل أشكال المقاومة داخل الأراضي المحتلة، ولم تعترف مطلقًا بأنها قوة احتلال.
وكان اعتراف منظمة التحرير الفلسطينية بـ«إسرائيل» قبولًا ضمنيًا للمطالب الصهيونية والتأكيد على أنّ المطالب الفلسطينية «إرهابية»، كما أن هذا الاعتراف لم يكن محدودًا، ولم تدرج خرائط محددة للأراضي للجانبين.
وتعليق اتفاقية أوسلو أورفضها لن يكون مهمة سهلة؛ لأنها سمحت لـ«إسرائيل» بدوام احتلالها وتأصيل استراتيجية التفاوض التي لا تنتهي؛ وهنا تواجه منظمة التحرير والسلطة الفلسطينية صعوبة بالغة في إيجاد صيغة لتوحيد نفسهما تحت إطار الاتفاقية، والتمویل الإقلیمي والعالمي للسلطة الفلسطینیة مرتبط مباشرة بآلیة السیطرة الإسرائیلیة الکاملة على الأراضي الواقعة تحت يدها؛ ما یجعل النخب الفلسطینیة معرضة بشکل أکبر للضغط الاقتصادي والتلاعب بقدرتھا علی اتخاذ القرارات السیاسیة.
وتكمن صعوبتها أيضًا في أنها أصّلت للتعاون الأمني بشكل كبير مع سلطات الاحتلال، ووضعتها تحت المراقبة الدائمة من قبل الولايات المتحدة، بجانب أجهزة أمنية عربية؛ «أي إنّ الاتفاقية رُبطت بالتمويل الذي تحصل عليه فلسطين، والتملص منها بالغ الصعوبة».
ولذلك؛ تعد الخطوة الفلسطينية بالانسحاب من اتفاقية أوسلو متأخرة، كما أنها صعبة للعوامل السابق ذكرها، والأهم من ذلك أنّ منظمة التحرير الفلسطينية والفلسطينيين يتعرضان لضغوط شديدة من الولايات المتحدة والدول العربية لقبول «صفقة القرن» التي طرحها ترامب.
وعلى المنظمة والسلطة الفلسطينية ضرورة وضع استراتيجية عالمية ليبرالية لتأكيد الحق في المقاومة، والكفاح من أجل الحرية والعدالة والكرامة والسيادة والحرية والسلام، بجانب توحيد الفلسطينيين سياسيًا، وإنشاء حكومة فلسطينية في المنفى تساعد في الضغط على جلب المجتمع العالمي مرة اخرى إلى القضية، ومحاولة الخروج بشروط تصب في صالح الفلسطينيين.