انتقدت صحيفة واشنطن بوست الأميريكية موقف إدارة الرئيس دونالد ترامب من الانتخابات الرئاسية المصرية، متسائلة عن الأسباب التي تكمن وراء هذا الدعم القوي لنظام عبد الفتاح السيسي، الذي أثبت فشله على أكثر من صعيد، خاصة فيما يتعلق بالحرب على الإرهاب، بحسب الخليج أون لاين.
وقالت الصحيفة في افتتاحيتها، الأربعاء، إن الأكثر غرابة هو أن تساهم السفارة الأمريكية في نشر الأخبار المزيفة عن تلك الانتخابات؛ لافتة إلى أن السفارة الأميريكية بالقاهرة نشرت تغريدة على تويتر قالت فيها «كأمريكيين، نحن متأثرون جداً بحماسة الناخبين المصريين ووطنيتهم».
وأبدت الصحيفة استغرابها من هذه التغريدة التي نشرتها السفارة على الرغم من نسبة الإقبال المتدنية للمشاركة في انتخابات محسومة نتائجها سلفاً، وليس فيها سوى مرشح واحد هو موسى مصطفى موسى، الذي سبق أن أعلن دعمه للسيسي.
وتضيف الصحيفة أن الانتخابات المصرية كان يمكن أن تكون واحدة من أكثر الانتخابات في العالم تنافسية؛ فعلى الرغم من استبعاد الأحزاب الإسلامية وحظرها، وعلى رأسها جماعة الإخوان المسلمين، أعلن ثلاثة من القادة العسكريين رفيعي المستوى السابقين، ترشحهم لمنافسة السيسي، الذي استولى على السلطة في انقلاب عسكري قبل نحو خمسة أعوام.
أحد هؤلاء المرشحين كان أحمد شفيق، رئيس الوزراء الأسبق، والآخر هو سامي عنان، رئيس أركان الجيش المصري الأسبق، بإلاضافة إلى ضابط رفيع آخر، في إشارة للعقيد أحمد قنصوة، الذي تمت محاكمته عسكريا وسجنه بعد إعلانه الترشّح.
كما حاول عدد من المدنيين الوقوف بوجه السيسي، منهم محمد أنور السادات، ابن أخي السادات، الرئيس المصري الذي اغتيل مطلع الثمانينيات، وأيضاً المحامي خالد علي، أحد المدافعين عن حقوق الإنسان في مصر، بحسب الصحيفة.
وتشير الصحيفة إلى أنه في النهاية لم يقف أمام السيسي في هذه الانتخابات سوى مرشح ضعيف، بعدما أجبر النظام كل المرشحين على الانسحاب أو اعتقلهم وحجزهم، ليظهر بعد ذلك السيسي على شاشات التلفزيون المصرية ويعلن أنه يرغب بدخول منافسين أكثر لسباق الرئاسة.
وتتابع الصحيفة الأميركية: «لقد أظهر المترشحون ضد السيسي حالة عدم الرضا على ما يجري في بلادهم، بل إن الأمر وصل إلى المؤسسة العسكرية التي باتت ترى في نظامه بأنه الأكثر قمعية في تاريخ مصر الحديث، فقد قام بتعذيب وقتل الآلاف من المعارضين الحقيقيين أو المشتبه فيهم، وسجن عشرات الآلاف من الآخرين، حتى طالت اعتقالاته عددا من الأميركيين».
وترى واشنطن بوست أن تركيز السلطة في يد شخص واحد هو السيسي، «كان حافزا مهما لتقدم الكثير من القيادات العسكرية للانتخابات، إذ عسكر السيسي حتى الاقتصاد، كما أنه تنكّر لحقوق المصريين التي طالبوا بها في ثورتهم عام 2011».
وأضافت:«المشكلة أن ما يجري في مصر من فشل للنظام الحاكم، لا ينعكس على الـ97 مليون نسمة، عدد سكان مصر، وإنما له تداعيات أبعد، فقد فشل هذا النظام في هزيمة الجماعات المسلحة في شبه جزيرة سيناء، كما أن ديون مصر الخارجية زادت بأكثر من 75% بعد أن أهدرت مليارات الدولارات في مشاريع عملاقة، وانخفضت الصادرات وعائدات السياحة، والأكثر من ذلك أن هذا النظام حوَّل سفارة كوريا الشمالية في القاهرة لمحل لبيع الأسلحة لجميع أنحاء العالم، بحسب الصحيفة الأمريكية».
ورغم كل هذه التحذيرات والمخاطر، فإن إدارة ترامب تجاهلت كل ذلك، صحيح أنه تم قطع بعض المساعدات العسكرية العام الماضي بضغط من الكونغرس، لكن واشنطن ما زالت تدعم هذا النظام؛ فترامب- على ما يبدو- يحب السيسي الذي يصفه بالرجل العربي القوي، وفق الصحيفة.
وتلفت واشنطن بوست إلى أن مجموعة العمل حول الحزبين، الجمهوري والديمقراطي، تدرك جيداً المخاطر التي يحملها وجود نظام مصري مثل نظام السيسي، وهو ما دفعها إلى توجيه رسالة إلى الخارجية الأمريكية، حثتها فيها على عدم معاملة الانتخابات المصرية على أنها تعبير شرعي عن إرادة المصريين، وعدم إرسال أي تهاني بهذه المناسبة أو مدح هذه الانتخابات.
لا يوجد حظ مثل حظ السيسي، كما تقول الصحيفة؛ فحتى عندما كانت نسبة الإقبال ضعيفة في هذه الانتخابات، فإن السفارة الأمريكية تغرد لتشارك في حملة تزييف الحقائق.