تسيطر أنباء المفاوضات التي ستجرى بين الحكومة الصومالية الفدرالية وجمهورية أرض الصومال – التي أعلنت انفصالها من جانب واحد – على أحاديث المجالس السياسية، واستقطب الحدث اهتمام الصوماليين تجاه سير عملية التفاوض المزمع بدء أولى جولاتها خلال هذا الشهر في العاصمة البريطانية لندن.
وعبّر الرئيس الصومالي شريف شيخ أحمد عن رغبة حكومته الجادة في الجلوس إلى طاولة المفاوضات مع مناطق شمالي الصومال، وأعرب شريف عن أمله في نجاح المفاوضات التي قال: "إنها ستكون مثمرة، وأن بدء المحادثات تعني التوصل إلى حلول جذرية للمشاكل العالقة بين الطرفين منذ أكثر من عشرين عامًا".
بداية جيدة
من جانبه قال أستاذ الدراسات الصومالية بجامعة ولاية بونتلاند عمر محمد ورسمه: "إن المفاوضات بين الحكومة الصومالية الفدرالية وجمهورية أرض الصومال هي بداية جيدة في الطريق إلى كيان صومالي موحد يتجاوز ترسبات الماضي التي أدت إلى محاولات المناطق الشمالية للصومال إلى الانفصال عن الجسم الصومالي منذ انهيار الحكومة المركزية عام 1991م.
ويضيف عمر: "إن قادة مناطق شمالي الصومال قادرون على تحقيق قدر من التفاهم المثمر بين الجانبين يضمن عودة أرض الصومال إلى الحضن الصومالي، شريطة تبني رؤية سياسية تعطي الأولوية للفكر الوحدوي وتكف عن تعبئة جماهير شمالي الصومال بالنعرات التي تذكي الانفصال".
وأشار عمر إلى أن شعب شمالي الصومال كان له دور مبادر في تحقيق الوحدة الوطنية في 1960م، وبإمكان الساسة الشماليين إعادة المياه إلى مجاريها، والمبادرة بطي صفحة الماضي.
مؤامرة
وفي رؤية مغايرة لما يعتقده عمر، يقول النائب في البرلمان الصومالي سعيد علي شري: "إن المفاوضات المزمع إجراؤها في لندن هي مؤامرة تٌحاك ضد وحدة التراب الصومالي، وإنها بمثابة إنهاك لقوة الحكومة الصومالية في مفاوضات عقيمة ستنتهي في نهاية المطاف إلى تكريس انفصال مناطق شمالي الصومال".
ويأسف شري كون حكومة الصومال لم تدرس جيدا العواقب المحتملة من خطوة فتح باب المفاوضات في هذا التوقيت المشحون التي تواجه فيه الحكومة سيلا من الانتقادات بشأن العديد من الملفات القانونية داخل قبة البرلمان الصومالي، حسب رأيه.
ويعزي شري تخوفه إلى أن الظروف التي يمر بها الصومال في الوقت الحالي غير مواتية لبدء مفاوضات تتعلق بمصير الشعب الصومالي، نظرا لتعقيدات ملف المفاوضات، بالإضافة إلى أن مساعي التفاوض من قبل مناطق شمالي الصومال ليست إلا خطوة سياسية؛ الهدف منها تحقيق أجندة الانفصال تحت اسم التفاوض.
كما يقلل رئيس مركز شرق أفريقيا للدراسات والإعلام د. حسن البصري الشيخ عبد القادر من احتمالات نجاح عملية المفاوضات المرتقبة بسبب التدخل البريطاني الصارخ في سير عملية التفاوض، والذي «يثير الشك من التوصل إلى حلول مرضية لكلا الطرفين».
ويؤكد عبد القادر أن الرغبة الداخلية للشعب الصومالي أضمن من إملاءات الأجندة الخارجية الرامية إلى تفكيك المجتمع الصومالي وتقسيمه إلى دويلات، وأن نتائج المفاوضات الأخيرة لن تكون إيجابية لصالح الوحدة بقدر ما هي تكريس للانفصال بفعل التدخل الأجنبي الذي يدير عملية التفاوض.
تمسك بالانفصال
من جانبه أكد وزير الإعلام بجمهورية أرض الصومال عبدي يوسف دعالي أن الهدف من المفاوضات المرتقبة هو التشاور مع حكومة الصومال بشأن التعايش السلمي بين البلدين واحترام حقوق الجوار.
ونفى الوزير أن يكون لبريطانيا أي دور في تحريك القضية، وأضاف أن الدور البريطاني ينحصر فقط في استضافة المؤتمر، مشيرا إلى أن المفاوضات ستجرى بصورة مباشرة بين حكومتي الصومال وأرض الصومال.
وأسهب الوزير في حديثه بشأن الأسباب التي دعت إلى تمسكهم بموقف الانفصال، وقال: "قررنا الانفصال عن الصومال عام 1991م، لأننا غير قادرين على العيش مع من قصف شعب أرض الصومال في عام 1988م بالطائرات العسكرية، ولا يمكن أبدًا أن تحيد قيادة أرض الصومال قيد أنملة عن هدفها الرئيسي الرامي إلى الحصول على اعتراف دولي يضمن لها الوقوف ككيان مستقل يلبي طموحات شعبه".
وكانت جمهورية أرض الصومال – شمالي غربي الصومال – قد أعلنت انفصالها من جانب واحد في 18 مايو / أيار من عام 1991م، بعد انهيار الحكومة الصومالية المركزية، ولم تجد أرض الصومال – التي يعيش فيها قرابة الثلاثة ملايين ونصف المليون نسمة- اعترافًا من قبل المجتمع الدولي حتى الآن.