دخلت الجزائر، الإثنين، مرحلة صمت انتخابي، تدوم ثلاثة أيام تحسبا لانتخابات الرئاسة المقررة الخميس القادم، لاختيار خليفة الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة الذي أطاحت به قبل أشهر انتفاضة شعبية دعمها الجيش.
وتعد هذه الانتخابات هي الأولى التي يشهدها الجزائر منذ الإطاحة بـ«بوتفليقة» في إبريل الماضي بعد 20 عاما في السلطة.
وفي تقرير لها، قالت صحيفة فاينانشال تايمز، إنه بالنسبة للمرشحين الخمسة في انتخابات الرئاسة الجزائرية، كانت الحملة الانتخابية في مجملها «تجربة مهينة»، حيث لم يجد المرشحون الخمسة جمهورا كافيا لحضور فعاليات حملاتهم الانتخابية، وواجهوا حشودا غاضبة في الفعاليات الانتخابية، كما أن ملصقات الدعاية لحملاتهم مُزقت وغٌطت بالقمامة.
وتشير الصحيفة إلى أن معظم الجزائريين ينظرون للانتخابات على أنها آلية لاستمرارية نظام سياسي استبدادي تولي السلطة عقب الاستقلال من فرنسا عام 1962،وأن المرشحون الخمسة هم مرشحو النظام، شغل منهم عبد المجيد تبون وعلي بن فليس، منصب رئيس الحكومة إبان حكم بوتفليقة.
وقالت معلمة مدرسية للصحيفة، «لن أدلي بصوتي لأني غير مقتنعة بالمرشحين. إنهم جميعا جزء من عصابة بوتفليقة. لست مقتنعة أنهم يمثلون أي تغييرا».
وبحسب التقرير، فإن الجيش ومنذ الاستقلال هو صاحب السلطة الحقيقة، يختار الرؤساء ويتحكم في القرارات السياسية والاقتصادية الرئيسية خلف واجهة من الحكم المدني.
وأوضحت الصحيفة في تقريرها أنه الإطاحة ببوتفليقة في إبريل الماضي، فإن إلقاء القبض على معاوني بوتفليقة أو قمع المتظاهرين لم يستطع ذلك من كبح جماح المظاهرات، التي ما تزال مستمرة، ويشارك فيها أعداد غفيرة في شتى أرجاء البلاد.
وأشار تقرير فاينانشال تايمز، إلى أن انتخاب رئيس مدني قد يبعد الأضواء المسلطة على قائد الجيش قايد صالح، بصورة مؤقتة.
وشهدت العاصمة الجزائرية، الإثنين، وقفات لداعمي ومعارضي الاقترع الرئاسي، بالتزامن مع بداية الصمت الانتخابي.
وعلى بعد عشرات الأمتار من ساحة البريد، تجمع طلاب أمام مبنى جامعة الجزائر العاصمة مرددين شعارات رافضة لانتخابات الرئاسة مثل «طلبة صامدون للتصويت رافضون» و«لا لانتخابات العصابات» و«الجزائر أمانة وباعها الخونة».
أما في بساحة البريد المركزي، فتجمع مئات الأشخاص مرددين شعارات داعمة لانتخابات الرئاسة ورافضة للتدخل الأوروبي في الأزمة، إلى جانب أخرى داعمة لقيادة الجيش.
ومن بين ما تم ترديده من هتافات «جيش شعب خاوة خاوة.. وأولاد فرنسا مع الخونة» و«يا ماكرون (الرئيس الفرنسي) ادي (خد) أولادك الجزائر موش (ليست) بلادك».
ويتنافس في الانتخابات، المقرر عقدها في 12 ديسمبر الجاري، 5 مرشحين هم: عز الدين ميهوبي، الذي تولى في يوليو الماضي الأمانة العامة بالنيابة لـ«حزب التجمع الوطني الديمقراطي»، خلفًا لرئيس الوزراء السابق أحمد أويحيى، الذي أودع السجن بتهم فساد.
إضافة إلى رئيسي الوزراء السابقين، علي بن فليس، الأمين العام لحزب «طلائع الحريات»، وعبد المجيد تبون (مستقل)، وكذلك عبد العزيز بلعيد، رئيس «جبهة المستقبل»، وعبد القادر بن قرينة، رئيس حركة «البناء الوطني» (إسلامي).
وتجرى الانتخابات وسط انقسام في الشارع الجزائري بين داعمين لها، ويعتبرونها حتمية لتجاوز الأزمة المستمرة منذ تفجر الحراك الشعبي في 22 فبراير الماضي.
بينما يرى معارضون ضرورة تأجيل الانتخابات، ويطالبون برحيل بقية رموز نظام عبد العزيز بوتفليقة، محذرين من أن الانتخابات ستكون طريقًا ليجدد النظام لنفسه.