سألنى أحد شباب "الشرعية" الرافضين للانقلاب: لماذا يكرهوننا؟!.. قلت: من تقصد؟، قال هؤلاء اليساريون والليبراليون المتطرفون وإعلاميو مبارك الذين ظلوا هم هم قبل وبعد الثورة يروجون الأكاذيب.. سألته: ماذا تقصد بالكراهية؟ قال: ألا ترى أكاذيبهم فى الفضائيات وهم يخترعون القصص المتخلفة عن قتل الإسلاميين لبعضهم البعض وتضحيتهم بأبنائهم لكى يظهروا بصورة "الضحية"؟ وتبريرهم لقتل المتظاهرين واعتقال الفتيات؟
وألا ترى هذه "النخبة المتعفنة" ومعهم لواءات سابقون ممن يعادون الإسلاميين يظهرون يوميا على التلفزيون المصرى والفضائيات كمقرر دراسى ليعبروا عن (الرأى الواحد) بعدما منعوا (الرأى الآخر) تماما وغيبوه فى السجون؟.. ألا ترى تبريرهم لقتل الشرطة والجيش والبلطجية للمتظاهرين وتبرير اعتقال النساء وانقلاب الجميع على مبادئ الإنسانية وتحولهم إلى وحوش وقتلة يشاركون القاتل رقصة الموت فوق الضحية البرئ؟.
ذكرنى سؤال هذا الشاب بالسؤال نفسه الذى أثير فى أمريكا عقب تفجيرات 11 سبتمبر 2001 من قبل النخبة الأمريكية وهو: "لماذا يكرهوننا؟" وكانوا يقصدون بهذا (المسلمين) باعتبار أنهم المتهمون (تنظيم القاعدة) عن التفجير وقتل أبرياء.
وقتها رد عليهم مثقفون ونخبة إسلامية من العلماء وأساتذة الجامعات بسؤال مضاد هو أيضا: "لماذا يكرهوننا؟"، وكانوا يقصدون ملاحقة الأمريكان المتطرفين للمسلمين والمسلمات فى الشوارع وخلع حجابهن -قبل 11 سبتمبر- وإلقاء مولوتوف وحجارة على المساجد، حتى إن صديقا يعيش فى أمريكا قال لى إن البوليس الفيدرالى تعمد إخفاء هوية القائم بتفجير مدينة أوكلاهوما فى 19 إبريل 1995 (هو جندى مارينز أمريكى مسيحى متطرف يدعى تيموثى ماكفى) لمدة 12 ساعة كانت كفيلة بقيام متطرفين أمريكان بقتل ثلاثة مسلمين وحرق عدة مساجد ومتاجر وطرد مسلمين من أعمالهم!.
عدت لسؤال الشباب وفكرت فيه فوجدت أننا نعيش حالة تطرف ليبرالية ويسارية ومجتمعية غير مفهومة تجاه الإسلاميين وكل مؤيدى الشرعية ومنهم مسيحيون وثوار معتدلون، غير (ثوار حمادة) الذين باعوا الحريات والديمقراطية ورضوا بحكم العسكر نكاية وكراهية فى الإخوان ولتذهب المبادئ الإنسانية إلى الجحيم!.
ذهبت إلى فضائية أتحاور مع د. كريمة الحفناوى التى اشتهرت بشجاعتها فى التظاهر أيام مبارك ولم تكن تفوت مظاهرة واحدة للمطالبة بالديمقراطية ورفض الاعتداء على النساء والثوار.. ففوجئت بها تبرر اعتقال وقتل النساء فى مظاهرات مؤيدى الشرعية، وتكذب بقولها إن النساء المنتقبات يحملن أسلحة ويلقين متفجرات على الشرطة.. وإن اعتقالهن ليس مخالفا للقانون ولكنه اعتقال جنائى لا سياسى!!.. صرخت فيها: "هل تؤيدين اعتقال النساء وأنت سيدة؟" تراجعت قليلا.. ثم عادت لتقول إن الإخوان لا يحترمون النساء ويصدرونهن هن وأبناءهن فى المظاهرات للتضحية بهم، وأنهم صفعوا سيدة وصفعوا فتاة و.. و..
وقتها فهمت معنى سؤال الشباب وصرخت فيها: لماذا كل هذه الكراهية للإسلاميين والتنكر للمبادئ الإنسانية وما تؤمنين به من أن النساء خط أحمر؟ فلم أجد سوى عقلية "الإخوان باعونا فى محمد محمود"!.
ذهبت للقاء تليفزيونى آخر مع حسين عبد الغنى -المتحدث باسم جبهة الإنقاذ- وعمرو الشوبكى فوجدتهما يؤيدان قتل وإحراق المتظاهرين وقمع الشرطة والجيش لهم بالقوة ومحاكمتهم على التظاهر ويقول عبد الغنى: لماذا ذهب الإخوان إلى التحرير ولماذا يعطلون الشوارع؟ قلت له ألم تعطل جبهة الإنقاذ المرور فى التحرير شهرين وتغلقه بالبلطجية؟ وألم تخرجوا للتظاهر وكنتم تلقون الحجارة والمولوتوف على الشرطة بينما متظاهرو الشرعية الإسلاميون الذين يتعرضون للقتل الآن لا يلقون الحجارة حتى على الشرطة؟! فلم أجد أيضا سوى عقلية "الإخوان باعونا فى محمد محمود"!.
مررت على جامعة عين شمس فوجدت نحو 40-50 طالبا يقفون خارج الجامعة بصورة سلمية لا يعطلون المرور رافعين شعارات منددة بالانقلاب وقتل المتظاهرين والاعتداء على النساء لتراها السيارات.. ثم فوجئت بشخصين فقط زادوا إلى أربعة لاحقا يقفون أمامهم ويستفزونهم بأصابعهم ويهتفون بحكم العسكر (!)، فاستغربت هذا السلوك المتكرر من مؤيدى حكم العسكر فى استفزاز المتظاهرين، على الرغم من أن هؤلاء اليساريين والليبراليين لم يكن يستفزهم الإسلاميون وقت تظاهرهم سابقا وكانوا يحترمون حقهم فى التظاهر والخلاف فى الرأى.
خلاصة ما وصلت إليه هو: أن هذه التيارات غير الإسلامية لديها عقدة منذ نجاح ثورة 25 يناير، فقد كانوا يتصورون -مثل أمريكا- أن الشعب سيختارهم فى أول انتخابات حرة ففوجئوا أن هوى الشعب المصرى إسلامى واختار الإسلاميين لأنهم صادقون ولهم نشاط بارز فى الشارع، فجربوا انتخابات أخرى فخسروا أيضا، وثالثة فنالهم الفشل نفسه، وتكرر الأمر فى استفتاء الدستور واستفتاءات أخرى فأصابهم الفشل نفسه والسقوط الذريع، ما أصابهم بالغضب والكراهية لكل ما هو إسلامى وتيقنوا أنهم بلا شعبية وأنه لا حل أمامهم للوصول إلى الكرسى سوى ركوب برج الدبابة أو الصعود على أكتاف بطش الشرطة… وطظ فى الحرية والكرامة الإنسانية التى كانوا ولا يزالون يرفعونها كشعارات فقط
!