في زمن الانقلاب .. بات كل شيء ممكناً.. فلا عجب أن تستيقظ على نبأ مصرع العشرات في حادث تصادم قطار بالجيزة بأتوبيس،، مع العلم أن حركة القطارات في الصعيد متوقفة!!!!
حادث مأساوي … ينضم إلى طابور الحوادث البشعة للقطارات في مصر والتي لم تعبأ بثورة أو حتى انقلاب.. فلم تترك رئيساً أو حكومة إلا ووقعت في عهده،، كما لو كانت أمراً عصياً على الحل والمواجهة.
حادث قطار دهشور والذي وقع في ساعة متأخرة من مساء الأحد، لم يحرك لدى سلطات الانقلاب ساكناً كي تتعاطى مع الحادث كمسئولية مباشرة واقعة عليها، بل لم يعبأ إعلام الانقلاب بهذا الحادث، على الرغم من أنه ملأ الدنيا ضجيجاً قبل عام بحادث قطار منفلوط.
ولعل وقوع حادثي قطار منفلوط ودهشور في نفس اليوم، مع فارق العام، قد دفعا للمقارنة بين ردود الفعل حول كل حادث سواء من الحكومة أو الإعلام أو الرأي العام.
حادث قطار منفلوط والذي أودى بحياة 50 طفلاً، رآه البعض كشف مبكراً عن ضعف حكومة هشام قنديل، ذلك الرجل الذي فور وقوع الحادث ذهب إلى مكان الحادث وزار المصابين معلناً تحمله المسئولية السياسية عن الحادث، ورغم ذلك لم يسلم قنديل من سيل الهجوم الإعلامي عليه.
أما حازم الببلاوي، فقد هرول هو الآخر، ولكن ليس إلى دهشور، بل إلى ميدان التحرير كي يفتتح ذلك النصب التذكاري الذي أقامته سلطات الانقلاب لمن أسمتهم شهداء 30 يونيو بجانب شهداء ثورة 25 يناير.
الإعلام، والذي ظن البعض أنه سيفرد مساحات واسعة لتغطية هذا الحادث، على غرار ما فعله من قبل في حادث منفلوط، مر عليه الحادث مرور الكرام، لم ولا، وقد جند الانقلاب قنواته وصحفه للحديث عن احتفال الداخلية والجيش لذكرى أحداث محمد محمود، التي قضى فيها العشرات برصاص الشرطة والشرطة العسكرية!
«5000 جنيه يا كافر».. أحد أشهر التعليقات التي خرج بها الإعلام بعد حادث منفلوط، إذ زعم الإعلامي عمرو أديب وقتها أن الدولة قررت 5000 جنيه فقط تعويض لأسر الضحايا، رغم أن الأرقام الرسمية قد كشفت أن حجم التعويض بلغ في مجمله 133 ألف جنيه لأسرة كل متوفي.
هذا التعليق ربما لن يجد له مكاناً اليوم في أروقة الإعلام، التي تعمل جاهدة على توجيه الرأي العام نحو قضايا وأحداث أخرى على رأسها ذكرى محمد محمود، ومباراة مصر وغانا.
أما الرأي العام، فيبدو أنه هو الآخر قد أصيب بعدوى التناقض و«الشيزوفرينيا»، إذ بدا رد فعله على هذا الحادث مغايراً تماماً لموقفه قبل عام بعد حادث قطار أسيوط، ليبقى الضحية في النهاية هو ذلك البيت الذي فقد عزيزاً لديه، ليزداد وجعه حين يتاجر بدمه البعض، وكأن قطارات مصر قد أنشئت ليتم المتاجرة بدماء من تدهسهم!!