البراءة للجميع.. شعارٌ اتخذه القضاء المصري شريطة أن تكون من رجال مبارك والحزب الوطني، أيًا كانت تهمتك "قتل متظاهرين.. سرقة مال عام.. تربح غير مشروع.. إفساد الحياة السياسية.. تعذيب المعتقلين.. وغيرها من الجرائم".
قررت محكمة جنايات القاهرة المنعقدة بالتجمع الخامس، رفض استئناف النيابة العامة على قرار إخلاء سبيل رجل الأعمال أحمد عز، بكفالة 2 مليون جنيه في قضية الدخيلة، وتأييد قرار إخلاء سبيله بالكفالة سالفة الذكر.
كانت محكمة الجنايات بدائرة مغايرة برئاسة المستشار مصطفى سلامة، قد قررت قبول تظلم رجل الأعمال أحمد عز، على أمر حبسه في قضية الاستيلاء على أسهم شركة الدخيلة، المتهم فيها مع وزير الصناعة الأسبق إبراهيم محمدين، و5 من مسئولي شركة الدخيلة، بالتربح والإضرار بالمال العام، وتحقيق منافع مالية، تقدر بـ687 مليونًا و435 ألف جنيه دون وجه حق، وقررت إخلاء سبيله بكفالة 2 مليون جنيه.
لم يكن أحمد عز هو أول المفرج عنهم، فسبقه العديد والعديد من الأسماء البارزة التي أفسدت الحياة السياسية في مصر "إبان عهد المخلوع حسني مبارك"، ولاقت الخروج الآمن من السجون، على تهمٍ ارتكبتها ليس بحق شخص أو عشرات الأشخاص، بل بحق شعب بأكمله، وعلى رأسهم المخلوع نفسه.
ويأتي ذلك أيضًا في ظل أحكامٍ غاية القسوة على شباب كان ذنبه أنه ناهض الانقلاب، ووقف مع الشرعية، أو رفع شعارًا دون عليه "رابعة"، أو حتى تظاهر سلميًا دون إذن مسبق من قبل سلطة تدعي أنها جاءت بالتظاهرات الشعبية.
فوجد الشباب المناهض للانقلاب الأحكام القاسية، من سجن لعشرات السنوات وإحالة أوراق 26 متهمًا في قضايا «إرهاب» للمفتي، وتطاول على فتيات الجامعات، في تجاهلٍ تمام لحقوق الآدمية والمرأة.
وفي تعليقٍ على براءة أحمد عز ومعظم رموز "الوطني المنحل" أبرزت صحيفة "كريستيان ساينس مونيتور" الأمريكية قرار محكمة جنايات الجيزة في مصر إخلاء سبيل رجل الأعمال أحمد عز, القيادي في الحزب الوطني المنحل، وسخرت الصحيفة تقرير لها في 13 مارس من تبرئة عز, قائلة :" أحكام القانون في مصر تستهدف الفقراء فقط ، أما الأشخاص أمثال عز, فالقانون في صفهم دائمًا".
واستنكرت "كريستيان ساينس مونيتور" أيضا اعتقال نشطاء ثورة يناير وتعذيبهم, فيما يتوالى مسلسل تبرئة أنصار الرئيس المخلوع حسني مبارك، وتابعت " النشطاء الثلاثة, الذين شاركوا في ثورة يناير: أحمد ماهر ، وأحمد دومة, ومحمد عادل لم يتعرضوا للسجن فقط، بل تعرضوا للتعذيب أيضًا, فيما تم تبرئة عز, المتهم بقضايا فساد في عهد مبارك، ويأتي الحكم بإخلاء سبيل أحمد عز بعد سداد كفالة مالية، في وقت يتحدث فيه معارضون للسلطة القائمة بمصر عن توجه لتبرئة أغلب مسئولي نظام الرئيس المخلوع حسني مبارك, وعناصر الأمن المتهمين في قضايا مختلفة بينها قتل متظاهرين خلال ثورة 25 يناير, في مقابل قمع معارضي "الانقلاب".
وقال محامي أحمد عز إن هيئة الدفاع بصدد التشاور مع رجل الأعمال لسداد الغرامة, ورجح أن يتمكن من تسديدها. وتعاد محاكمة عز في عدة قضايا, وقد صدرت بحقه أحكام فيها بأكثر من ستين سنة سجنا.
يذكر أن محكمة جنايات القاهرة أرجأت الشهر الماضي محاكمة مبارك ونجليه علاء وجمال في قضية القصور الرئاسية إلى يوم 19 مارس الجاري، وصدر في العام 2012 حكم بالسجن مدى الحياة على مبارك لدوره في قتل المتظاهرين إبان الثورة التي أطاحت به عام 2011. لكن محاكمته تعاد حاليا بعد قبول الطعون التي قدمتها النيابة والمتهمون على الأحكام. ومبارك موجود الآن في مستشفى عسكري بالقاهرة, وهو غير محبوس على ذمة أي قضية بعد إخلاء سبيله في أغسطس الماضي.
وفي ذات السياق، كشف رجل الأعمال حسين سالم، المتواجد بأسبانيا حاليا والمتهم في قضايا فساد مالي داخل مصر وخارجها، بأنه تقدم بطلب إلى جهات قضائية في مصر لمراجعة القضايا المتهم فيها لفحصها؛ تمهيدًا لإجراء التسويات اللازمة لها.
وأكد "سالم" في تصريحات صحفية، أن جميع الاتهامات الموجهة إليه هي محض افتراء، وأن جماعة الإخوان "الله ينتقم منهم" – على حد تعبيره – حاولوا ابتزازه بشتى الطرق والحصول على ثروته، مشددًا على ثقته في القضاء المصري الشامخ، وأنه سيؤكد خلال الأيام المقبلة بأن القضايا المنظورة أمامه كانت بقصد تشويه سمعته، على حد قوله.
وأضاف سالم: "كلنا فلول" نحب بلادنا ونعشقها ومستعد أن "أفدى مصر بعنيَّه".