في إطار استمرار مسلسل القرارات المثيرة للجدل بحكومة الانقلاب أصدرت وزارة التربية والتعليم قرارا يتضمن التحفظ على جميع مدارس الاخوان بحجة المحافظة على مستقبل الطلاب.
وجاء القرار أيضا تنفيذا لحكم محكمة القاهرة للأمور المستعجلة بحظر أنشطة تنظيم الإخوان المسلمين في مصر كجماعة وجمعية وكل المؤسسات المتفرعة منها أو تابعة لها والتحفظ على كل أموالها العقارية السائلة والمنقولة!
فهل جاء قرار التربية والتعليم – كما تدعي بالفعل – حماية للطلاب والعملية التعليمية، أم أن القرار كما عده خبراء بأنه سياسي بالدرجة الأولي؟
التعليم تتحفظ على المدارس
نهاية ديسمبر الماضي بدأت وزارة التربية والتعليم في استعداداتها للتحفظ على كل المدارس المملوكة لجمعيات وأعضاء تابعين لجماعة الإخوان المسلمين، وذلك تنفيذًا لحكم محكمة القاهرة للأمور المستعجلة بحظر أنشطة تنظيم الإخوان المسلمين في مصر كجماعة وجمعية وكل المؤسسات المتفرعة منها أو تابعة لها والتحفظ على كل أموالها العقارية السائلة والمنقولة.
وكشف أحمد حلمي المتحدث الإعلامي للوزارة في تصريحات صحفية، أن الوزارة انتهت من تشكيل مجلس إدارات 85 مدرسة تابعة لجماعة الإخوان على مستوى 16 محافظة، بعد رفع مدرستي الحياة الدولية بمدينة نصر والرسالة بالفيوم من القائمة وقبول التظلم الذين تقدما به، مشيرا إلى أن 21 مدرسة تقدموا بتظلمات وتم قبول تظلم مدرستين فقط.
مجموعة مدارس30يونيو
وأضاف حلمي، أنه سيتولى الإشراف العام على مجالس الإدارات الفرعية لمدارس الإخوان، مجلس مركزي بديوان الوزارة تحت مسمى مجلس "إدارة مجموعة مدارس 30 يونيو".
كانت وزارة التعليم قد قامت بتعيين مجلس إدارة مكون من خمسة أفراد بكل مدرسة، بحيث يكون رئيس مجلس إدارة المدرسة، أحد أولياء الأمور، ومعه اثنان آخران من الآباء، وممثل عن جهاز التفتيش بالوزارة، وآخر من الشئون المالية والإدارية.
وأطلقت وزارة التربية والتعليم اسم "مجموعة مدارس 30 يونيو" على المدارس التي تم التحفظ عليها في جميع المحافظات.
يذكر أن قائمة المدارس الخاصة التي أعدتها وزارات العدل والداخلية والتعليم، في 10 محافظات هي: القاهرة والجيزة والإسكندرية وأسيوط والغربية وبني سويف وسوهاج والفيوم والشرقية والقليوبية، وتشمل 62 مدرسة سيتم التحفظ عليها من المدارس التي يمتلكها الاخوان المسلمين.
إرشادات النظام أصبحت إدانة
وبدورها تقول وفاء مشهور مدير مدارس دار حراء المعروفة بتخريجها لأوائل الثانوية العامة كل عام بمحافظة أسيوط في تصريحات صحفية لها أن "التفتيش على مدارسنا بدأ من أول يوم للدراسة، ولم يجدوا ما يثبت إدانة المدرسة في كونها مدرسة إرهابية تساند الإرهاب، ومن المؤسف أنهم توقفوا عند ملف كان مع أحد المدرسات تستخدمه كإرشادات لطالباتها للحفاظ على النظام أثناء الجلوس على المقاعد، واعتبرته لجنة التفتيش الموقرة دليل إدانه للمدرسة، وطلب الموظف توقيع المعلمة وبطاقتها وقام بتصوير الملف واحتفظ به معه.
ومن المؤسف أيضا أن الملف كان يحوي صورة أحد السنافر، وهي صورة مشهورة ويرفع يديه ويبدو أنهم وجدوها تشبه إشارة رابعة، فكانت التهمة".
الأناشيد الدينية.. ودرس فلسطين
وأضافت "لقد استلمت إنذار من لجنة المتابعة بالوزارة بأن هناك مخالفات في الآتي: تدريس كتاب الرشاد كمنهج إضافي علماً بان لائحة المدرسة المعتمدة من 30 سنة تنص على وجود منهج إضافي للتربية الاسلامية واللغة الإنجليزية، المشكلة أوجدوها في أن الكتاب يوجد به درس عن فلسطين، ووجود كلمة لا إله إلا الله على ختم المدرسة ، والاعتراض علي ترديد التلاميذ لبعض الأناشيد الدينية في الطابور، رغم إنهم يرددون النشيد الوطني بعد تحية العلم ، كانت هذه هي المخالفات التي انشغلت بها المديرية ومكتب وكيل الوزارة، بل وجاء موجه من القاهرة مخصوص ليسلمنا هذا الإنذار.
المركز الأول لا يكفي!
وأكدت مشهور أن المدرسة حصلت على المراكز الأولى على مستوى الجمهورية تعليميا، ليس هذا فحسب، بل حصلت كذلك على المركز الأول في النشاط الرياضي على مستوى الجمهورية في الجمباز العام الماضي، ومراكز متقدمة في المسرح والمجلة والكرة الطائرة.
وإذا كان قرار الوازرة هو التحفظ على 62 مدرسة من مدارس الإخوان، فان القرار استبعد 85 مدرسة أخرى من عملية التحفظ لأسباب تتعلق بتعدد ملاكها، وعدم انتمائهم للجماعة، رغم وجود شخص أو أكثر ضمن المساهمين أو الملاك من المنتمين للجماعة.
مخالفات ظاهرية
ومن جانبها نفى خالد الشيمي مدرس بأحد المدارس الحكومية، في تصريحات صحفية أن تصل المدارس المملوكة للإخوان 400 ،مؤكدا أنها قد تصل إلى 32 مدرسة فقط على أقصي تقدير، على مستوى الجمهورية.
وتابع الشيمي أن التقارير المنشورة عن المدارس لم تخرج عن كونها مخالفات ظاهرية وليست مخالفات في المنهج، مؤكداً ان وزارة التربية والتعليم لا تعلم بعض جوانب التقويم لمدارس كثيرة كمدرسة النيل التي تأتيها الامتحانات مغلقة في أظرف من كامبردج بريطانيا، كما أن التصحيح لا يتم في مصر حتى النتائج لا تأتي للأولاد من المدرسة، والوازرة لا تعرف شيء عن المدرسة ولا عن إدارة المدرسة ولا عن المدرسين.
دعم مالي لمدرسة دولية!
ولقد زارت لجنة من الوزارة "مدارس النيل" وأعدت تقريراً سلمته لوزير التربية والتعليم في عهد د. محمد مرسي، وكان الوزير بصدد اتخاذ الاجراءات اللازمة بشأن هذه المدرسة خاصة وأنها تحصل على دعم مالي كبير من صندوق التعليم رغم كونها مدرسة دولية، لكن للأسف بالمخالفة للقانون يتم تدعيمها من صندوق التعليم بأموال الشعب!
القرار لبسط السيطرة
ورأى الشيمي أن قرار الوزارة بالتحفظ على مدارس الإخوان الهدف منه بسط سيطرة الحكومة الانقلابية قوتها على كل مدارس الاخوان، ولو أن مخالفتها لقواعد وضوابط وزارة التربية والتعليم كان حقيقيا؛ لكان أول من تحرك ضدها أولياء امور التلاميذ والطلاب، إلا أن اللافت للنظر أن أبناء طلاب تلك المدارس كانوا لآباء من ضباط أمن الدولة وضباط بالقوات المسلحة ومسئولين كبار بالدولة، لثقتهم في المدارس والقائمين عليها، ولأنها من أفضل المدارس التي تقدم خدمات تربوية وتعليمية وترفيهية وتثقيفية ودينية.
التحفظ سياسي .. وغير قانوني
وعلى ذات الصعيد، قال د. محمد فتح الله عضو مجلس نقابة المعلمين العامة في تصريحات له عن وضع مدارس الإخوان أن المدرس الخاصة أنشئت في إطار قانون أو قرار وزاري، وإذا خالفت النص فهناك قضاء، وليس هناك ما يسمى بقرار التحفظ.
وذكر فتح الله أن الضرر على مصر ليس من مدارس الإخوان، بدعوى أنها تؤسس لدولة داخل الدولة أو أنها تربي على الإرهاب، لأن هذا لم ولن يحدث من مدارس الإخوان، متسائلا عن ترك المدارس المسيحية والملايين التي تقدم كدعم لها، وكذلك المدارس الإنجليزية والفرنسية والكندية، التي تهمش ثقافتنا العربية والفكرية لأبعد الحدود.
واعتبر فتح الله قرار التحفظ على مدارس الإخوان قرارا سياسيا من الدرجة الأولى، ومؤشر خطير على تردي احوال الحالة التعليمية في مصر في ظل الانقلاب العسكري، فكل ما على الوزارة وضع قواعد وضوابط وعلى الجميع الالتزام بها، وعليها أن تتخلي عن ازدواجية المعايير في التعامل مع أصحاب المدارس وأصحاب رءوس الأموال.