لم يكن غريبا أن يتم التنكيل بقلم متوازن وحر جديد بقدر الكاتب الكبير والمفكر الإسلامي فهمي هويدي في اليوم العالمي لحرية الصحافة، فالكتابة في زمن الانقلاب لها ضريبتها، طالما لم تكن منافقا ومدلسا أو تمارس الارهاب الفكري على ثوار 25 يناير، والحقيقة لها ثمنها طالما لم تسمع كلام الرقيب وتكذب على الثوار خاصة الإخوان وتمجد في أعداء ثورة 25 يناير.
ورغم مرارة المشهد إلا أن المفارقة، كانت حاضرة تفضح القمع في محاكمة صحفيي الجزيرة، حيث عرضت النيابة الحالية أدلة اتهام للزميل محمد فهمي عبارة عن صور له مع قيادات بجماعة الإخوان المسلمين، وكأن الصحفي مطلوب منه أن يقدم طلب للرقيب للاستئذان قبل مقابلة مصادره أيا كانت، وهو ما يخلص المشهد العبثي بوضوح.
إن المشكلة الحقيقة ليست في قضاء يحتاج أعضاءه إلي دورات لاستيعاب التطور في العمل الصحفي والإعلامي وإنهاء العبث المضحك في الاتهامات الموجة ، ولا في أجهزة أمنية خرجت عن مسارها الأمني وترفض إعلان الحقيقة في عصر السماوات المفتوحة والإنترنت ، حتي من باب ممارسة كل مواطن لمهنته ، وإنما في زملاء اتخذوا من نقابة الصحفيين مطية لتحقيق فوز مشين لأحزابهم الفاشلة وأحلام "الأستاذ المغرور" ونزوات متطرفي اليسار والليبرالية السياسية التي بات واضحا أنها غارقة في حب عصابة العسكر وكره المدنية والديمقراطية والحرية والتعددية.
بالطبع القاضي – بين هلالين – الذي يرفع مطرقة العدالة ليهدم بها استقلال الصحافة ويطوعها ، هو مشارك في الجريمة ، التي تقوم بها مليشيات الانقلاب العسكري بسواء بالرصاص أو بإزهاق الحريات ، ولكننا نعتبر تواطؤ نقيب الصحفيين ضياء رشوان وعدد من أعضاء مجلسه مع القمع الانقلابي، وتغيير دور النقابة إلى حانوتي، لهو الجريمة الأكبر، ذلك أنه وشلته باعوا كل تاريخ النقابة النضالي وكل قيم الزمالة وكل شعارات الكفاح النقابي من أجل قلة فاسدة عميلة قادت انقلابا عسكريا حقق أهداف أمريكا والعدو الصهيوني وأعداء الثورة والحرية والديمقراطية.
إن حقوق الشهداء والمعتقلين والمتضررين من أبناء بلاط صاحبة الجلالة في مصر وغيرهم من ضحايا الانقلاب ومذابح الثورة المضادة، لهي دافع نبيل لكل انسان حر يحترم انسانيته للكتابة بنزاهة وشرف وبسالة في زمن الانقلاب مهما كانت الضريبة ومهما كان الثمن، فالصحافة ليست جريمة والوطن يستحق كل تضحية لنشر الحقيقة.
* منسق حركة صحفيون من أجل الإصلاح