يقبع الآلاف من المصريين في معتقلات الانقلاب، بسبب مواقفهم المؤيدة للشرعية، ويقف الكثير منهم في موقف العاجز عن الخروج بسبب عدم دفع الكفالات الباهظة التي تقرها عليهم المحاكم الخاضعة لإرادة قائد الانقلاب عبدالفتاح السيسي، وتساءل عدد كبير من المواطنين حول جواز دفع زكاة الفطر لأسر المعتقليين، أو كفالة لإخلاء سبيلهم.
وأتفق أغلب الأئمة والعلماء بجواز دفع االزكاة لفك أسر المعتقليين في سجون السيسي، وفي التراث الفقهي، يقول المبسوط للسرخسي الحنفي "30 / 271" : ( من وقع أسيراً في يد أهل الحرب من المؤمنين و قصدوا قتله يفترض على كل مسلم يعلم بحاله أن يفديه بماله إن قدر على ذلك، و إلا أخبر به غيره ممن يقدر عليه و إذا قام به البعض سقط عن الباقين بحصول المقصود) .
و قال الإمام النووي الشافعي رحمه الله "كما في الروضة : 10/216" : بعد أن ذكر وجوب الجهاد لتحرير الأسرى : (و الفداء بالمال واجب إن استطعنا تخليص الأسرى به ) .
و يدخل فكاك الأسرى في مصارف الزكاة ، فيصرف له من سهم اعتاق الرقاب ، كما يُشرَع الإنفاق عليه من الكفارات الواجبة، على ما هو مفصل في مظانه من كتب الفقه .
قال الإمام القرطبي في تفسير آية الصدقة من سورة التوبة : ( و اختلفوا في فك الأسارى منها – أي من أموال الزكاة – فقال أصبغ : لا يجوز، و هو قول ابن قاسم.
و قال ابن حبيب : يجوز ، لأنها رقبة مُلكت بملك الرق فهي تخرج من رق إلى عتق، و كان ذلك أحق و أولى من فكاك الرقاب الذي بأيدينا، لأنه إذا كان فك المسلم عن رق المسلم عبادة و جائزاً من الصدقة، فأحرى و أولى أن يكون ذلك في فك المسلم عن رق الكافر و ذله ) [ تفسير القرطبي : 8 / 183 ] .
و يُندب إلى وقف الأوقاف و حبس أصول الأموال على ما من شأنه فكاك الأسرى ، حتى ينفق من خراج الوقف على كل أسير يقع في أيدي الأعداء إلى يوم يقوم الأشهاد .
وأفتى الشيخ الدكتور محمد الصغير، عضو حركة علماء ضد الانقلاب وعضو الهيئة الشرعية للحقوق والإصلاح، ومستشار وزير الأوقاف في حكومة الدكتور هشام قنديل، بجواز إخراج زكاة المال لابن السبيل الذين يحبسون في سجون الانقلاب العسكري.
ولفت الصغير -خلال لقائه ببرنامج دعوة على السحور بالجزيرة مباشر مصر- إلى أن أحد مصارف الزكاة عاد مرة أخرى في دولة الخوف والقمع ودولة السيسي، وهم "في سبيل الله والغارمين" وهم المحبوسون في قضايا لعدم استطاعتهم دفع الكفالات التي بلغت بالملايين.
ودعا المصريين بالداخل والخارج بدفع الزكاة لغزة ومساندتها، وأن دعم غزة واجب على كل مسلم ومسلمة في مصر وخارجها.
وطالب الشيخ محمد عبد المقصود بدفع الزكاة لأسر المعتقلين، قائًلا هم يحتاجون الزكاة مشيرًا إلي ضرورة أن تكون أسر المعتقل تحتاج إلي المال، فهناك معتقلين ينتمون إلي أسر غنية لا تحتاج إلي المال، فلا يجوز التبرع لهم، ولا يجوز للأسرة أن تقبل هذه التبرعات.
وطالب عبد المقصود من دافعي الزكاة أن يدفعوا لأسر المعتقليين سرًا حتى لا يتم اعتقالهم بسبب مساعدة المعتقلين في ظل الدولة الظالمة التي نعيش فيها.