"على الرغم من التمييز العنصري الحاصل ضد اليهود الشرقيين في إسرائيل في مجالات التعليم والاقتصاد والمؤسسات الإسرائيلية الاستراتيجية والجيش؛ إلا أنه لا يمكن مقارنة ذلك مع درجات التمييز العنصري التي تعاني منها الأقلية العربية في إسرائيل" جمل رددها الكاتب الصحفي نبيل السهلي، سابقًا عن تفاقم العنصرية في الكيان الصهيوني بين أبناء الديانة اليهودية، تطرح تساؤلا؛ هل التمييز العنصري في إسرائيل ممارسات أم مجرد أيديولوجية؟
أيام قلائل فصلتنا عن وضع رئيس الوزراء الإسرائيلي "بنيامين نتنياهو" لمشروع قانون "يهودية الدولة"، الذي ستتحدد صيغته النهائية، بالتنسيق مع المستشار القانوني للحكومة.
هذا القانون الذي من شأنه مجحفا لحقوق فلسطينيي القدس وخاصة أهل المنطقة الشرقية من المدينة والذي يكفل لليهود حقوقا تكلف الفلسطينيين حق وجودهم على أرضهم التاريخية.
فالمبادئ الأساسية للقانون تتلخص في الآتي:
1-أرض إسرائيل هي الوطن التاريخي للشعب اليهودي ومكان إقامة دولة إسرائيل.
2-دولة إسرائيل هي الوطن القومي للشعب اليهودي الذي يجسّد فيها حقه في تقرير المصير بناءً على تراثه الحضاري والتاريخي.
3-حق تقرير المصير في دولة إسرائيل مقصور على الشعب اليهودي.
4- إسرائيل دولة ديمقراطية تقوم على مبادئ الحرية والعدالة والسلام وفق رؤية أنبياء شعب إسرائيل، كما أنها تلتزم بالحقوق الشخصية لجميع مواطنيها بمقتضى القانون.
ولعل المبدأ الأول من الخطورة التي تجعله نافيا لكل ماهو غير يهودي على أرض فلسطين، ونافيا للوجود العربي الإسلامي فيها، والنقطة الأهم هي ماعلق عليه الدكتور فايز أبو شمالة قائلا: "على الفلسطينيين والعرب الانتباه إلى أن المبادئ الأساسية تفرق بين (أرض إسرائيل) وبين (دولة إسرائيل)، وهذا يعني أن الدولة الراهنة بحدودها السياسية المعروفة لا تمثل حلم اليهود، الذين يحلمون بـ(أرض إسرائيل)، وهي الأرض التي تمتد وفق التاريخ اليهودي إلى شرق نهر الأردن، وتمتد شمالاً حتى الجنوب اللبناني، وتمتد جنوباً حتى قادش بارنيع في سيناء المصرية."
يتضمن القانون أيضا عدة حقوق كفلها لليهود المقيمين داخل "إسرائيل"، وهي من التضارب مع حقوق سلبت من الفلسطينيين ما يجعلها عنصرية بامتياز نستعرض منها:
–حق العودة :لأي يهودي الحق في القدوم للبلاد والحصول على الجنسية الإسرائيلية بموجب القانون.
وأيضًا
– قانون جمع الشتات الذي نصه جمع الشتات اليهودي وتعزيز التواصل مع الشعب اليهودي في الشتات.
وذلك يتعارض مع ما أقرته الحكومة الإسرائيلية بشأن فلسطينيو الشتات واللاجئين الذين حرموا -ومازالوا من حق عودتهم على الرغم من امتلاك بعضهم لملكيات دورهم بأراضي الـ 48 وحملهم للجنسية الفلسطينية ، أيضا عملت الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة على تنفيذ توصية اللجنة الوزارية الإسرائيلية لشؤون القدس لعام 1973م، برئاسة غولدا مائير، والتي تقضي بأن لا يتجاوز عدد السكان الفلسطينيون في القدس 22% من المجوع العام للسكان، وذلك لإحداث خلخلة في الميزان الديموغرافي في المدينة، لذلك فقد لجأت سلطات الإحتلال إلى إستخدام الكثير من الأساليب لتنفيذ هذه الوصية والتي كان آخرها سحب الهويات من السكان العرب في القدس ، ويأتي ذلك متزامنا مع عمليات التهجير ومصادرة الأراضي التي تتم بشكل ممنهج بحق الفلسطينيين.
–التراث:
أ- ستعمل الدولة على حفظ التراث والتقاليد الحضارية والتاريخية للشعب اليهودي وتعليمها وتنميتها سواء في البلاد أو في الشتات اليهودي.
ب- سيتم تدريس تأريخ الشعب اليهودي وتراثه وتقاليده في جميع المؤسسات التعليمية التي تخدم الجمهور اليهودي في البلاد.
ج- ستعمل الدولة على تمكين جميع سكان إسرائيل بغض النظر عن انتمائهم الديني والعرقي والقومي من حفظ حضارتهم وتراثهم ولغتهم وهويتهم.
التقويم الرسمي: إن التقويم العبري يُعتبر تقويماً رسمياً للدولة.
ذلك يعني ترسيخ تعاليم الديانة اليهودية في عقول سكان البلاد مسلمين أو مسيحيين طالما حملوا الجنسية الإسرائيلية.
–عيد الاستقلال وأيام الذكرى:
أ- عيد الاستقلال هو العيد الوطني للدولة.
ب- يوم ذكرى شهداء معارك إسرائيل ويوم ذكرى المحرقة هما يوما الذكرى الرسميان للدولة.
يتعارض ذلك مع إقرار «قانون النكبة»و الذي يقضي بقطع تمويل الحكومة عن كل حزب أو منظمة أو هيئة تتحدث عن «نكبة فلسطين» أو تحيي ذكراها، وهذا القانون مصمم بالأساس لمواجهة الأحزاب والقوائم العربية في مناطق 48.
–القضاء العبري:
أ- سيكون القضاء العبري مصدر إلهام بالنسبة للكنيست (السلطة التشريعية).
ب- إذا واجهت المحكمة قضية تستوجب الحسم، وإذا عجزت عن التجاوب معها بناء على التشريعات القائمة أو من خلال القياس المنطقي، فسيتم البتّ فيها على ضوء مبادئ الحرية والعدالة والاستقامة والسلام الواردة في تراث الشعب اليهودي.
في هذا الشأن علق دكتور "أبو شمالة" قائلا: معنى أن تصير الشريعة اليهودية هي مصدر إلهام للكنيست الإسرائيلي، وهي مرجعية القوانين في (إسرائيل)، هذا يؤكد أننا نواجه دولة تقوم على أسس دينية لها القداسة والانقياد للسلف اليهودي.
–حماية الأماكن المقدسة: سيتم حماية الأماكن المقدسة ومنع تدنيسها ومنع أي اعتداء عليها ومنع كل ما من شأنه الحدّ من حرية وصول أبناء الديانات إلى مقدساتهم أو ينال من مشاعرهم إزاءها.
ذلك يعني أن "المسجد الأقصى المبارك" متاحا للمتدينين اليهود في أوي وقت، ووفقا للقانون ستتم معاقبة أي شخص يعترض وصولهم له أو ممارسة طقوسهم داخله.