أودعت محكمة جنايات القاهرة، برئاسة المستشار حسن حسانين، حيثيات حكمها بمعاقبة الرئيس المخلوع حسني مبارك ونجليه علاء وجمال، بالسجن المشدد لمدة 3 سنوات، وتغريمهم متضامنين مبلغ 125 مليون و779 ألف جنيه، وإلزامهم متضامنين برد مبلغ 21 مليون 197 ألفًا، وذلك إثر إدانتهم بإلاستيلاء على 125 مليون جنيه من ميزانية مؤسسة رئاسة الجمهورية، والتزوير فى محررات رسمية، في القضية المعروفة إعلاميًا بـ”القصور الرئاسية” .
مبارك حنث القسم:
وقالت المحكمة في حيثيات حكمها- التي حصلت “رصد” على نسخة منها- إنه حسبما استقر في يقينها واطمأن إليه وجدانها أن المتهم الأول مبارك بصفته موظفًا عموميًا، رئيس جمهورية مصر العربية سابقا قبل مباشرة مهام منصبه، وأقسم بالله العظيم أن يحترم الدستور والقانون، وكان من سلطته اصدار اللوائح اللازمة لتنفيذ القوانين بما ليس فيه تعديل أو تعطيل أو إعفاء من تنفيذها، وأنه كسائر المواطنين خاضع لأحكام الدستور والقانون، ومن واجبات وظيفته الحفاظ على المال العام ومنع العدوان عليه، إلا أنه حنث في قسمه وأساء استغلال وظيفته واستولى لنفسه وسهل لنجليه الاستيلاء بغير حق على المال العام المملوك للدولة بنية تملكه وإضاعته على مالكه.
وأكدت المحكمة أنها اطمأنت إلى اقرارات المتهمين الأول والثاني لتتخذها سندًا ضدهما لأن هذه الاقرارات جاءت متفقة مع ظروف الدعوى وملابستها، فضلا عن خلو الأوراق مما يناقضها أو يضحضها، وبالتالي تكون ملكية المتهمين الثلاثة للعقارات والقصور المشار إليها بأقوال الشاهدين الأول والثاني، ومقاولي الباطن ليست محل شك بل ثابتة على وجه الجزم واليقين وهو ما اعتمدت عليه المحكمة في حكمها.
إنكار بهدف الهروب:
وحيث إن المحكمة بعد أن تناولت الأدلة القولية والفنية التي اطمانت إليها واعتمدت عليها في حكمها، ومن ثم تلتف عما عداها، وأن الواقعة في نطاق ما استخلته ثابتة في حق المتهمين الثلاثة ثبوتا يقنيا كافيا لإدانتهم والحكم عليهم، إذ تطمئن المحكمة في هذا النطاق إلى أدلة الثبوت القولية والفنية المقدمة من النيابة العامة وذلك فيما تضمنته من أن مبارك بصفته موظفا عاما استولى لنفسه وسهل لنجليه المتهمين علاء وجمال الاستيلاء بغير حق، وبنية التملك على مال مملوك للدولة بلغ قيمته 125 مليون و779 الف جنيه، وسترًا لهاتين الجريمتين قام آخرون حسنو النية مستخدمين حيلة بارتكابهم جريمتي التزوير في محررات رسمية، كما أضر عمدا بأموال ومصالح جهة عمله واشترك معه نجلاه بطريق الاتفاق والمساعدة.
وهو ما تأخذ به المحكمة وتعتمد عليه في قضائها، ولا ينال من ذلك انكار المتهمين لما أسند إليهم من اتهامات، باعتبار الإنكار وسيلتهم في الدفاع للهروب من جرائمهم والافلات من عقوبتها، كما لا ينال منه ما أثاره الدفاع سواء في مرافعته الشفوية أو مذكراته من دفوع وأوجه دفاع موضوعية قصد بها التشكيك في أدلة الثبوت المقدمة من النيابة العامة لحمل المحكمة على عدم الأخذ بها، كما تلتفت المحكمة أيضا عن باقي المستندات المقدمة من الدفاع بالتحقيقات وجلسات المحاكمة لعدم جدواها فضلا عن عدم الاطمئنان إلى ما تضمنته واشتملت عليه من بيانات.
وحيث إن الثابت بالأوراق أن نقض الحكم السابق قد حصل بناء على طلب المتهمين دون النيابة العامة، مما لا يجوز معه أن يضاروا بطعنهم وهو ما تلتزم به المحكمة، مع المساواة بين الفاعل الأصلي والشريك في العقوبة.
سداد المبالغ لا ينفي ارتكاب المتهمين للجريمة
وأضافت المحكمة أنه بخصوص المبلغ المستولى عليه فان القدر المتيقن في حق المتهمين الثلاثة الذي تطمئن إليه المحكمة هو ما انتهت إليه لجنة الفحص في تقريرها وما قرره أعضاؤها في التحقيقات من أن جملة هذا المبلغ بعد إضافة نسبة الأرباح والمصاريف الإدارية لشركة المقاولون العرب هو 125 مليون و779 الف و237 جنيه، ومن ثم تأخذ به المحكمة وتعتمد عليه في حكمها بصرف النظر عن المبالغ الأخرى التي لم تتوصل اللجنة إليها على التفصيل الوارد بالتقرير.
وأشارت إلى أن الثابت بالاوراق سداد المتهم الثالث علاء مبارك لمبلغ 140 مليون و582 إلف جنيه، ولما كان من المقرر أن عقوبة الرد المقررة بالمادة 118 عقوبات تدور مع موجبها من بقاء المال المستولى عليه في ذمة المتهم، وأن السداد اللاحق لقيمة المال محل جريمتي الاستيلاء على المال العام بغير حق أو تسهيل الغير لا ينفي وقوع هاتين الجريمتين مكتملي الأركان فيسأل المتهون عنهما بالتضامن فيما بينهم سواء كانوا فاعلين أصليين أو شركاء ومن ثم تلزمهم المحكمم بالتضامن فيما بينهم برد المبلغ المتبقي في ذمتهم حتى الان وقدره 21 مليون و197 إلف جنيه.
وحيث إنه من المقرر أن جريمتي الاستيلاء بغير حق على المال العام وتسهيل ذلك للغير يلزم لتحققهما أن يستولي الموظف العام لنفسه أو يسهل الاستيلاء لغيره على مال مملوك للدولة أو إحدى الجهات المنصوص عليها بالمادة 119 من قانون العقوبات بانتزاعه منها خلسة أو حيلة أو عنوة بنية تملكه وإضاعته على ربه.
أسباب عدم تغليظ العقوبة
وقالت المحكمة، إنه من المقرر كذلك أن التزوير هو تغيير الحقيقة بقصد الغش في محرر بإحدى الطرق المبينة بالقانون تغييرا من شانه أن يسبب ضررا للغير، وحيث إن جريمة الإضرار العمدي بالمال العام تتحقق حينما يكون الجاني موظفًا عامًا بهدف الإضرار بالأموال والمصالح المعهود بها إليه مع توافر القصد الجنائي.
وتشير المحكمة إلى أنه بشان ملكية مقر إقامة المتهم الأول مبارك بصفته وباقي أفراد أسرته بالفيلا الكائنة بالعقاريين رقمي 13 و15 شارع حليم أبو سيف بمصر الجديدة، فإن الثابت بعقد البيع النهائي المسجل برقم 2499 بتاريخ 1 اغسطس 2002 توثيق مصر الجديدة، تم بيع العقارين المذكورين من شركة فالي للاستثمار العقاري إلى سوزان صالح زوجة مبارك بثمن وقدره 4 ملايين و300 الف جنيه، وقد ورد في البند الثالث من العقد المذكور أن المشترية سددت كامل المبلغ وقت التوقيع على العقد ويعتبر بمثابة مخالصة نهائية باستلام كامل الثمن.
وفي يوم الخميس 19 مايو 2011 – أي بعد اندلاع الثورة- تم بيع هذين العقارين بموجب عقد بيع من سوزان مبارك إلى المخابرات العامة بنفس الثمن الموضح بالعقد السابق.
وتطمئن المحكمة تطمئن إلى عقدي البيع، ومن ثم تأخذ بمضمونهما وتعتمد عليهما في حكمهما وبالتالي يكون وقر في وجدانها أن العقارين سالفي الذكر خلال فترة الفحص من العام المالي 2002، 2003 حتى 2010، 2011 كانوا مملوكين ملكية خاصة لسوزان مبارك ومن ثم تلتفت المحكمة في هذا الخصوص عن الاقرار – ورقة الضد – الصادر منها بتاريخ 7 اغسطس 2002 والمكابات المتبادلة بين وكيلها وبعض الجهات بشان صورية العقد الأول.