شبكة رصد الإخبارية
follow us in feedly

محمود الأزهري يكتب: الثورة المصرية.. وحق الشعب في المقاومة

محمود الأزهري يكتب: الثورة المصرية.. وحق الشعب في المقاومة
الثورة المصرية حتى الان ليست ثورة بحق لأنها ليست طالبه لشروط التحرر بل يقتصر حتى الان مطالب الثورة على تغيير الأنظمة والوصول إلى الحكم أو حتى مقاسمته إياه في إطار الجغرافيا الموروثة عن الاستعمار

الثورة المصرية حتى الان ليست ثورة بحق لأنها ليست طالبه لشروط التحرر بل يقتصر حتى الان مطالب الثورة على تغيير الأنظمة والوصول إلى الحكم أو حتى مقاسمته إياه في إطار الجغرافيا الموروثة عن الاستعمار

عندما استولي الجيش في مصر على السلطة عنوة في يوليو 2013، أطلقت جماعة الإخوان المسلمين على لسان المرشد العام مقولة حددت مسار الجماعة الثوري وموقفها مما حدث مع الرئيس المنتخب محمد مرسى في يونيو 2012 حين قال: “سلميتنا أقوى من الرصاص”، لم نكن نعلم وقتها هل أطلقها بناء على رؤية؟ يأتي بعدها ما يأتي من ترتيبات بدون تخطيط مسبق أو استعداد؟ ام لا في كل الأحوال لا تبنى السياسة ومواقفها على نوايا أو تواكل، فما اتضح لنا فيما بعد أنه كان شعار أطلقه المرشد العام للجماعة معبرا عن استراتيجية الجماعة الثورية بدون مقاومة قوية حتى الان لمواجهة الانقلاب

كيفية مواجهة الحكومات ؟

وقبل أن نكمل وجب الاشارة الى أن هناك مدرستين في مواجهة الحكومات الاستبدادية: أولهما ما يطلق عليه ثورة اللاعنف أو (الساتياغراها) والتي تعني “الإصرار على الحق” وهو وسيلة لتحقيق الإصلاح الاجتماعي والسياسي وأول من دعا إليها كان المهاتما غاندي، وتتحقق من خلال محاور رئيسية منها المظاهرات ثم الإضرابات ثم العصيان المدني والعسكري وعدم الطاعة، والأخرى ثورة العنف والسلاح وهي وسيلة أيضاً لمواجهة الإستبداد والعنف المضاد من وجهة نظر متبنيه.

فعند اتخاذ قائد لمسيرة النضال اللاعنفي نجد الهندي المهاتما غاندي الذي اقتبس منه قوله: “إن اللاعنف هو أعظم قوة متوفرة للبشرية، إنها أقوي من أقوي سلاح دمار صنعته براعة الإنسان” فهذه هي القاعدة الأم لهذه المدرسة، ناهيك عن استعدادهم لبذل أرواحهم الواحد تلو الآخر دون كراهية تؤدي للغضب الطبيعي في مقابل احداث تغيير للاستبداد بدون عنف من الشعوب، وأيضاً تحدث عنها عبدالغفار خان الذي يعد أحد جنود اللاعنف كما يطلق عليه، وقد عاصر غاندي، حين قال: “سأقدم لكم سلاحاً فريداً لا تقدر الشرطة ولا الجيش علي الوقوف ضده، إنه سلاح النبي لكن لا علم لكم به، هذا السلاح هو الصبر والاستقامة، ولا توجد قوة على وجه الأرض تستطيع الوقوف ضده”.

وهنا تجدر الإشارة إلى أن منطق اللاعنف يعتمد إن صح التعبير على المبادئ الدينية لمعظم الأديان السماوية في مقاومة الإستبداد، بالإضافة إلى الإستخدام المشروع لوسائل اللاعنف “الممنهج” والتي أشرنا إليها سابقاً.

وفي المقابل نجد بارزاً في مدرسة التغيير بالعنف مالكوم إكس السياسي الأمريكي والذي اقتبس قوله: “إن من الإجرام أن تعلم الرجل ألا يدافع عن نفسه، وهو يتعرض لهجوم متوحش ومستمر”.

وبين هذين النوعين نجد أن تغيير الإستبداد مقرون بقوة الوسائل المؤهلة للتغيير، فليس كل العنف نافع ذلك لما هو معروف عن نتائجه المدمرة لكل الأطراف كما حدث في الجزائر مع الحركة الإسلامية كمثال، كذلك ليس كل اللاعنف نافع كما حدث مع مارتن لوثر كينغ الناشط الأمريكي من أصول أفريقية والذي عاصر مالكوم إكس وكان لهم هدف مشترك هو نبذ العنصرية حيث باءت كل محاولاته الداعية للاعنف بالفشل حتى تحدث عنه إكس في حوار معه قال فيه: “إن منهج الدكتور كينغ منهج غير واقعي، إنه منهج مشكوك فيه، وأنا متأكد أنه لن يصل إلى الهدف الصحيح بهذا المنهج”، لكن البعض اعتبر أن رسالة لوثر كينغ قد تحققت بعد أكثر من سبعين عاماً من وفاته، وأن التفرقة العنصرية قد انتهت عندما فاز باراك أوباما ذو الأصول الأفريقية بالإنتخابات الرئاسية الأمريكية في يناير / كانون الثاني 2009.

مأل الثورة المصرية

وبالعودة للبداية والمقارنة بما سبق نجد أن الثورة المصرية الأن استحدثت مدرسة ثالثة لا هي تتبع مدرسة اللاعنف “الممنهج” والذي يؤدي دوره في سقوط الأنظمة الاستبدادية، ولا هي تتبع مدرسة العنف الوليد الأزمة الذي يحقق أهدافه رغم خسائره الفادحة، فكانت مدرسة السلمية الخاوية من وسائل تدعم النضال وبما أن سنن الله في الكون لا تحابي أحداً فإن من اتخذ اي الجانبين من المقاومة والثورة مع الأخذ بالأسباب فإنه ينتصر لا محالة

فالثورات لا تتحقق بالصلوات والدعوات والمظاهرات إلا في الأحلام أو الأوهام. لا بد فيها من دور المحركات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والحقوقية وبعض المقاومة الشرعية دفاعا عن النفس دون عدوان بالحدود الكافية. لم يذكر التاريخ ثورة سلمية ولو صح وجودها لكان مفهوم الجهاد فاقدا لمعناه ولما احتاجت الشعوب حتى للأمن الداخلي: وقد قال ابن خلدون لو صح ما يقوله اليتوبيون لاستغنينا عن الدولة.

والثورات لا يمكن أن يقودها الشيوخ والعجزة بل الشباب. والشباب لو سمح له بالقيادة لما أعجزه نظام ينخره الفساد والتقاعس فضلا عن الظروف المساعدة للتوجه الثوري بسبب الظلم والفقر والعدوان السافر على الأعراض. فالفسدة أكثر الناس هشاشة. وأدوات الاستبداد وبلطجيته قابلة للإستفادة منها إذ لا ولاء لها بل هي مع من يخيفها ويطمعها أكثر

في النهاية من قاوم أجدادهم الانجليز ودهاءهم كيف يعجز الان عن مقاومة أغبى عسكري عرفته الدنيا وأفسد قيادات عسكرية سيطرت على مقدرات مركز العروبة لابد وان تبرز بعد خيارات المقاومة الاستراتيجية التي يمكن برزنامة محددة تغيير الوضع خاصة والمناخ العربي الداعم للإنقلابيين بدأ يفقد زخمه فليتحرر الشباب المصري فالدعوات والابتهالات واللعب على الكلمات ليست فكرا ثوريـا بل هي من مهازل الزعامات التي تعطل الفعل الثوري وتهدد الشعوب لتبقى توابع للنخب أيا كانت توجهاتها.



تنفيذ و استضافة وتطوير ميكس ميديا لحلول الويب تنفيذ شركة ميكس ميديا للخدمات الإعلامية 2023