شبكة رصد الإخبارية
follow us in feedly

السيسي أو نحرق البلد

السيسي أو نحرق البلد
كان أنصار بشار الأسد، سيسي سوريا، قد اتخذوه شعارًا معلنًا، يكتبونه على جدران الدبابات، ويعلقونه على زجاج السيارات، وعلى الحوائط، وبلغت درجة اللامبالاة حد إعلان ماهر الأسد، شقيق بشار، على المنصة.

كان أنصار بشار الأسد، سيسي سوريا، قد اتخذوه شعارًا معلنًا، يكتبونه على جدران الدبابات، ويعلقونه على زجاج السيارات، وعلى الحوائط، وبلغت درجة اللامبالاة حد إعلان ماهر الأسد، شقيق بشار، على المنصة، بوضوح، أنه إما بشار أو الموت للجميع!!

في مصر، يتبع النظام فلسفة أخرى، أقل وضوحًا وأكثر وحشية؛ ففي حين كان الجنرال الفيلسوف، يقسم للناس بالله أنه لم يأت لهم بحكم عسكر، كانت الدبابات تدهس الناس، وتسوي أجسادهم بالأسفلت، وفي الوقت الذي يقسم فيه أمام الشاشات أنه لا دخل له بإيقاف برنامج باسم يوسف الساخر، يقسم بالله مشددًا، أمام العالم كله، تأتي التسريبات بما يكشف صلته المباشرة، وطلبه إلى السعوديين أن يمنعوه خوفًا، وبينما هو غارق في خطاب أبوي يعتبر فيه شباب مصر أبناءه الذين يسعى لحمايتهم، ينهب رجاله الأرض نهبًا لخطف الناشطين والناشطات، وإخفائهم، والتنصل من وجودهم، ثم يخبر الناس بعضهم بعضًا من خلال شهادات أهالي المسجونين الذين يزورون ذويهم أنهم شاهدوا فلانة أو فلانًا المخطوف مسجونًا في سجن كذا، سرًا!

يتطور خطاب العسكر من أجل الاستقرار، إلى العسكر أو عدم الاستقرار، ينكشف تباعًا كيف تآمرت كل أجهزة الدولة، وتعمدت تعطيل العمل أيام محمد مرسي، ينتقل ذلك على مستوى الخطاب العام من خانة التحليل إلى الإعلان المباشر، هكذا يخبرك الإعلاميون دون مواربة، عن ولاءاتهم، يقول أحدهم لمشاهديه إنهم ليسوا محايدين، وما حاسبوا عليه الرئيس الإخواني لن يحاسبوا عليه الرئيس العسكري، و”إيش جاب لجاب”.

ويقول آخر: من لم يستطع “إجبار” أجهزة الدولة على العمل معه لا يصلح أن يكون رئيسًا، فيما يخبرك ثالث بأنهم مع السيسي ولو فعل بهم الأفاعيل، وأنهم يحبونه وسيبلعون له الزلط، وحين يعلو صوت مواقع التواصل بأن الإعلام يكيل بمكيالين، يزيد مشاهديه أبياتًا من الشعر الرخيص مخبرًا إياهم بأنهم على حق وأنه فعلًا يكيل بمكيالين هو وزملاؤه من “الإعلامجية”، وعلى المتضرر اللجوء للقضاء أو للنيابة أو للشرطة أو لما شاء من مؤسسات الدولة (كلهم معنا)..

تتجه المنظومة كلها إلى شرعنة فعل “العافية” والخروج بفكرة الدولة من النظام إلى الغابة، على اعتبار أن هذه هي طبيعة الأشياء!!
لو رحل السيسي سنشعلها حربًا أهلية، يقولها مذيع شهير على الهواء مباشرة، وبعدها بأيام يخبر مشاهديه أن برنامجه الذي يقدمه على قناة مشفرة لا سقف له ويمكن لأي ضيف أن يقول فيه ما يشاء، دون كبت أو منع من أي جهة سيادية، عصر حريات!

رجال الدولة، كما عرفناهم، بدأوا في الإفلاس، أتوا بآخر ما عندهم في كل شيء، الآن يعلن السيسي ورجاله، بلغة واضحة، أنهم هنا ولن يستطيع أحد أن يمنعهم، فيما يعلن المرشح الرئاسي الأسبق، أحمد شفيق، بوضوح أنه تخابر مع مراكز أبحاث أمريكية بمعرفة أجهزة الدولة المصرية لإسقاط محمد مرسي، ويشير إلى رئيس أركان الجيش المصري، ومدير المخابرات بوصفهما أبلغاه بأنه الفائز في انتخابات الرئاسة، فيما يخرج سامي عنان ومراد موافي ليعلنا أنه كاذب، وأنهما لم يخبراه بشيء ولم يتعاونا معه في شيء.

محاكمة محمد مرسي بالأمس، والتي حصل فيها على المؤبد في قضية التخابر والإعدام، في قضية اقتحام السجون، ثمة إجماع بين الناس أن أحدًا لن يعدم ولا يحزنون، وبأنه لا قضية أصلًا، وبأن الجنرالات يستخدمون نوعًا آخر من قوة الضغط على الخصم من أجل التفاوض والتنازل عن حقه الدستوري والقانوني والتاريخي، وكلما فتح مخه في التنازل حصل على حريته أسرع ولحق بمبارك، في جناحه الفندقي المسمى سجنه!! يخبرك مواطن عادي، سائق تاكسي، أو عامل في مطعم، ولك أن تتخيل حجم ما يمكن إلحاقه ببلد وصل وعي مواطنيه بمؤسساته إلى هذا الحد المزري..

أجواء مملوكية بامتياز، كان القاضي في هذا العصر يبيع مكانه لمن يدفع، ليحكم هو فيحكم المشتري بطبيعة الحال لمن يدفع له أكثر من المتنازعين، كان المملوك الذي يقدر على أخيه، يقتله، وينهب أمواله، وعياله، وحريمه، على مرأى ومسمع من باقي المماليك دون إنكار من أحد منهم، فهذه هي قواعد اللعبة، يعرفها المنهوب قبل الناهب، ولو تمكن الأول من الثاني قبل أن يتمكن منه لفعل نفس ما فعل.

والشاهد، أنهم بالفعل يحرقون كل المراكب، حتى إذا رحلوا لا يستطيع أحد أن ينجز شيئًا لهذا البلد المنكوب بحكم عساكره، فكيف لك أن تنجز أي نوع من العدالة الانتقالية أو حتى اللحاق بما تبقى من مؤسسات خربة في ظل هذه الأجواء؟ مصر على حافة الهاوية، وهي في أشد حالات الاحتياج إلى من يلحق بها ويخلصها من هذا المجنون الذي يأخذنا جميعًا، ودون تفرقة بين مؤيد ومعارض، إلى نقطة اللارجوع.. ربنا يستر.



تنفيذ و استضافة وتطوير ميكس ميديا لحلول الويب تنفيذ شركة ميكس ميديا للخدمات الإعلامية 2023