قال دكتور نادر فرجاني الباحث السياسي، أن المتاجرة بالسلاح والعنف بغرض الربح أبشع صنوف الرأسمالية المنحطة التي يتبناها الحكم العسكري في مصر
وكتب”فرجاني” في منشور له عبر صفحته الرسمية على موقع”فيس بوك”:”الجوع والخوف هما المنغصان الأساسيان لرفاه البشر والمصدران الرئيسان للتعاسة البشرية ويؤكد القرآن الكريم على كون الجوع والخوف أشد الشرور التي تواجه البشر: “رب هذا البيت الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف” (قريش، 106). وفي العصر الحديث استقر -في الحكم الديمقراطي السليم- أن القضاء على الجوع والخوف، بالعمل على ضمان العيش الكريم وصيانة أمن المواطنين، هما من أهم واجبات الحكومة- التي يستأجرها الشعب لرعاية مصالحه، ويأجرهم على ذلك من الضرائب التي يدفعها للخزانة العامة، ويقسم أعضاؤهاعلى ذلك قبل توليهم المنصب”.
وأشار “فرجاني” إلى أن حكومة الحكم العسكري الراهن(الرئيس ووزارته) فشلت جليا في ضمان العيش الكريم لسواد الناس من الكادحين من ابناء مصر، بما يوجب مسائلتها وعزلها بالخروج عليها، قائلا:”والآن تعلن الحكومة فشلها في مهمتهاالرئيسية الثانية أي ضمان الأمن، وتحوله لوسيلة للتربح الفاجر بواسطة قيادات عمودي الحكم العسكري: الجيش والشرطة”.
وأضاف:”ولنتذكر أن التبريير الأساس الذي ساقه بعض مجاذيب الحكم العسكري لضرورة أن يحكم مصر عسكري كان القدرة على حفظ الأمن، كما أن الوعد الرئاسي الأهم، إن لم يكن الوحيد، الذي قطعه الرئيس الحالي على نفسه منذ تولى زمام الأمور في 3 يولية 2013، كان هو التعهد بحفظ الأمن ومكافحة الإرهاب. فقد طلب من الشعب تكليفا وأمرا بذلك، وأعطاه الشعب التكليف بسخاء”.
واستدرك فرجاني:”لكن خبرة الأطول من عامين الماضية والتي ظهرت بأجلى صورة في تكرر وتعاظم وقع الهجمات الإرهابية الآثمة، وقلة حيلة أجهزة الأمن، المدنية والعسكرية حيالها، وفي المشهد الفاضح عند بوابات الجامعات المصرية وداخلها منذ بداية العام الدراسي الماضي يشهد على فشل الرئيس ووزارته في الوفاء بهذا التعهد الوحيد”,
واستطرد متسائلا:” ولنا أن نتساءل عن مآل الرجل العسكري الذي يفشل في تنفيذ أمر مباشر من قائده الأعلى والأعظم، شعب مصر؟
وأكد أن السبب الأساس للفشل في نظره هو أن عبدالفتاح السيسي، الذي لم يعرف إلا المؤسسة العسكرية منذ الصبا الباكر، قد كرّس منطق القبضة الأمنية الغليظة معتمدا على البطش الشرطي والقانوني من خلال قضاء موال ومتواطئ وترسانة من القوانين والإجراءات الجائرة، مضيفًا:” فالأمن الذكي أمر غريب عن العقلية العسكريةالتقليدية في البلدان المتخلفة، ولكننا نعلم جميعا أن أسلوب البطش الأمني والقانوني لم يفلح أبدا في حفظ الأمن أو منع الجرائم الإرهابية الدنيئة، بل إن عتناة الإرهابيين تربّوا في السجون التي عانوا الابتلاء بها معتقدين بأنهم سُجنوا وعذّبوا ظلما، وهذا فعلا حال بعضهم على الأقل، إن لم يكن غالبية المسجونين الآن”.
وأردف:”وأظن أن أبلغ دليل على انعدام قدرة الدولة على إتاحة الأمن للمواطن والوطن هو تفشي شركات الأمن والحراسة الخاصة. حتى صارت وكأنها دولة داخل الدولة أو ميليشيات شبه نظامية يملكها ويتحكم فى عالمها الخفى قيادات سابقة فى الجيش والشرطة، مهمتهم الحماية مقابل ثمن. وقد تحولت شركات الحراسة الخاصة، لا سيما بعد الثورة، إلى ما يشبه دولة مستقلة، تعمل وفق قوانين خاصة، تكفل حماية من يدفعون المال مقابل الحصول على الخدمة”.
ويرى فرجاني أن الحكم العسكري يسعى لجني أضخم أرباح لقياداته ومساندوه من شريحة القيادات الحالية والسابقة من أجهزة الأمن المدنية والعسكرية، قائلا:” هو لا يترفع عن إلقاء البلاد في أتون التقاتل الأهلي ما دامت أرباحهم ضخمة وتتزايد وستنتهي في الأصول والبنوك الأجنبية مثل ولي نعمتهم الطاغية المخلوع اللامبارك”.
واختتم منشوره متسائلا:”والسؤال الملح الآن هو: لمن سيلجأ المواطن لحفظ أمنه ما دامت الحكومة قد تخلت عن مسئوليتها تلك؟ الأثرياء سيلجأون بالطبع لشركات الأمن الخاصة. ولا عزاء للمطحونين من أبناء شعب مصر.. الآن عليهم أن يفقدوا الأمن كما أُفقدوا العيش الكريم”.