شبكة رصد الإخبارية
follow us in feedly

انقسامات بين دول الخليج تهدد التحالف المناهض لنظام الأسد

انقسامات بين دول الخليج تهدد التحالف المناهض لنظام الأسد
على الرغم من اتحاد دول الخليج العربي في حربهم ضد تنظيم الدولة الإسلامية، إلا أن وجود الجيش الروسي في المنطقة يهدد بتقسيم التحالف، ومن المحتمل أن يقتل أي فرصة للتوصل إلى حل سياسي للأزمة في سوريا.

على الرغم من اتحاد دول الخليج العربي في حربهم ضد تنظيم الدولة الإسلامية، إلا أن وجود الجيش الروسي في المنطقة يهدد بتقسيم التحالف، ومن المحتمل أن يقتل أي فرصة للتوصل إلى حل سياسي للأزمة في سوريا.

ويمكن لهذه الحالة أن تعمق من الفوضى في سوريا، في وقت تعيد فيه الولايات المتحدة تقييم إستراتيجيتها المتعلقة بتدريب وتسليح المعارضة السورية المعتدلة، ولكنها لا تزال غير راغبة في الالتزام التام بمواجهة الأعمال العسكرية التي يقوم بها سواءً الرئيس السوري بشار الأسد أو الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.

ويتلخص الجدال الدائر بين الدول الخليجية، في ما إذا كانت القوى الإقليمية تعتقد بأن التدخل الروسي من شأنه المساعدة في الحد من انتشار تنظيم الدولة الإسلامية، المعروف باسم ISIS أو ISIL ولكن يُشار إليه إقليميًا باسم “داعش”.

وتقف في جانب واحد من هذا الخلاف، الحكومات السعودية والقطرية والتركية التي تعارض بشدة التدخل الروسي في المنطقة؛ إذ وصف وزير الخارجية السعودي عادل الجبير، مؤخرًا في اجتماع لدول مجلس التعاون الخليجي، التحركات العسكرية الروسية بأنها “خطوات تصعيدية”.

بينما تقف في الجانب الآخر، الإمارات العربية المتحدة ومصر والأردن، وهي الدول التي تنظر إلى التصرفات الروسية باعتبارها مصدرًا للتفاؤل؛ حيث يمكن أن يُسمع هذا الصوت من خلال وزير الخارجية المصري سامح شكري الذي صرح مؤخرًا بأن دولته ترى “أن (التدخل الروسي) سوف يؤثر على جهود مكافحة الإرهاب ويساعد في القضاء عليه”.

وأضاف قائلًا: “روسيا مهتمة بمكافحة الإرهاب، والغرض من تدخلها هو توجيه ضربة قاتلة للإرهاب في سوريا، كما أن هجماتها تتماشى مع التحالف الدولي لمحاربة داعش في سوريا والعراق”.

وتزيد من هذا الانقسام المسألة المتعلقة بما يسمى الثوار المعتدلون الذين يقاتلون كلًا من تنظيم “داعش” ونظام الأسد داخل سوريا.

وفي هذا السياق، أوضح المستشار والمحلل الجيوسياسي المقيم في منطقة الخليج، تيودور كاراسيك، أن الإمارات العربية المتحدة والأردن ومصر ينظرون إلى الجماعات التي تستهدفها الغارات الجوية الروسية باعتبارها جماعات متطرفة.

ويشير إلى أن الملك عبدالله الثاني، ملك الأدرن، وولي العهد محمد بن زايد، وعبدالفتاح السيسي، التقوا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في المعرض الجوي “ماكس” في يوليو الماضي، وأنه من المرجح أنهم ناقشوا معه حينئذ أفكارهم حول الوضع السوري.

واستطرد قائلًا: “هناك الكثير من الشكاوى في الغرب من أن هذه الغارات الجوية لم تستهدف تنظيم الدولة الإسلامية فحسب، بل أيضًا الجماعات الأخرى”. “إن مفهوم الجماعات الأخرى هذا مهم للغاية؛ نظرًا لأن روسيا ومصر والأردن والإمارات العربية المتحدة يعتبرون الجهات الفاعلة الأخرى في سوريا جماعات متطرفة، بما في ذلك الجيش السوري الحر، لأنه فشل فشلًا ذريعًا”.

وفي المقابل، فعلى الرغم من أن الولايات المتحدة قد دعمت على الأقل بعض الجماعات التي تقاتل في سوريا علنًا، إلا أنها لم تمنحهم أنظمة أسلحة رئيسية فاعلة يمكن أن تساعد على هزيمة “الأسد” أو قتال القوات الروسية. وهذا الموقف ينسجم نسبيًا مع المواقف السعودية القطرية التركية، برغم وجود خلافات أيضًا في هذا الصدد.

وإضافة إلى العمليات العسكرية التي تشنها ضد داعش، فإن تركيا في حالة حرب مع حزب العمال الكردستاني، وهي جماعة كردية مسلحة تتمتع بدعم سياسي داخل سوريا؛ وفي نفس الوقت، تعتمد الولايات المتحدة اعتمادًا كبيرًا على القوات الكردية لمكافحة تنظيم الدولة الإسلامية في كل من سوريا والعراق. علاوة على أن قطر لديها علاقات مع تنظيم جبهة النصرة، المصنف كمنظمة إرهابية من قبل الولايات المتحدة.

ويُذكر أن تقاريرًا غير مؤكدة تم تداولها عبر وسائل التواصل الاجتماعي ظُهر يوم الجمعة الماضي تشير إلى احتمال قيام القوات التركية بإسقاط طائرة حربية روسية.

وقال كاراسيك أنه يوجد انقسام وصراع داخلي في المملكة العربية السعودية بشأن السياسة الحالية بين ولي ولي العهد وزير الدفاع الأمير محمد بن سلمان وولي العهد وزير الداخلية محمد بن نايف ووزير الخارجية عادل الجبير.

وأضاف المحلل، “محمد بن نايف مستاء من الهجمات الروسية على الجماعات المدعومة من السعودية ويعتبر أنها تشكل تهديدًا مباشرًا على المملكة ولها تأثير مباشر على الأمن الداخلي في السعودية، لأن هذه الهجمات ستترك تأثيرًا وقد تدفع بعض هؤلاء المتطرفين (في سوريا) للعودة إلى المملكة العربية السعودية”.

وفي هذا الصدد قالت إيما أشفورد من معهد كاتو بواشنطن أن تلك القضايا الداخلية، فضلًا عن التدخل الروسي القوي في سوريا، تعني أن أي فرصة على المدى القريب للتوصل إلى حل سياسي يتضمن تخلي الأسد عن السلطة قد انتهت تقريبًا.

وأشارت أشفورد، “شهدت الأشهر الستة الماضية اتصالات متزايدة بين السعودية وروسيا، حيث بدأنا نرى القادة يعقدون الاجتماعات والمحادثات، كما كان هناك أمل في أن يساعد ذلك على التحرك نحو التوصل إلى تسوية سياسية”. “إلا أن الحملة العسكرية الروسية الجديدة يبدو أنها قتلت كل ذلك. وأظن أن (دول مجلس التعاون الخليجي) تسارع لمعرفة ما الذي يجب القيام به لأن نظام “الأسد” قد حصل بهذا التدخل العسكري الروسي على قوة كبيرة”.

ويحذر جون هربست، السفير الأميركي السابق في أوكرانيا والمدير الحالي لمركز باتريسيو أوراسيا التابع للمجلس الأطلسي، من أن هناك “أمل ضئيل” لتحقيق مثل هذا الهدف الذي تسعى إليه الولايات المتحدة المتمثل في أن تكون سوريا معتدلة ومستقرة، على الأقل على المدى القصير.

ويقول هربست، “أما على المدى الطويل، فقد تظهر آفاق الاتفاق التالي؛ يتنحى الأسد ويحل محله شخص آخر من الطائفة العلوية. ويتم اختيار ذلك الخليفة بالتشاور مع العشائر والسياسيين وقادة الأعمال البارزين السنيين، وتصبح تلك الجهات السنية البارزة جزءًا من حكومة انتقالية جديدة”.

واستطرد قائلًا: “سوف يظهر هذا الاحتمال بمجرد أن تتلقى روسيا ضربات موجعة من الجماعات المتطرفة الممسكة بزمام المبادرة مرة أخرى في مواجهة الأسد. وعند مواجهتها المعضلة التي أوضحتها أعلاه، تختار موسكو التخلي عن الأسد”. “ولكي يجدي ذلك نفعًا، سيكون علينا التأكد من أن دول الخليج وتركيا توقف جميع أشكال الدعم للجهاديين”.

ومع ذلك، فمن غير الواضح كيف رأى كل من السعوديين والروس الحل السياسي.

وفي هذا الإطار قال كريم بيطار، المتخصص في الشؤون العربية في معهد العلاقات الدولية والإستراتيجية بباريس: “بالنسبة للسعوديين، يبقى الهدف الاستراتيجي الرئيسي هو إسقاط نظام الأسد – وهو هدف لا يتفق والمصالح الروسية”.

وفي المقابل، “فإن سياسة الرئيس المصري السيسي تنسجم أكثر مع سياسة بوتين التي تسعى إلى إعادة إحياء المعسكر القومي الاستبدادي في مواجهة الحركات الإسلامية”.

وقال يزيد صايغ، الخبير في الشؤون السورية في مركز كارنيغي للشرق الأوسط، أنه حتى إن أرادت السعودية إسقاط النظام في دمشق، فإن سياستها الخارجية “مشوشة” كما يتضح من خلال تدخلها في اليمن.

وأضاف، “فهي لا تعرف ماذا يتوجب عليها أن تفعل وكيف تفعله. لقد نفذ صبر السعوديين” عندما يتعلق الأمر بسوريا.

دعم متزايد

زودت كل من الولايات المتحدة ودول الخليج الجماعات المتمردة داخل سوريا بالسلاح، برغم أن ذلك تم بطرق مختلفة.

ففي الوقت الذي مولت فيه دول الخليج العديد من الجماعات، كانت الولايات المتحدة بخيلة في دعمها؛ حيث اقتصر برنامج البنتاغون الخاص بتدريب وتسليح المقاتلين المعتدلين فقط على أولئك الراغبين في قتال تنظيم الدولة الإسلامية، تاركًا مجموعة واسعة من المقاتلين الأقوياء الذين هم أكثر اهتمامًا بقتال نظام الأسد.

وجدير بالذكر أن هذا البرنامج، الذي كلف الولايات المتحدة عشرات الملايين من الدولارات لتخريج حفنة صغيرة فقط من المقاتلين، توقف رسميًا الجمعة لصالح برنامج آخر أكثر مرونة لتجهيز المقاتلين.

كما أعلنت إدارة أوباما أنه بدلًا من تعليم وتدريب كل مقاتل، سيقوم البنتاغون بتعليم وتدريب مجموعة من القادة من مختلف الوحدات ثم تكليف هؤلاء القادة بتسليم المعدات التي قدمتها الولايات المتحدة – وذلك، بدوره، يزيد من خطر وقوع تلك المعدات في أيدي جماعات مثل جبهة النصرة.

ولمعالجة هذه المخاوف، سيفرض البرنامج قيودًا على تدفق الأسلحة والإمدادات المتطورة.

وقالت كريستين وورمث، وكيل وزارة الدفاع لشؤون السياسة، في تصريحات للصحفيين، “إننا سنقدم مزيدًا من أنواع المعدات الأساسية. وهذه هي إحدى الطرق التي سنحاول من خلالها الحد من هذه المخاطر نظرًا لأننا لا نقوم بتعليم وتدريب كل مقاتل”.

وأضافت، “إننا لا نتحدث بكل تأكيد عن بعض الأنواع المتطورة من المعدات” مثل الصواريخ التي تُطلق من على الكتف أو الأنظمة المحمولة المضادة للدبابات المعروفة باسم MANPADS.

وذلك يعني أن هذه المعدات لن تساعد كثيرًا في مواجهة القوات المسلحة الروسية بمعداتها الثقيلة التي تقدم الدعم حاليًا لقوات الأسد على الأرض، بما في ذلك الغارات الجوية وطلعات المروحيات اليومية.

وقال سامي الفرج، مستشار أمني كويتي لدى مجلس التعاون الخليجي، أنه على الرغم من أنه لم يتضح بعد ما إذا كانت دول الخليج لا ترغب في أن تدخل الجماعات السورية المسلحة التي تدعمها مع القوات الروسية في معركة، إلا أنه يتوقع أن تواصل دول الخليج تقديم الأسلحة إلى جماعات المعارضة، وأضاف أنها “لن تقدم لهم هذه الأسلحة بهدف قتال القوات الروسية في سوريا”.

هذا وقال قائد القوات البحرية الملكية السعودية السابق الأمير سلطان بن خالد الفيصل الأسبوع الماضي في مركز للدراسات الدولية والاستراتيجية بواشنطن أن روسيا وإيران لديهما “أوهام العظمة” حينما ينظران إلى قدراتهما العسكرية.

كما وصف تدخل موسكو العسكري لدعم نظام بشار الأسد بأنه “مجرد خطوة لإثارة مشكلة” تسوية الحرب الأهلية.

أما بالنسبة لدور الولايات المتحدة في المنطقة، قال الأمير سلطان، “يمكن أن يكون أكثر قوة”.

وأضاف أن الولايات المتحدة يمكنها أن تمارس “مزيدًا من الضغط على إيران كي تجبرها على الانسحاب من سوريا وإعادة تابعيها إلى لبنان، ولكن ينبغي على إدارة أوباما “أن ترغب في القيام بذلك” اقتصاديًا ودبلوماسيًا وعسكريًا، إذا لزم الأمر.

التحالف الذي تقوده روسيا

في الوقت الذي يواجه فيه التحالف الأمريكي الخليجي اقتتالًا داخليًا، انعقد تحالف آخر قوي بين روسيا وإيران والعراق وحكومة الأسد.

وبالنسبة للمحللين المقيمين في الولايات المتحدة، فإن علاقة أكثر رسمية بين إيران وروسيا وسوريا لا تعد عاملًا كبيرًا كي تغير قواعد اللعبة. فبعد كل شيء، كان لديهم شكلًا من أشكال العلاقات القائمة لبعض الوقت، حيث كانت روسيا وإيران تدعمان نظام الأسد منذ صعود تنظيم الدولة الإسلامية على الساحة.

ويكمن التغيير الحقيقي في تحول العراق نحو إيران وروسيا، الخطوة التي تبدو أنها تخلق شرخًا في العلاقات بين الولايات المتحدة ورئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي.

وقالت أشفورد، “إننا لا نزال ننظر إلى العراق باعتبارها حليفة لنا، ونحن نعمل معها لمواجهة تنظيم الدولة الإسلامية معًا، ولكن يبدو على نحو متزايد أن الحكومة العراقية تجد راحة أكثر في العمل مع الروس والإيرانيين، وحتى قد تبدأ في مطالبة الروس بالتدخل في العراق من خلال شن غارات جوية”. “ولذا فإن الموقف مختلف تمامًا في العراق”.

وأكثر جزء ملفت للانتباه في التحالف هو ذلك الاتفاق الجديد بين الدول الحليفة، الذي أُعلن عنه في 28 سبتمبر، بأن العراق ستتبادل المعلومات الاستخباراتية مع إيران وروسيا وحكومة الأسد.

ويُذكر أن الولايات المتحدة تتبادل بشكل واضح قدرًا كبيرًا من المعلومات مع الحكومة العراقية، مما يزيد من مخاوف أن يتم تمرير المعلومات الاستخباراتية الأمريكية إلى شركاء العراق الجدد – حيث يؤدي ذلك إلى تقديم مجموعة كبيرة من المعلومات التكتيكية والاستراتيجية الأمريكية إلى حكومة الأسد.

وخلال جلسة استماع لجنة القوات المسلحة بمجلس الشيوخ التي عقدت في 29 من سبتمبر الماضي، اعترف نائب وزير الدفاع بوب وورك أن البنتاغون أُخذ “على حين غرة” عندما دخلت العراق في اتفاق لتبادل المعلومات الاستخباراتية مع إيران وسوريا وروسيا.

وقال وورك: “من الواضح أننا لا نتبادل المعلومات الاستخباراتية مع سوريا أو روسيا أو إيران”. “نحن بصدد العمل في محاولة لمعرفة ما الذي أفصحت عنه العراق بالضبط. فمن المؤكد أننا لا نقوم بتقديم معلومات سرية لمساعدة تلك الجهات الفاعلة على أرض المعركة”.

ومع ذلك، قال أحد المسؤولين في البنتاغون أن وزارة الدفاع لم تشعر بقلق مفرط إزاء ذلك، ومرة أخرى نظرًا لأن العلاقات القائمة بين العراق والأسد لا تُعد، في الأساس، شيئًا جديدًا حقًا.

كما قلل فريدريك هوف، المستشار الأمريكي السابق الخاص بالفترة الانتقالية في سوريا، أيضًا من اتفاقية تبادل المعلومات الاستخباراتية واصفًا إياها بأنها “ليست بشأن تبادل المعلومات الاستخباراتية أكثر من كونها عبارة عن وضع علامة تعجب على ادعاء السيد بوتين بأنه يمكن وينبغي مواجهة داعش فقط من خلال حكومات إقليمية قائمة”.

ويقول هوف أن بوتين: “لا يريد شيئًا أكثر من إعادة ترميم نظام عميله: بشار الأسد. إن هذه الاتفاقية تهدف إلى تعزيز موقف روسيا المؤيد للأسد”.



تنفيذ و استضافة وتطوير ميكس ميديا لحلول الويب تنفيذ شركة ميكس ميديا للخدمات الإعلامية 2023