- الاحتلال لا يملك القدرة على إسكات الغضب الفلسطيني ومواجهة الشباب المنتفض
- الانتفاضة ستشهد تصاعدًا في وتيرتها مع تغييرات في التكتيكات والأداء والأدوات
- السلطة تمارس موقفًا غريبًا إزاء الانتفاضة والشباب لم يعد يثق بها
- من مصلحة السلطة تبني الانتفاضة لأنها أقصر الطرق للوصول إلى الحقوق
- دعم غزة لانتفاضة القدس أفشل المخطط الإسرائيلي بحرب جديدة عليها
- الانتفاضة أحدثت حالة من الاستنزاف اليومي للاحتلال، لن يستطيع تحمله على المدى البعيد
- دولة الاحتلال ستقع في خطأ إستراتيجي وعسكري كبير لو قررت اجتياح الضفة الغربية أو إعادة احتلالها
- الحركات الإسلامية في الداخل تتمدد وتزداد قوة، وحرب إسرائيل عليها لن يجدي نفعًا
أكد الباحث الفلسطيني والخبير بالشأن الإسرائيلي، سمير حمتو، أن الانتفاضة في القدس والضفة تشكل عامل إرهاق كبير للوضع الإسرائيلي سواءً السياسي أو الاقتصادي أو الأمني أو المعنوي، وقد أحدثت -إضافة إلى عمليات الطعن اليومية- آثارًا كبيرة ألقت بظلالها على المجتمع الإسرائيلي.
وتناول “حمتو” -في حوار خاص مع شبكة “رصد”- الأوضاع المشتعلة حاليًا بين الفلسطينيين والجانب الإسرائيلي، وتوقعاته لما ستسفر عنه الانتفاضة الفلسطينية في الأيام القادمة.
وإلى نص الحوار..
** بداية، نود أن نعرف رؤيتكم بشكل عام للوضع في الداخل الفلسطيني الآن؟
– باعتقادي أن الوضع الداخلي الفلسطيني يقف الآن على مفترق طرق مهم ومنعطف تاريخي؛ حيث يلتحم الشعب الفلسطيني بكل تياراته واتجاهاته وأطيافه في بوتقة واحدة عنوانها التمرد على الواقع الأليم الذي خلفته عشرين سنة من المفاوضات العبثية مع دولة الاحتلال وما تخللها من إهدار لكرامة الفلسطيني والاستيلاء على أكثر من 80% من أراضي الضفة الغربية وغزوها بالمستوطنات، بالإضافة إلى الاعتداءات اليومية المتكررة على شعبنا وعلى مقدساته وعلى المسجد الأقصى واستباحته بشكل يومي وتدنيسه من قبل المستوطنين، مما شكل رافعة قوية للشعب الفلسطيني أن ينتفض من جديد ويثأر لكرامته ولشهدائه ومقدساته في انتفاضة شعبية رائعة يقودها جيل الشباب الذي ولد بعد توقع اتفاق أوسلو.
الانتفاضة ستتواصل
** ما رؤيتكم لما ستسفر عنه هذه الأحداث؟
– أعتقد أن الانتفاضة ستتواصل خلال الأيام القادمة لعدة أسباب؛ أول هذه الأسباب الطريقة القمعية التي يتعامل بها الاحتلال مع الأحداث الجارية وارتكابه مزيد من الجرائم بحق الشعب الفلسطيني، وهذا يولد شعورًا بالغضب والتحدي لدى المنتفضين.
ثانيًا لأن الاحتلال لا يملك القدرة على إسكات الغضب الفلسطيني ومواجهة الشباب المنتفض، خاصة أن الانتفاضة تتصاعد وتيرتها وتمتد إلى قرى ومدن لم تشهد أية تحركات كما نشهد يوميًا عمليات طعن، وأيضًا مشاركة الشعب الفلسطيني في الأراضي المحتلة عام 48 في الأحداث هذا يشكل عامل قلق للاحتلال.
والسبب الثالث هو استمرار الأسباب التي اندلعت من أجلها وهي استمرار الاستفزازات الإسرائيلية في القدس واستمرار الاقتحامات للمسجد الأقصى من قبل المستوطنين وغيرها من الاستفزازات على الحواجز وفي نقاط التماس المنتشرة في كل المدن والقرى الفلسطينية.
لذلك نتوقع أن تشهد الانتفاضة تصاعدًا في وتيرتها مع تغييرات في التكتيكات في الأداء والأدوات لأن رجال الميدان مصممون على الاستمرار حتى تحقق أهدافها في دحر الاحتلال، ووقف الممارسات التعسفية بحق الشعب والمقدسات.
** هل ترى أن السلطة الفلسطينية تعاملت بالشكل المطلوب مع الأحداث الجارية الآن؟
– في الواقع أن السلطة تمارس موقفًا غريبًا إزاء نظرتها للانتفاضة فهي تلتزم حالة من الصمت إزاء ما يجري من أحداث، وكأن الأمر لا يعنيها، وكان من المفروض على الأقل أن تعلن وقف التنسيق الأمني مع الاحتلال، ووقف العمل بالاتفاقيات لحين تحقيق الأهداف المرجوة وأرى أن هذا الموقف يزيد الأمور احتقانًا ويدفع بالشباب للمزيد من التصعيد والتحدي لأنهم لم يعودوا يثقوا بالسلطة.
غزة وانتفاضة القدس
** ما الذي ينتظره محمود عباس كي “يلغي أو يعدل” اتفاقية أوسلو وأيضًا التنسيق؟
– أعتقد أن الرئيس محمود عباس يراهن على عامل الوقت وينتظر ما ستؤول إليه الأمور الميدانية هل تهدأ أم تتصاعد، وفي حال هدوئها يكون كل شيء قد انتهى، أما في حال استمرارها قد تكون هناك مواقف يتوقعها كل إنسان حر، على الأقل وقف التنسيق الأمني، وأرى من مصلحة السلطة تبني الانتفاضة لأنها أقصر الطرق للوصول إلى الحقوق، بدلًا من التعويل على مفاوضات عبثية ضيعت الحقوق وعمقت الاحتلال.
** ابتعاد المقاومة في غزة “حماس والجهاد” عن ما يحدث في الداخل الفلسطيني -ليس سوى تصريحات- هل ترى أنه يخدم الانتفاضة؟
– أعتقد أن المقاومة في غزة تتابع باهتمام ما يجري في الضفة والقدس والداخل الفلسطيني، وتسهم بشكل فاعل في توجيه الأمور الوجهة الصحيحة من خلال التواصل مع قيادات التنظيمات في الضفة والقدس وعناصرها لضمان استمرارية الانتفاضة وتأجيجها، وكذلك حدثت العديد من الأحداث على الحدود الشرقية مع القطاع راح ضحيتها أكثر من عشرة شهداء، وعشرات الإصابات وفي المقابل تحرص التنظيمات على عدم الدخول في مواجهة مع الاحتلال في غزة لعدة اعتبارات ، أولها أن طبيعة التعامل الإسرائيلي يختلف مع غزة حيث يتسم بالعنف الشديد؛ حيث تعامل الاحتلال مع المتظاهرين على الحدود الشرقية بعنف وقوة مفرطة، وقتل خلال ساعات ثمانية شبان وهو ثلث الذين استشهدوا خلال أيام الانتفاضة في الضفة والقدس.
والاعتبار الثاني أن حكومة الاحتلال معنية بالتصعيد في غزة، وجر غزة لمواجهة عسكرية، تطلق خلالها المقاومة الصواريخ على مدن “إسرائيلية” لاتخاذها ذريعة لشن حرب رابعة على غزة ومن ثم حرف الأنظار عما يجري في الضفة والقدس، وتخفيف وطأة الأحداث على جيشها، وتصدير أزماتها على غزة، مما يعني نقل زخم الأحداث من الضفة والقدس إلى غزة، وهذا ما تحذر منه المقاومة في غزة، وتسعى لإفشال المخطط الإسرائيلي، وتحرص على دعم الانتفاضة في الضفة والقدس.
.jpg)
إرهاق لإسرائيل
** ماذا لو نجحت هذه الانتفاضة؟ ما المخاطر المباشرة وغير المباشرة على إسرائيل؟
– أعتقد أن الانتفاضة ستنجح لعدة أسباب في مقدمتها استمرار الانتهاكات الإسرائيلية في الضفة والقدس وغزة، وخصوصًا على الحواجز العسكرية ومحيط المستوطنات الجاثمة على أراضينا المحتلة، وكذلك استمرارالاستفزازات في القدس ومحاولات الاستيلاء على المسجد الأقصى.
كما أن حالة الاحتقان والغضب الفلسطيني على ممارسات الاحتلال ، وعدم حدوث تقدم على الصعيد السياسي رغم مرور 20 عامًا على المفاوضات، أوصلت الفلسطينيين إلى شعور بالرغبة في عدم العودة للوضع السابق، والاستمرار في الانتفاضة حتى تحقيق أهدافها المشروعة، وفي مقدمتها رحيل الاحتلال عن الضفة ووقف الانتهاكات في القدس.
وأستطيع تأكيد أن أستمرار الانتفاضة ونجاحها سيشكل عامل إرهاق كبير للوضع الإسرائيلي سواء السياسي أوالاقتصادي أوالأمني أوالمعنوي، وقد أحدثت الانتفاضة وعمليات الطعن اليومية ، آثارًا كبيرة ألقت بظلالها على المجتمع الإسرائيلي، فبدأ الاقتصاد الإسرائيلي يتعرض لخسائر بسبب عدم قدرة العمال على الوصول إلى أماكن عملهم، كما أن الحركة السياحية تأثرت بشكل كبير، باعتراف الاسرائيليين، وأصبحت الشوارع خالية من المارة بسبب الخوف الشديد ، مما يعني أن الانتفاضة أحدثت حالة من الاستنزاف اليومي لدولة الاحتلال، لن يكون بمقدورها تحمله على المدى البعيد، ولن يبقى أمام إسرائيل سوى الرضوخ لشباب الانتفاضة، وتحقيق ما يسعون إليه من أهداف، وفي مقدمتها الانسحاب من بعض المدن، وتحفيف حالة الاحتقان، أو أن ترتكب إسرائيل حماقة جديدة باجتياح الضفة الغربية، أو إعادة احتلالها وهذا سيكون خطأ استراتيجي وعسكري كبير ستدفع اسرائيل ثمنه غاليًا.
طعنة في ظهر الانتفاضة
** نود أن نعرف رأيكم في التناول الإعلامي لعمليات الطعن سواءً بنشر صور المطعونين أو نشر صور المنفذين؟
– التناول الإعلامي لعمليات الطعن له سلبياته، وله إيجابياته؛ فهو يشكل تشجيعًا للشبان الغاضبين، للقيام بالمزيد من عمليات الطعن، ومن إيجابياته أنه يظهر الفلسطيني على حقيقته، وهي أنه الضحية ولا يملك إلا أسلحة بسيطة، مقابل أعتى أنواع الأسلحة، كما يظهر الجرأة والشجاعة التي يمتلكها الفلسطينيين مقابل جنود مدججين بالأسلحة، وفي المقابل يظهر حالة الخوف والذعر والجبن التي تنتاب اليهود من الفلسطينيين، رغم قلة إمكانياتهم.
أما الجوانب السلبية في التناول الإعلامي؛ فهي للأسف تناول الإعلام الغربي للقضية، وتصويرهم للفلسطينيين بأنهم “دواعش” مع أن الحقيقة هي أننا شعب أعزل انتففض لكرامته، وليحرر أرضه، بأدوات بسيطة تتمثل في الحجر والسكين، في ظل قيام الدول العربية باستخدام أطنان من السلاح لقمع شعوبها المعارضة لها.
أما الإعلام العربي، فللأسف لم يقم بالدور المطلوب منه لدعم الانتفاضة، وإبراز معاناة الشعب الفلسطيني وفضح جرائم الاحتلال، والأخطر من ذلك قيام بعض وسائل الإعلام المصرية المأجورة بتصوير قتلى اليهود على أنهم شهداء، وتصوير الفلسطينيين على أنهم إرهابيون وبلطجية، وهذا للأسف طعنة في ظهر الانتفاضة.
 (10).jpg)
** إسرائيل تسعى الآن إلى حظر عمل الحركات الإسلامية داخل الأراضي المحتلة.. تعليق.
– إسرائيل تشن حرب بلا هوادة ضد الحركات الإسلامية في الداخل، وتعتقل قادة الحركة بين الفينة والأخرى وتفرض القيود عليهم، وتقيد تحركاتهم، وهذا مستمر وسيستمر، ولنا في الشيخ رائد صلاح أكبر مثال على ذلك، لكنه لم يجد نفعًا والحركات الإسلامية تتمدد وتزداد قوة.
