امتدت عمليات الاختطاف والإخفاء القسري التي تقوم بها الأجهزة الأمنية ضد الطلاب والنشطاء السياسيين وعدد من المواطنين، لتطال مؤخرًا الجماعة الصحفية؛ حيث تم رصد اختطاف أكثر من صحفي وإخفائه قسريًا لمدة ثم يتم الإعلان عن مكان اعتقاله بعد ذلك وقد جهزت له لائحة اتهامات، غالبًا ما تصفها أسرة الصحفي بأنها ملفقة.
في المقابل تنفي “وزارة الداخلية” بشكل دائم وجود أية عمليات اختفاء قسري لديها، سواء لصحفيين أو لغيرهم، معتبرين أن الحديث حول الاختفاء القسري في مصر يعد “أكذوبة إخوانية”، بحسب قول الداخلية.
.
وفي تصريحات صحفية سابقة لـ”مساعد وزير الداخلية لقطاع حقوق الإنسان اللواء صلاح فؤاد” فإن مصر لا يوجد فيها أي حالة إخفاء قسري لأي شخص”.
وطالب “فؤاد” في بيان سابق للداخلية من “يروجون هذه الادعاءات بإثبات صحتها، وتقديم الدليل على ما يقولون”، وقال مساعد وزير الداخلية إن المختفين ربما يكونون هربوا خارج مصر بطرق غير شرعية.
بلاغ من الصحفيين للنائب العام
وتقدمت نقابة الصحفيين ببلاغ للمستشار نبيل صادق النائب العام، تتهم فيه قوات الأمن بإخفاء الصحفيين هشام جعفر وحسام الدين السيد قسريًّا، بعد القبض عليهما يومي الأربعاء والخميس الماضيين.
وأوضحت النقابة فى بلاغها أن قوات الأمن ألقت القبض على الزميلين باقتحام منزليهما، واقتيادهما لمكان غير معلوم؛ الأمر الذي يعد اختفاءً قسريًّا لهما، ويخالف المادة 69 من القانون رقم 76 لسنة 1970 بإنشاء نقابة الصحفيين، وكذلك المادة 36 من قانون الإجراءات الجنائية، والمادة 54 من الدستور.
وذكر بلاغ النقابة أن المادة 54 من الدستور تنص على أن “الحرية الشخصية حق طبيعي، وهى مصونة لا تمس، وفيما عدا حالة التلبس لا يجوز القبض على أحد أو تفتيشه أو حبسه أو تقيد حريته بأي قيد إلا بأمر قضائي مسبب يستلزم التحقيق، ويجب أن يبلغ فورًا كل من تقيد حريته بأسباب ذلك، ويحاط بحقوقه كتابة، ويمكن من الاتصال بذويه وبمحاميه فورًا، وأن يقدم إلى سلطة التحقيق خلال أربع وعشرين ساعة من وقت تقييد حريته، ولا يبدأ التحقيق معه إلا في حضور محاميه، فإن لم يكن له محامٍ ندب له محامٍ، مع توفير المساعدة اللازمة لذوى الإعاقة وفقاً للإجراءات المقررة في القانون”.
وطالبت “الصحفيين” فى بلاغها بضرورة الإفراج الفورى عن الزميلين أو إخطارها بمكان احتجازهما والتهم المنسوبة إليهما، وميعاد عرضهما على النيابة العامة؛ حتى يتسنى حضور النقابة معهما.
كيفية التصعيد
وعلق خالد البلشي أمين الحريات بالنقابة قائلاً: “إننا في انتظار رد فعل الداخلية، وفي حال عدم استجابة الوزارة سيتم دراسة كيفية التصعيد “، مؤكدًا ضرورة إخلاء سبيلهما أو الكشف عن الاتهامات الموجهة إليهما.
فيما طالب أبو المعاطي السندوبي، عضو الجمعية العمومية لنقابة الصحفيين، بالحرية للزميلين المعتقلين حسام السيد وهشام جعفر، قائلاً: “من الواضح أن النظام الحالي عندما تتآكل شعبيته، يرفع من معدلاته في اعتقال الصحفيين لإرهابهم وإسكاتهم، ولكننا لن نخاف ولن نسكت”.
ناقوس خطر يواجه العمل الصحفي
وفى السياق ذاته أوضح بشير العدل، مقرر لجنة الدفاع عن استقلال الصحافة، أن ظاهرة الاختفاء القسري زادت في الآونة الأخيرة بشكل ملحوظ، وأصبحت ناقوس خطر جديدًا يواجه الوسط الصحفي والإعلامي، محملاً نقابة الصحفيين مسؤولية اعتقال الزميلين؛ لأنها مختصة بالدفاع عن أعضائها.
وطالب العدل بضرورة أن تعلن الدولة عن أماكن احتجاز الزميلين الصحفيين، رافضًا فى الوقت ذاته إيقاف الصحفي والقبض عليه دون الإعلان عن التهمة الموجهة له، مشددًا على أنه إذا كانت التهمة بسبب النشر والرأي، فهذا اختصاص نقابة الصحفيين وحدها.
وطالبت الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان السلطات المصرية بالكشف عن مكان الصحفيين المصريين “المختفيين قسريا”، “هشام جعفر”، و”خالد السيد” وإطلاق سراحهما.
اختطاف صحفي من المطار
وفي واقعة مشابهة تقدمت أسرة الزميل محمود مصطفى الصحفي بجريدة “النهار” منذ يومين ببلاغ للنائب العام، تتهم فيه وزارة الداخلية باعتقاله بمكان غير معلوم، وطالب البلاغ بالإفراج الفوري عن الصحفي.
وقال البلاغ: “إن مصطفى كان متوجهًا إلى لندن، مساء يوم الجمعة الماضي وفي تمام الساعة الثالثة استوقفته الأجهزة الأمنية بمطار القاهرة”.
وأضاف البلاغ: “حصل الصحفي على تأشيرة سارية من السفارة البريطانية للدراسة فى الخارج عقب حصوله على درجة الماجستير بامتياز”.
وحررت زوجة مصطفى شكوى الأحد الماضي بنقابة الصحفيين طالبت فيها بالتدخل والإفراج عن عن الزميل فورًا.
عدوان على حرية الصحافة والإعلام
وبحسب بيان قالت الشبكة العربية: إن قوات الأمن أقدمت فجرًا على اقتحام منزل الصحفي حسام السيد، الذي سبق له العمل مع جعفر أثناء عمل الأخير كمدير لموقع إسلام أونلاين (موقع غير حكومي سابق كان واسع الانتشار)، ولم يمكن التوصل إلى مكان السيد أو خلفية اعتقاله والتهم الموجهة إليه حتى الآن”.
وتابعت الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان أن “اقتحام قوات الأمن لمقر مؤسسة إعلامية بهذه الطريقة الخارجة عن أي إطار قانوني، يمثل انتهاكًا صارخًا للقانون والدستور بخلاف كونه عدوانًا سافرًا على حرية الصحافة والإعلام”.
وأعربت الشبكة العربية عن بالغ قلقها على سلامة كل من “هشام جعفر” مدير مؤسسة “مدى”، وعضو نقابة الصحفيين “حسام السيد”، اللذين يعتبران في حالة من الإخفاء القسري إلى حين إطلاق سراحهما أو إعلان السلطات ذات الصلة عن مكانهما، بحسب البيان.
وأكدت الشبكة أن “أية إجراءات قانونية تتخذ في حق جعفر أو السيد لاحقًا تعد باطلة؛ نظرًا لعدم قانونية الطريقة التي تم بها ضبطهما واحتجازهما”.